قال أستاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن والمحلل السياسي عبد اللّطيف الحنّاشي إنّ تونس تعيش أزمة مركبة على الصّعيد الاجتماعي و الاقتصادي والمالي و السّياسيّ في ظل حكومة جديدة لم تحض بموافقة جميع الأطراف، موضّحا أنّ تونس مقبلة في 2017 على إصلاح هيكلي واسع يستجيب لشروط مؤسّسات النّقد الدّولي،الأمر الذي سينجرّ عنه اتخاذ قرارات مؤلمة و موجعة تنعكس بالسلب على عموم الطبقات والفئات الاجتماعية الوسطى والدنيا خاصة، وذلك بإعادة النظر في بعض القوانين وخوصصة بعض القطاعات، على حد تعبيره. وأكّد الحنّاشي في تصريح لحقائق أون لاين، اليوم الثلاثاء 23 اوت 2016، أنّ هذه الإصلاحات ستكون على حساب المواطن التّونسي، محذّرا من دخول تونس في نفق مظلم في حال لم تتكاتف كل الأطراف السياسية والاجتماعيّة. وعن التحاق بعض النقابيين بحكومة يوسف الشاهد، قال محدّثنا إن هذا الأمر من شأنه أن يحرج الاتحاد العام التّونسيّ للشّغل حينما تتعارض مواقفه مع الحكومة من جهة وحينما تتماهى معها فتتعارض مع القاعدة العريضة والأطراف اليساريّة السياسيّة والمنضويّة تحت لواء الاتّحاد من جهة أخرى، مشددا على أنّ المرحلة القادمة ستشهد اصطفافات سياسية جديدة ... وفي سياق متّصل أكّد أن التحاق "أهم منظري سياسة الإتحاد" سابقا بحكومة يوسف الشاهد سيعطيها بعض الدّفع، مشيرا إلى أنّ النقابيين اللذين شاركوا بشكل شخصي في حكومة الشاهد يحملون نفس رؤية الاتحاد. وفيما يتعلّق بموقف الجبهة الشعبية من حكومة الشّاهد قال الحنّاشي إنّ مواقف الجبهة ايديولوجية وإن الوضع الشّائك للبلاد يتطلب التفاعل مع الواقع بمرونة، لافتا إلى أنّه من المفروض أن لا تسقط بعض القوى اليسارية النظريات على الواقع بل من المفروض أن تقرأ الواقع من خلال النظرية... وعن تصريح النّاطق الرسمي باسم الجبهة الشعبيّة حمة الهمامي الذي قال فيه إنّ أحزاب المعارضة التي شاركت في حكومة الشّاهد لم تعد صديقة للجبهة، أكد أنه اذا صحّ هذا التصريح فيكون تصريحا متسرعا ومن المفروض التروّي قبل إطلاق مثل هذه التصريحات ففي السياسة لا توجد صداقات أو تحالفات دائمة كما لا توجد عدواة دائمة، وقد تحصل خلافات أو تباينات في المواقف بين الحزب الواحد او داخل جبهة واحدة غير ان ذلك من المفروض ان لا يؤثر على البنية التنظيمية أو التوجهات العامة. من جهة أخرى ابرز الحناشي انه من المحتمل تضخّم الخلافات والتباينات داخل بعض الأحزاب والتجمعات السياسية التي قد ينجرّ عنها انشقاقات،على حد قوله. وفي سياق متصل شدد على أن الواقع السياسي والحزبي متحرك في ظل مرحلة الانتقال الديمقراطي، معتبرا أن التجربة السياسية لجل الأحزاب في الساحة محدودة لذلك يبدو سلوكها السياسي مرتبكا وأحيانا متناقضا وربما مهزوزا خاصة تلك التي برزت بعد الثورة . ولفت الحنّاشي إلى أنّ حركة النهضة تبدو من اكثر الاحزاب السياسية ممارسة للعقلانية السياسية ومن اكثر الأحزاب إدراكا لطبيعة المرحلة ببعدها الوطني والإقليمي والدولي لذلك تبدو مواقفها السياسية مرنة متحوّلة موحّدة برغم التباينات الحادة داخل جسمها التنظيمي المركزي. وقد دعا الحناشي جميع الأحزاب السياسية إلى ضروروة الوعي بخطورة الاوضاع التي تمرّ بها البلاد وتحديد المواقف الآنية بعقلانية وواقعية وبتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية او الشخصية