رغم ما شهده قطاع البنية الأساسية الرياضية في تونس من تطور فإن المشهد القطاعي لم يخل من بعض النقائص التي مازالت تمس عدالة وديمقراطية الممارسة الرياضية بين الشباب عبر كافة جهات البلاد وبالأخص شباب المناطق الداخلية. وتفيد الإحصائيات أن تونس عرفت منذ الاستقلال تطورا على مستوى البنية الأساسية الرياضية حيث بلغ عدد الملاعب 185 ملعبا سنة 2010 كما تطور عدد القاعات الرياضية إلى 157 قاعة ومضامير العاب القوى الى 13 والمسابح إلى 14 غير أن التوزيع الجغرافي لهذه المنشآت يظل موسوما بعدم التوازن عموما اذ تركزت أغلب هذه المنشآت على مستوى تونس العاصمة وبعض المدن الكبرى. ويبدو من خلال خارطة توزيع المنشآت الرياضية تباين واضح بين المدن الكبرى والاخرى الداخلية حيث حظيت كبرى المدن بالحصة الأكبر من هذه المنشآت الرياضية التي تعد في مجملها متطورة وذات طابع عصري يستجيب للمواصفات العالمية. فالعاصمة مثلا (إقليمتونس الكبرى) وإضافة الى المركب الرياضي برادس والحي الاولمبي بالمنزه تتوفر بها شبكة هامة من المنشآت والبنى التحتية الرياضية تضم 49 ملعبا معشبا /35 منها ملعب معشب طبيعي و14 اصطناعي و57 قاعة رياضية /منها 27 قاعة للرياضات الجماعية و30 قاعة للرياضات المختصة/ و17 مضامير العاب القوى فضلا عن 12 مسبحا /7 مسابح مغطاة و5 مسابح هواء طلق/. كما تحظى ولاية سوسة بسلسلة هامة من المنشآت الرياضية حيث تشتمل على 21 ملعبا /11 ملعبا معشبا طبيعيا و10 ملاعب معشبة اصطناعيا/ و6 قاعات رياضية /5 للرياضات الجماعية وقاعة للرياضات المختصة/ و8 مضامير العاب القوى. وفي المقابل تشكو الجهات الداخلية من نقص كبير على مستوى هذه المؤسسات حيث تظل القطاعات المتصلة بالانشطة الرياضية من أكثر القطاعات التي تستدعي الدعم مستقبلا سواء من خلال استكمال انجاز ما هو مبرمج او ببرمجة تدخلات جديدة من شانها ان تستجيب لحاجيات ابناء الجهة في هذا المجال. وعلى سبيل المثال فإن البنية الاساسية لقطاع الرياضة بولاية قفصة تتكون أساسا من مركب رياضي بمدينة قفصة ومن ملاعب رياضية معشبة تتوزع على مدن المتلوى وام العرائس والقصر والمضيلة والرديف ومن قاعة رياضية ومركز اقليمي لالعاب القوى بمدينة قفصة. وتتطلع الجهة الى تحسين الفضاءات الرياضية داخل المؤسسات التربوية وتعزيزها بقاعات رياضية والى دعم شبكة ملاعب الاحياء واتمام برنامج تعشيب الملاعب الرياضية بعدد من معتمديات الولاية. وعلى صعيد آخر تترقب الجهة تسوية الاوضاع العقارية للارض التي سيقام عليها مبنى المعهد العالي للرياضة والتربية البدنية بقفصة بكلفة انجاز قيمتها 7 ملايين دينار. ومن جهتها تعاني ولاية سيدى بوزيد من نقص كبير في المؤسسات الرياضية وهو ما انعكس سلبا على مختلف الاختصاصات. فبخلاف بعض الرياضات الفردية التي تمكنت من حصد العديد من التتويجات على المستوى الوطني والدولي فإن قطاع الرياضة لم يتوفق في تحقيق تطلعات الاهالي رغم بروز العديد من المواهب في مختلف الرياضات. وفي تصريح لمراسل وكالة تونس افريقيا للأنباء أكد السيد حبيب زروقى المندوب الجهوى للشباب والرياضة والتربية البدنية ان اكثر من 80 بالمائة من المؤسسات الشبابية والرياضية القائمة بالولاية تم تركيزها بالمدينة وذلك على حساب بقية المعتمديات اذ يوجد بمدينة سيدى بوزيد ملعب رئيسى معشب وملعب فرعى اخر معشب وقاعة رياضية ومركب شبابى ورياضى ضخم وملعب بارضية صلبة بينما لا تتوفر بباقى المعتمديات سوى ملعب بأرضية صلبة باستثناء معتمدية السوق الجديد/ وقاعة رياضية وحيدة بالرقاب الى جانب ملعبين معشبين بكل من الرقاب وجلمة لا زالا في طور الإنجاز. وأضاف أن مختلف المعتمديات بسيدى بوزيد تفتقر لمنشآت من شانها النهوض بقطاع الرياضة نظرا لأن الملاعب المتوفرة غير مؤهلة بالكيفية اللازمة لاحتضان الأنشطة والمسابقات الرياضية. أما ولاية سليانة فتضم حاليا عددا من المنشآت الرياضية المتواضعة التي لا تستجيب لتطلعات الشباب حيث توجد قاعتان تستجيبان للمواصفات واحدة بسليانة وأخرى بمكثر لكنهما تستوجبان الصيانة والتعهد وذلك اضافة الى قاعتين اخريين للرياضات الفردية. ويوجد بالجهة ملعبان معشبان بكل من سليانة ومكثر يحتضنان المقابلات فضلا عن ملعب اخر بمكثر تآكلت أرضيته المعشبة. كما تتوفر ملاعب أرضية صلبة بكل من الروحية وقعفور والكريب في حين تفتقر معتمديات كسرى وبورويس والعروسة الى مثل هذه المنشآت. ويرى السيد توفيق الحامدى المندوب الجهوى للشباب والرياضة والتربية البدنية انه بالنظر الى العدد الكبير والمتزايد من الاصناف الرياضية بولاية سليانة لا بد من التدخل العاجل لاحداث ملعب رياضي جديد ومتكامل بسليانة مضيفا ان قاعة المركب الرياضي بهذه المدينة يحتكرها متعاطو رياضة الجمباز وقد بات من الموكد إحداث قاعة مختصة لهذه الرياضة. وتحتاج الجهة من ناحية اخرى الى تهيئة مضمارين لالعاب القوى بكل من سليانة وكسرى نظرا الى الطاقات البشرية الواعدة في هذا الاختصاص. وإلى جانب ولايات قفصة وسيدى بوزيد وسليانة فإن عديد الولايات والمناطق الداخلية الأخرى تعاني من نقص هيكلي في عدد ونوعية البنى التحتية الرياضية بما يطرح تحديات مستقبلية في المجال تفرض إحكام التخطيط وتوفر الإرادة الصريحة في تحقيق التغيير الحقيقي المطلوب وهو أمر بقدر ما هو موكول للسلطات العمومية بالدرجة الأولى فانه يقتضي أيضا انخراطا فاعلا للقطاع الخاص والهياكل المدنية في مجهود الاستجابة لتطلعات شباب هذه المناطق.