سجّلت تونس أمس الاحد مشاركتها في افتتاح القمة الافريقية بكيغالي في رواندا وقد قام وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي بتمثيل الجمهورية التونسية حيث ألقى كلمة باسم الرئيس الباجي قائد السبسي. المشاركة التونسية في المحفل الافريقي لم تحظ باهتمام اعلامي تونسي كبير رغم أهمية الحدث الذي كان يفترض أنّه يمثّل فرصة هامة يمكن استغلالها بحثا عن استرداد تونس لمكانتها الطلائعية دبلوماسيا واقتصادية في القارة السمراء. "أنا أعرف إفريقيا وثقافاتها، أكثر مما قد يدعيه بعض الآخرين.فبفضل زياراتي المتعددة لإفريقيا، أعرف أيضا حقيقة الوضع على الأرض." هذه الكلمات التي تضمنتها رسالة ملك المغرب محمد السادس للقمة الافريقية والتي تمّ فيها طلب استعادة العضوية بالاتحاد الافريقي قد تلخص الفروقات الحالية بين السياسة الخارجية لتونس في زمن ما بعد الثورة وما شهدتها من ضمور وتخبط في ظلّ عدم وضوح الرؤية لاسيما في علاقة بأهمية القارة الافريقية في المعادلة الدبلوماسية الاستراتيجية ونظيرتها المغربية التي يبدو من الواضح أنّ بوصلتها تسير في الاتجاه الصحيح وبالآليات المطلوبة. يجمع الخبراء وأصحاب المال والأعمال على أهمية السوق الافريقية التي تشهد منذ سنوات حربا باردة بين عديد الدول من بينها تركيا والمغرب الاقصى والصين للظفر بموطئ قدم في مجال اسثماري حيوي قد يجوز وصفه بالبكر. في المقابل فإنّ مازال الحضور التونسي فيه مازال باهتا وما أدلّ على ذلك المشاركة الحالية في القمة الافريقية في دورتها ال27. لا شكّ في أنّ الوعي لدى ساسة بلاد "فريقيا" التسمية القديمة لتونس التي لا نعلم اليوم على أيّ قدم ترقص دبلوماسيتها أم أنّها أصحت مبتورة أو مشلولة، مازال ضعيفا بحتمية ضرورة استعادة الدولة التونسية لموقعها الدبلوماسي الوازن و الرائد على الصعيد الافريقي،في الوقت الذي تتمدّد فيه دول أخرى منافسة بحنكة وشجاعة فتحت لها آفاقا كبيرة. إنّ الرهان على القارة الافريقية كوجهة اقتصادية واستثمارية تقوم على قاعدة التعاون والشراكة لا يمكن أن تتم دون الانفتاح على أهل الذكر على غرار المشرفين على مجلس الاعمال الافريقي-التونسي وكنفدرالية مؤسسات المواطنة التونسية"كوناكت" وغيرها من الهياكل التي قطعت أشواطا كبيرة في سبر أغوار قارّة غنيّة بالآفاق المستقبلية. كما أنّ الدولة التونسية بمؤسساتها وهياكلها وخاصة جهازها الدبلوماسي مطالبة برسم استراتيجية متكاملة إزاء هذه المسألة الهامّة. ومن المؤسف اليوم أنّ يكون الحضور التونسي في هذا المحفل الافريقي أشبه بالوضعية التي تنطبق عليها المقولة الساخرة "العبرة في المشاركة" حينما نفشل على الصعيد الرياضي في المسابقات الدولية أو القارية الكبرى.