السيدة الوزيرة، حكاية مائدة الإفطار الدولية أعادت الى ذاكرتي قصة إمرأة كانت تعنف من قبل زوجها وكان وضعها العائلي يسوده العنف والحزن، إلا أن هذه المرأة كلما خرجت الى الشارع كانت تتزين وتتجمل وتلبس أحلى ما عندها من ثياب علها تخفي مأساتها الحقيقية. فكان الجميع يكتفي بالإبتسامة لها دون أن يحاولوا زيارتها أو الإقتراب منها لأنها وحتى إن بدت بمظهر جميل لم توفق في كتم الصراخ اللذي كان يملأ أرجاء الحي في كل مرة تعنف فيها المسكينة. ظلت هذه المرأة على هذا الحال إلى أن إستيقض أهالي الحي ذات يوم على خبر قتلها من طرف زوجها العنيف. لا أدرى في مجتمعنا هذا اللذي لا يرحم هل كانت هذه المراة محقة في ما قامت به أم لا، و لكن كل ما أعلمه أن هاجسها الأول كان صورتها الجميلة أمام نساء الحي فإنشغلت بها و نسيت أن تضع حد للعنف المسلط عليها من الزوج، فكان قدرها أن خسرت حياتها دون أن تنجح في تجميل صورتها أمام نساء الحي. سيدتي سياستك في وزارة السياحة التي لم تتجاوز البهرج و المظهر و القرارات السطحية التي لا تغني و لا تسمن من جوع جعلتني أحدثك عن هذه المرأة، فمن أكبر علم إلى المائدة الدولية التي صرفت عليها مئات الملايين من الدنانير أتمنى عليك ان تحدثينا عن نجاعة ذلك في النهوض بالسياحة التونسية و رجائنا أن لا تكلمينا بلغة الشعارات فإننا لا نفقه لغة عدى لغة الأفعال و الأرقام. حديثينا سيدة الوزيرة كيف تعتقدين أنك سترجعين السائح الأجنبي الى بلدنا بصورة مائدة إفطار فاخرة يحرسها عدد من الجنود و الأمنيين يكاد يفوق عدد المدعوين. عندما فكرت أن هذه الصورة قد تخدع السائح الأجنبي ليمتطي الجو و يشق البحار غير مبال بالأخبار العالمية التي تصف تونس بأكبر مصدر للإرهابيين و لا مكترثا بتفاصيل مجزرة سوسة التي تصدرت عناوين أكبر الصحف العالمية، كان عليك أن تفكري و كأضعف الإيمان في إستثمار هذه الأموال في تجهيزات عصرية و متطورة لحماية النزل حتى لا يدخل الإرهابي النزل حاملا سلاحه كأنه يدخل منزل والديه. عندما تتحدثين عن مائدة الإفطار الدولية على أنها رسالة للإرهابيين بأن تونس تنتصر ويتناقلها عنك بعض المواقع والجرائد ووسائل الاعلام وكأنها إنجازا تاريخيا، فأعذريني سيدتي فأنت لم تدركي بعد أن الحرب على الإرهاب حربا ميدانية؛ الأكثر تجندا و استعدادا لها هو اللذي سينتصر، لا المسيرات و لا موائد الإفطار و لا أكبر علم قادر على هزم الإرهاب أو إضعافه. فقط التجند له بجميع المعدات والتجهيزات و النهوض بالشباب المهمش وحسن التصرف في مواردنا هو اللذي سيجعلنا ننتصر في هذه الحرب. سيدتي كوني تونسية مثلك و مثل المرأة التي حدثتك عنها أحب الحياة و أحب الصورة الجميلة و البهرج. كما أدعو إلى التسامح بين الأديان. كانت ستسعدني مائدتكم لو صرف عليها من أموالك الخاصة. أما كون الأموال التي صرفت عليها هي أموال التونسيين فإني أعلمك أن أولياتنا ليست إفطار الألف شخصية التي استدعيتموها وانما إفطار الجندي اللذي يحرسنا في الجبال و الشاب المهمش الذي نال منه الإرهاب و أيتام شهدائنا و أمهاتهم اللاتي لم تجف دموعهن بعد. سيدتي، أقصى ما توصلتي له هذه المرة هو صرف مئات الملايين من الدنانير في صورة توحي إلى الأمن والأمان المفتعل ولا ينخدع بها إلا الأبله. أسالك سيدة الوزيرة ما هو برنامجك للضربة القادمة لا قدر الله خاصة وأن الدراسات في هذا الشأن تتوقع ضربة أقوى و أعنف من ضربة سوسة؟ و السلام مواطنة تونسية