في الآونة الأخيرة، اكتست العديد من القضايا جزائيّة كانت أو مدنيّة رداء سياسيا بمجرّد أن يكون أحد أطراف النزاع مسؤولا أو "رجلا سياسياّ شرط أن يكون لحزبه أو حركته نفوذا سياسيا قد يجنبه أي محاسبة أو مسائلة، وهو ما تمّت معاينته في ملف بدأت أحداثه بالتشابك إثر وقوع رصد عملية وساطة شملت ثلاثة أطراف أحدهم قيادي في الحزب الحاكم …عمليّة انتهت بشبهات تحيّل. قنّن المشرّع التونسي صلب الفصل الخامس من القانون عدد 53 لسنة 2016 المؤرّخ في 11 جويلية 2016 و المتعلّق بالإنتزاع من أجل المصلحة العموميّة عمليّة الانتزاع ليتمتّع صاحب العقار المنتزع بغرامة ماليّة تضبط رضائيا أو قضائيا، في هذا الإطار عجز أحد الورثة (ك.ط) و لسنوات عن القيام بعملية سحب غرامة انتزاع عقار و هو ما دفعه إلى الاستنجاد بالمقاول (س.د.ر) في شهر أفريل 2018 لطلب مساعدته للحصول على مبلغ الغرامة المالية المودع بالخزينة العامّة للبلاد التونسيّة و الذّي ناهز ال 34 مليون دينار، و ذلك, باعتبار أنّ المقاول تربطه علاقة بشخص ذو نفوذ و نتحدثّ هنا عن السيّد عادل الدعداع، و الذي يشغل منصب عضو مجلس شورى بحركة النّهضة ونائب رئيس الرّابطة الوطنيّة لكرة القدم . ولمساعدة الورثة، اشترط القيادي في حركة النهضة مقابلا ماليا لقاء هاته الخدمة، وهو ما حدث فعلا اذ تسلّم الدعداع شيكات من الورثة بلغت قيمتها مليوني دينار أي ما يعادل مليارين اثنين من الملّيمات. الدعداع لم ينكر تسلمه لهذه المبالغ اذ اعترف كتابياّ بتلقيها من أجل التوسّط لدى الخزينة العامّة للدّولة، علاوة على ذلك قد تمّ عقد اتّفاق بينه وبين أحد الورثة يفضي بتسليمه 5 ملايين دينار في حال تحصّلهم على "غرامة الانتزاع". نائب رئيس الرّابطة الوطنيّة لكرة القدم والقيادي في حزب حركة النهضة لم يكتف بهذه الشيكات ليؤكد في مرحلة ثانية على رغبته في تسلّم الأموال نقدا لمباشرة العمليّة وهو ما عمل صديقه المقاول على تأمينه اذ حرص المقاول على تأمين مبلغ نقدي يقارب 300 ألف دينار إضافة إلى 50 ألف دينار من أجل تمويل حملة قيادي حزب حركة النهضة أنذاك في الانتخابات البلديّة، كما تسلم شقّة بمنطقة برج السدريّة ناهزت قيمتها المالية ال 130 ألف دينار سجّلت باسم أحد العاملين لديه لإبعاد الشكوك عنه. بعد ان ضاق ذرعا من أسلوب المماطلة، قرّر هذا الأخير الاتصال برئيس مكتب رئيس حزب حركة النّهضة من أجل التوسّط لدى مسؤولة بصندوق الودائع والحصول على وثيقة إيداع الأموال حتّى يتمكّن الورثة المزعومين من الحصول على أموالهم من البنك المركزي، وهو مبدأ وافق عليه بدوره رئيس مكتب" الشيخ" في تسجيل صوتي تحصّل عليه مركز يقظ لدعم وإرشاد ضحايا الفساد التابع لمنظمة أنا يقظ يوم 11 نوفمبر 2019 والذّي ادّعى فيه أنّه بمجرّد تحصّله على ملف العقار المنتزع سيطلب من المسؤولة بصندوق الودائع التثبت منها للتدخّل لتسليم وثيقة الإيداع. في بادئ الأمر، لم تكن شهادة ملكيّة العقار محلّ النزاع في حوزة المقاول الذّي سلّم بوجودها بعد أن أوهمه الوريث بذلك، وعلى الرّغم من التطمينات الأوّلية التّي تلقاها من الدعداع عن وجود وثيقة إيداع الأموال التّي تثبت وجود الأموال برزت للمقاول ملامح عمليّة تحيّل قد يكون تعرّض لها من طرف الدعداع،… و هو ما تم تأكيده بعد تواصل تسويف ومماطلة و تهرب الدعداع من الاستظهار بالوثيقة، و على ضوء هذه المماطلات و عدم التوصل الى حل طالب المقاول باسترجاع الأموال المسلّمة لعضو مجلس شورى حركة النهضة عادل الدعداع, ليتمكّن بعد محاولات عدّة من استرجاع الشيكات التّي قدّمها الورثة وهي عمليّة موثّقة صلب رسائل متبادلة بينهما تمّت معاينتها من قبل عدل منفّذ. وبعد الحاح المقاول على