أتمنى على وزير التربية ناجي جلول أن يبنى على خطوة ضرب منظومة الكذب بترحيب مناسب بالمعلمين في بداية العام الدراسي الجديد وأن يقدّم تحية إكبار إلى الذين يشقون الجبال والفيافي، ليبلغوا مواطن عملهم، فيقدموا درسا وينشروا علما في قرى قصية في قلب الصحراء أو في رأس الجبل معلّمون يتحدون الظّروف القاسية وانعدام المياه ووسائل الإنارة والتّدفئة ليأخذوا بأيدي الناشئة نحو مراقي العلم والمعرفة يتحملون حرّ الصيف وقر الشتاء وسيئ الظّرف ونأي المكان، ليبدعوا أجيالا من العارفين يخرجونهم من ظلام الأمية إلى نعيم المعرفة. ففاجأ الجميع بإطلالته البهية عبر القناة الوطنية الأولى كعادته بتصريحاته العشوائية و المرتجلة ليعلن صراحة أن كرامة المتمدريسين خط أحمر. شعار لا يمثلكم ولا تمثلونه وهو الأمر الذي لا يفضي في آخر المطاف إلا إلى تقزيم كرامة المدرسين حتى أصبحوا محط سخرية وإهانة من قبل كل مكونات المجتمع. تتكلم عن كرامة التلاميذ و بالأمس في أحد تصريحاتك تقول أن الوضع في المدارس التونسية مزري لدرجة أنها باتت تفرخ عناصر إرهابية تنتسب لتنظيم داعش. وزيرنا الهمام صار معروفًا عنك أنك تبجل المعلم في بيت من الشعر وتنكل به في الواقع تحتفل به يوما وتكدر عيشه أياما . يمكننك أن تتصور كل أشكال المهانة والإهانة أو أن تتقبلها على مضض إلا أن ترى سيدك وقدوتك ومثالك تدوسه وتذله أقدامك حينئذ تختلط المهانة بالمرارة حينئذ يسقط الرمز وتسقط معه كل القيم التي آمنت بها وعشت من أجلها حينئذ تتحجر الدمعة في مقلتيك وتفقد الحياة معناها ومبناها..أم لأن هناك لوبيات فاسدة داخل هذا البلد العزيز على قلوبنا، تريد تشويه سمعة المعلم أمام العالم وتسعى جاهدة لإفشال أي مخطط للإصلاح ما دام هذا الأخير لا يخدم أجندتها ومصالحها وما دام في صالحها نشر الفساد والرذيلة والحفاظ على الوضع القائم بكل اخلالاته ومطباته لضرب التعليم العمومي . كرامة التلميذ بالنجاح عندما لا يستحق النجاح كرامة التلميذ عندما يدرس بمدرسة لا تتوفر فيها أبسط وسائل التدريس كرامة التلميذ بالتحريض على تعنيف المربين إن الوضع الذي تعرفه مؤسساتنا التعليمية اليوم من عنف وغياب قيم التقدير والاحترام للمدرسين جراء التغاضي عن تجاوزات بعض التلاميذ الذين يهينون معلميهم لا يبشر بخير، بل إن فيه هدم لأسس وقيم الحضارة إن إهانة المدرس والحط من كرامته لم يكن يوما من قيم المجتمع التونسي الذي ربي على احترام المعلم وتقدير مهمته فمن من مصلحته اليوم أن ينزل عليه بمعاول الإهانة ليجرده من الكرامة؟ أن معظم التلاميذ مستواهم التعليمي في تدنٍ، لأن العقاب البدني والكتابي صار ممنوعا منعا باتا مما أدى إلى عدم تحمل مسؤولية الدراسة لدى أطفالنا الذين صاروا لا يردعهم شيء ويتمردون وبكل جرأة على المعلم مما خلف جوا مشحونا بالضغائن بين الطرفين و أن المعلم إذا أعطى واجبات ووظائف لتنجز في البيت لم تنجز و لا يحق له أن يعاقب التلاميذ بل استدعاء أوليائهم فقط مما خلّف فجوة بين المعلم وتلاميذه لان المعلم لا يعتبر آلة تعطي الدروس بل يقوم بزرع الأخلاق في التلميذ وكيفية التعايش في المجتمع مع جميع من حوله و أن التلاميذ أصبحوا اليوم لا يضعون أي اعتبار للمعلمين ولا لأحد لان القانون في صفهم. فعوضا أن تقوم بتغيير بعض القوانين وجعلها مرنة لصالح المعلم والمتعلم على حد سواء.بجيشهم ضد معلميهم يعاني رجال التعليم في الآونة الأخيرة من حملة شرسة وممنهجة من طرف جهات مختلفة حيث أصبح المعلم ذاك الحائط القصير الذي تسلط عليه كل الأقلام والأضواء ففي الوقت الذي كانت تنتظر فيه هده الفئة العريضة الالتفات إلى مطالبها ووضعيتها المتأزمة والعمل على توفير أجواء مناسبة للاشتغال وإصلاح ما يمكن إصلاحه من منظومة تعليمية تستنجد هياكلها إلا أنه وعلى العكس من ذلك فقد أصبحت كرامة المعلم أخر شيء يفكر فيه وكل من هب ودب يتجرأ عليه بتعليقاته إما ساخرا أو مازحا و أصبح التلميذ هو من يبجل ويعظم على حساب من يفني حياته في مهنة لا يعرف قيمتها إلا العلماء وصعوبتها إلا من يمارسها صباح مساء بكل أمانة وإخلاص غير أنه يتعرض لكل أنواع العنف والأمثلة كثيرة جدا في هدا الصدد لا داعي لذكرها فالصغير والكبير يعرفها.