قال مارتن شاينين المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب في آخر يوم من زيارته الرسمية إلى تونس التي ابتدأها يوم 22 جانفي الجاري، إنّ الهوة بين القانون والواقع كانت أكثر بواعث القلق خلال مهمّة التقصي التي قام بها. ومن أبرز ما رصد في هذا السياق باعتراف السلطات نفسها أنّ تاريخ الاحتفاظ بالمشتبه بهم المدوّن على الملفات هو لاحق على تاريخ الاحتجاز الفعلي، مما يؤدى إلى تلافي القواعد المعنية بفترة الاحتفاظ المسموح بها لدى الشرطة، ويكون الشخص بمقتضى ذلك في عداد الاحتجاز السري أو الاختفاء. كما أشار إلى اللجوء المتكرر للاعترافات كأدلة مقدمة إلى المحاكم دون إجراء تحقيقات جدّية في ادعاءات التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، هذا بالإضافة إلى عدم كفاية الضمانات ضد التعذيب كالحصول على فحوصات طبية مستقلة وإنابة المحامي منذ لحظة الاعتقال عوضاَ عن الانتظار إلى حين المثول الأول أمام قاضي التحقيق. وشدّد مارتين شاينين على ضرورة اعتماد السلطات للتوصيات التي وجهت إليها سابقا من عدد من هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وفيما يتعلق بالإطار القانوني، رحّب المقرر الأممي ببعض التعديلات التي أدخلت الصائفة الماضية على قانون مكافحة الإرهاب بالتخلي عن جريمة التحريض على الكراهية وإلغاء نظام "القضاة مجهولي الهوية" وكذلك تعزيز الضمانات المرتبطة بتمديد فترة الاحتجاز الاحتياطي. لكنّه أشار إلى أنّ القانون التونسي على غرار دول أخرى يتضمن أوجه نقص تكمن في تعريف الإرهاب، على أنّ تونس تختلف عن دول أخرى بالمعاقبة في معظم القضايا على مجرد نوايا "التخطيط" أو "العضوية" إلى منظمات أو مجموعات غير معرّفة بشكل واضح. وانتبه شاينين إلى أنّ "الإرهاب" ليس بظاهرة يومية في تونس، وأنّ نطاق تطبيق أحكام الإرهاب قد توسّع أكثر مما ينبغي. وهو ما اعتبره منزلقا خطيرا لا يؤدي فحسب إلى إدانة أشخاص لا يستحقون وصمة"بالإرهاب" بل يهدد فعالية مكافحة الإرهاب، وفق تعبيره. وذكر المقرر الخاص أنّه تمكّن من إجراء مناقشات مفتوحة وشاملة مع العديد من المسؤولين الحكوميين ومنظمات المجتمع المدني فيما يتعلق بقانون البلاد وممارساتها في مجال مكافحة الإرهاب، كما زار مركز الاحتفاظ ببوشوشة وسجن المرناڤية حيث قابل عددا من المحكوم عليهم بجرائم الإرهاب. وأشار إلى أنّ السلطات تعاملت معه خلال زيارته بروح من الشفافية في جوانب عدة، غير أنه تم رفض طلباته المتكررة للذهاب إلى مكاتب التحقيق في إدارة أمن الدولة. جدير بالذكر أنّ المقرر المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب سيواصل إعداد تقريره عن مهمة التقصي في تونس وسيتم نشر تقريره الخريف المقبل.