ما يزال الوضع متوتّرا وقابلا للمزيد من التطوّر السلبي في "بنقردان"، خاصّة مع التعزيزات الأمنية الضخمة التي نقلت إلى الجهة من مختلف مناطق البلاد والتي اعتبرها الأهالي مزيدا من الاستفزاز والإفراط في استعمال القوّة لحلّ المشاكل العالقة، وذلك رغم الهدوء النسبي الذي شهدته المنطقة مساء الخميس الجاري. آخر المعطيات المتوفّرة لدينا تفيد بأن تصعيدا جديدا للاحتجاجات قام به الأهالي ليلة الخميس 19 أوت الجاري قبيل منتصف الليل على إثر قيام عناصر من الأمن بمداهمة محلّ تجاري بمنطقة جلال والاعتداء بالعنف على من وجدوا فيه، حيث قام الأهالي الغاضبون – وفي ردّ مباشر على هذا الاعتداء – بإشعال النيران على كامل الطريق الرئيسية رقم 1، فيما تجمّعت قوّات الأمن على مبعدة من المحتجّين في استعداد للتدخّل في كلّ لحظة. كما شهدت الليلة الفاصلة بين الإربعاء والخميس الماضي مواجهات عنيفة بين الشباب المحتجّ وبين قوّات الأمن - حسب مصادر كلمة بالجهة - فقد عمد بعض الشباب الغاضبين إلى إحراق سيّارة أمن كبيرة "باقة" كما أصيب عدد من أعوان الأمن بوابل من الحجارة التي ألقيت عليهم الأمر الذي استوجب نقل بعضهم إلى المستشفى. وقامت قوّات الأمن بتفريق المتظاهرين باستعمال القنابل المسيلة للدموع بكثافة، كما عمدت إلى إلى تهشيم زجاج واجهات عدد من محلاّت الموادّ الغذائية بطريق راس جدير وبعثرة محتوياتها وساهمت سلوكاتهم غير القانونية في إشعال غضب المحتجّين، وذلك على غرار ما وقع في الرديّف أثناء انتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008. واستمرّت المواجهات بين الشباب المنتفض في بنقردان وقوّات الأمن عشيّة يوم الخميس 19 أوت الجاري، وأغلقت مداخل "الزكرة" و"جلال" وأشعلت فيها النيران من قبل المحتجّين. كما انتقلت المواجهات والاحتجاجات إلى مناطق جديدة في "بنقردان" لم تتحرّك من قبل مثل "الطابعي" و"العامرية" و"المعمّرات" و"شارب الراجل" و"الصّيّاح". وتشهد وتيرة المواجهات تصاعدا خاصّة أثناء الليل بين الشباب المنتفض وقوّات الأمن المنتمية إلى الشرطة والحرس وفرق التدخّل. من جهتها أصدرت نقابات أساسية ونوّاب نقابيون "ببنقردان" يوم الاثنين 16 أوت الماضي بيانا أدانوا فيه الاعتداء الذي وصفوه بالمجّاني لقوّات البوليس على المواطنين بما فيهم الهياكل النقابية، وطالبوا بإطلاق سراح جميع المعتقلين في الإبّان، ورفع الطوق الأمني المضروب على المدينة وفتح معبر راس جدير أمام السلع، مع التفكير الجدّي والعاجل في تمكين أهالي بنقردان من حقهم في الثروة الوطنية، حسب نصّ البيان الذي أمضاه ممثلو عشرة هياكل نقابية محلّية. كما أُعلِن يوم الخميس الجاري عن تشكيل لجنة متابعة محلية تتكوّن من الممثلين النقابيين المذكورين. جدير بالتذكير أن أحداث بنقردان اندلعت على إثر قرار السلطات الليبية غلق معبر راس جدير في وجه السلع المتجهة إلى تونس، وهو القرار الذي أثار سخط الأهالي خاصّة وأن تجارة الخطّ مع ليبيا تعدّ مصدر الرزق الرئيسي لهم منذ أكثر من 20 سنة، كما نقل الأهالي عن السلط الليبية أن قرار الغلق جاء بإيعاز من متنفّذين في تونس وهو ما أثار حفيظة عدد هام من شباب الجهة. تجدر الإشارة كذلك أن بنقردان تفتقر إلى وجود مصنع واحد، وأن مجالات التنمية فيها منذ الاستقلال تكاد تنحصر في البنية التحتية والمؤسسات العمومية. من جهة أخرى، نقلت مصادر مقرّبة من السلطة التونسية أن الهدوء قد عاد إلى المنطقة الحدودية وأن عبور السيّارات من الجانبين التونسي والليبي يتمّ بشكل طبيعي. وقال موقع "أفريك-جات" أن المواطنين والسيارات عادوا إلى استعمال معبر "راس جدير" والبوّابة الحدودية بين البلدين بدون عراقيل. ومعنا من بنقردان الناشط النقابي وعضو لجنة المتابعة المحلّية ذياب زغدود: