تنفس اهالى عاصمة الجنوب ظهر اليوم الصعداء بعد تصريح السيد رئيس بلدية صفاقس ومدير التصرف في النفايات بعودة مصب القنة بعقارب للعمل . فلا يكاد يخلوا شارع او نهج من اكوام الفضلات المتراكمة والروائح الكريهة ، حتى الطرقات اخذت نصيبها من أكياس القمامة. حتى أن مدينة صفاقس أصبحت قاب قوسين أو أدنى من كارثة بيئية. هذا القرار الذي اتخذته بلدية صفاقس واجهه اهالى مدينة عقارب بالرفض ، فعمدو عشية اليوم من منع الشاحنات المحملة بالفظلات من المرور إلى المصب الجهوي بالقنة ، محتجون قدموا من كل مكان ، أتوا من كل فج عميق لنصرة قضية عادلة ، شيبا وشبابا نساء وصغارا … الكل كان حاضرا مساء اليوم ،رافعين عدة شعارات تنادى ببيئة سليمة. "لا تفاوض ، لا استسلام ، لا تراجع…" هكذا صرح لنا أحد المتواجدين بمكان الاحتجاج. وفي تصريح اخر للموقع قال أحمد "نطالب السلط الجهوية بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة مع سلطة الإشراف خلال شهر سبتمبر 2020″. وقالت امال أن " غلق المصب مطلبنا ولن نحيد عنه ، وكغيرنا من الجهات نريد العيش الكريم وبيئة سليمة " لتختم كلامها "كل واحد يشد زبلتوا". هكذا يبدوا المشهد عند مدخل مدينة عقارب ، يمنعون شاحنات" الموت" من المرور إلى مصب الفضلات، بطرق سلمية بعيدة عن العنف والعنجهية، بعد أن نفذ صبرهم وإستنفذوا كل الطرق السلمية والوسائل القانونية والأحكام القضائية التي كانت لصالحهم والقاضية بالغلق الفوري للمصب. وتنفيذا للاحكام الدستورية الذي ربط حقوق الأجيال القادمة بالحقوق البيئية وحقوق التنمية المستدامة و "ضرورة المساهمة في سلامة المناخ والحفاظ على سلامة البيئة بما يضمن إستدامة مواردنا الطبيعية". إنهم يتحركون في إطار القانون وعلويته، وتطبيقا للدستور والمعاهدات الدولية، المنظمة للأمن البيولوجي وحماية الطبيعة من كل أنواع التلوث، حتى تُسلّم للأجيال القادمة على أحسن حال، وما من شأنه أن يجنبهم أخطاء الأجيال الحالية. محتجون همهم الوحيد الإنسان، الحياة والبيئة. يريدون مدينة يطيب فيها العيش، يبحثون عن حياة كريمة لأبنائهم وعائلاتهم وللأجيال القادمة. محتجون يجمعون كل خصال القوة والعفة والإباء بحثا عن إنسانيتهم المسلوبة و إثباتا للذات في معركتهم مع الطبيعة التي لوثها الإنسان وإغتال جمالها. مرابطون ملوا الوعود الزائفة، يصرون على أنهم ماضون في تحقيق مطالبهم ولن يتراجعوا عن ذلك قيد أنملة، إنهم باقون ما بقي الزعتر والزيتون. إنهم رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه وماعاهدوا به كل أرواح الأبرياء الذين كانوا ضحايا للتلوث الذي عاشته المدينة لسنوات عديدة، محتجون لن يرضوا بالفتات "لن نرضى بالفُتاتْ.. لأننا ليس بالمهاجرين ولا بالشتاتْ…" على حد تعبير أحد المحتجين .هؤلاء المعتصمون هم أحفاد المقاوم صيد عقارب وما يمثله من رمزية روحية وهي رمزية الحياة والصراع ضد دعاة الموت. و ستبقى عقارب " مثلما كانت في فترة الإمبراطور الروماني طريقا للتجارة وليس طريقا قاتلا للقمامة" .ارفعوا قمامتكم قبل أن ترفعوا رؤوسكم". (إلى حد كتابة هذه الأسطر ،المنع مازال متواصلا رغم المفاوضات الماراطونية مع المحتجين).اسامة بن رقيقة