أحدهما قصير القامة، نحيل و الآخر ضخم الجثة، أصلع، بجانبهما يقف محام يحاول ترجمة أسئلة القاضي المطنبة في التفاصيل. المتهمان ماليّا الجنسية، كان الأول يعمل موظفا بالبنك الإفريقي للتنمية وقد حاول، حسب ما ورد بقرار دائرة الإتهام، استغلال وظيفته لتدليس أوراق نقدية تصل قيمتها إلى ما يقارب 260 ألف دينار، ما أدّى إلى إحالته على الدائرة الجنائية بتهمة التحيّل و تدليس عملة و عرضها وفق مقتضيات الفصل 291 من المجلة الجزائية فيما يحال الثاني كشريك في نفس الجرم.
بالإنتقال إلى الدائرة الجنائية الرابعة، كانت القاعة شبه فارغة بوجود محاميين و مترجم يقف إلى جانب متهم إيطالي، أكل الشيب رأسه و بعض أعوان الأمن الذين سئموا الوقوف طوال جلسة تجاوزت مدّتها الساعتين.
المتهم كان وكيلا بشركة يملكها تقريبا مناصفة مع الشاكي الإيطالي الجنسية أيضا. القضية كانت قد أثيرت منذ سنة 2007، و التهمة هي اختلاس المضنون فيه لما يقارب سبعين ألف دينار من أموال الشركة.
محامي الدفاع أكّد على أن القضية كان يجب أن تكون من أنظار التحكيم لوجود بند صلب العقد المؤسس للشركة يوجب التوجه للتحكيم إذا نشب نزاع بين الشركاء و أن الأموال التي يزعم الشاكي أن المتهم اختلسها إنما هي امتيازات أسندتها له الشركة بموجب محضر جلسة وافق عليه الشاكي نفسه.
أمّا القائم بالحق الشخصي فقد أكّد أن محضر الجلسة الذي اسند عليه الدفاع لا يعتدّ به لأنه لم ينشر و لم يضمّن بالسجلّ التجاري للشركة التي لم يعد المتهم شريكا فيها بعد أن تمّ عزله منها.