غلق الملف و استرجاع ما تبقى من أمواله، أقدم الدعداع على إقحام أحد أفراد عائلته وتحديدا زوجته من أجل ارجاع بقية المبلغ الذّي كان قد تسلمه من المقاول، وهو ما استنكره بشدة هذا الأخير، الذّي أصرّ على ضرورة مكافحة الدعداع بغية تسوية النزاع. في نفس الفترة التي طالب بها المقاول استرجاع الأموال المسلمة للدعداع اكتشف المقاول أنّ حقوق الورثة قد سقطت منذ سنة 1983 وعليه، فإنه لا وجود لل 34 مليون دينار في الخزينة العامة وأن المقاول توسط للورثة لنيل حق غير موجود أصلا. وذلك حسب وثائق تحصّل عليها "مركز يقظ لدعم وارشاد ضحايا الفساد" هذا نموذج لشبهة لعمليّة تحيّل ومغالطة تورّط فيها أحد الورثة، رئيس مكتب "الشّيخ" وقيادي حزب حركة النهضة ونائب رئيس الرابطة المحترفة لكرة القدم عادل الدّعداع الذّي ادّعى أنّه تثبّت من المبلغ المودع في الخزينة العامة للدّولة بيد أن المبلغ غير موجود أصلا في الخزينة المذكورة وهو ما وثّق صلب الرسائل المعاينة من قبل عدل منفّذ والمتبادلة بين الدّعداع والمقاول على تطبيق "فايبر" والتّي أكّد القيادي خلالها على أنّ "الجماعة" يعملون على استصدار وثيقة الإيداع. في أفريل2019 أخذت القضية منحى اخر. اذ بادر القيادي عبد الكريم الهاروني بالاتصال بالمقاول من أجل ترتيب لقاء مع الدعداع يوم 14 أفريل 2019 للتوصّل لاتفاق صلح بين طرفي النزاع ينصّ على أنّ المقاول لم يتعامل مع المدين وهو اعتراف سيتلقى الدّائن مقابله ماله. كلّ هاته الوقائع دفعت المقاول إلى اللجوء إلى السلطة القضائيّة…، إجراء أثار توجّس قياديين في حركة النهضة الذّين هرعوا لإقناعه بتوقيع تنازل عن القضيّة لتفادي "طول الإجراءات القضائيّة" ولتلافي ما لا يحمد عقباه وفي نفس الإطار برز تسجيل صوتي لأحد عدول الإشهاد الّذّي كلّف بتحرير الاتفاق أثبت أنّ المقاول رفض كليّا مبدأ الإتّفاق وانّ الدعداع مستعد لإرجاع أموال الدّائن. ولكن هل من تسييس فعلي للملف؟ إنّ ما يثير الريبة في هاته القضيّة هو من جهة التسييس المفاجئ للملف خاصّة بتدخّل أحد أبرز قياديي حزب حركة النهضة ومن جهة أخرى تزامن اتصالين هاتفيين وردا على المقاول المتورط في الصفقة "الوهمية" بالإضافة الى هرع بعض قياديي الحركة الى التستّر على كلّ الأحداث التّي تمّ تناولها سابقا ومحاولة اخفاءها أو انكارها وان كان ثمن ذلك تزييف الحقائق. الاتصال الأوّل كان بين المقاول وصحفيّة كانت ترغب في نشر الملف وتراجعت إثر ورود اتصال ثان جمع المقاول بأحد المحامين المعروفين والذّي كان سينوب المقاول في القضيّة قبل أن يتولى الدفاع عنه محامي آخر ترشّح للانتخابات الرئاسيّة لسنة2019، وهنا تجدر الإشارة إلى أن السبب الأساسي لتراجعه عن توكيله هو مطالبته بالتريّث قبل إنطلاق إجراءات التقاضي وذلك لوجود إمكانية حسب قوله لتدخّل حافظ قائد السبسي أحد قيادي حزب نداء تونس وهو شيء رفضه المقاول. وعلى الرّغم من أنّ التحقيق في القضيّة قد استُهل منذ 8 مارس 2019 إلا أنّه وإلى حدّ هذا اليوم لم تطرأ أيّة مستجدات، وهو أمر قابل للاستنكار خاصّة وأنّ كلّ الأطراف المتورّطة في قضيّة الحال تلاحقها نفس الشبهة، إذ يلوح بالرجوع إلى المؤيدات المتوفرة والوقائع السّابق ذكرها أنّه من المرجّح وجود أطراف أخرى من مصلحتها التعطيل والنستّر على قضيّة شبهة التحيّل خاصّة وأنّ الطرف المعني هو "قيادي في الحزب الحاكم ونائب رئيس رابطة كرة القدم ". فهل من مكسب فعلي لهذا التعطيل؟ … وما المغزى من تسيس القضيّة إذ كان أطرافها مواطنون تونسيون متساوون لهم نفس الحقوق والواجبات الجزائية والمدنيّة؟ هل أنّ صفة ووظيفة الشخص الطبيعي أو المعنوي هي حقّا معيار أساسي لضبط وجود شبهة الفساد من عدمها؟