الآن وبعد أن بدأت انقشع غبار المعركة و بدأت الأوضاع تهدأ من جديد وبدأت الصورة تتوضح شيئا فشيئا.. بات من المتأكد واللازم أن تتغير الكثير من الحسابات في السياسات والتدخلات للسلطة الحاكمة ولكل من يهمه أمن وسلامة هذا الوطن… وأن الجميع من أدائهم إن كانوا حقا صادقين في خدمة هذا البلد وهذا الشعب… إنه لم يعد من الممكن مواصلة العمل بنفس النهج والطرق التي كانت تسير عليها الأمور طيلة السنة الفارطة والسنوات الثلاث التي سبقتها … فاليوم بات من المتأكد والضروري القطع مع سياسات المهادنة والليونة المفرطة مع أباطرة الفساد والتحريض والفتنة في البلاد.. وإلا فإننا سائرون لا محالة إلى ما لا تحمد عقباه لا قدر الله … لأنه ما كل مرة تسلم الجرة.. لقد دقت الأحداث الأخيرة التي مرت بها ناقوس الخطر وأعلنت أنه لا مهرب من محاربة أباطرة الفساد والتخريب في البلاد وإلا فإن مصير هذا البلد سيكون على كف عفريت وسيكون تحت إمرة من لا رحمة والشفقة في قلوبهم ولا يهمهم أن تسيل أنهار الدماء من أجل تحقيق أهدافهم القذرة… إن استغلالهم البشع لما أقدم عليه ذلك الشاب احتجاجا على ما تعرض له من اقصاء غير مبرر وغير مقنع من قائمة الانتدابات … وما تبعه من احتجاجات شعبية تطالب بالعدالة والشفافية والتنمية والتشغيل .. من أجل تأجيج الأوضاع في البلاد وحرق البلد بمن فيه من أجل تحقيق أجنداتهم إجرامية … إن الذي وقع في الأيام الماضية كان مؤامرة بكل معنى الكلمة على شعب ووطن… قتل ونهب وحرق وترويع ونشر للفوضى والتخريب… الجهات الرسمية أكدت أن هناك أطرافا قامت باستغلال تلك التحركات الشعبية العادية والسلمية من أجل الإطاحة بالنظام وبث الرعب في المجتمع وتدمير كل ما تم تحقيقه بكثير من المعاناة والجهد والتكاليف بعد التخلص من رأس النظام السابق وزبانيته… تحدثوا عن ملثمين.. وعن سيارات توزع الأموال.. وهناك أشرطة مسجلة لأشخاص تقوم بالتحريض… إذا الأمر أكيد وليس مجرد شائعات… فماذا تنتظر الجهات الرسمية أكثر من هذه الأدلة إذا؟؟؟ إننا نطالب الجهات الرسمية.. إن كانت حقا جادة في حماية الأمن وحماية الوطن والشعب… وإن كانت قد تعلمت الدرس مما حدث فعلا… أن تضرب على يد هؤلاء بقبضة من حديد… وأن تحاكمهم بمفعول قانون الإرهاب… وأن تبحث على من حرض ومول وجيش وحرك… وتنزل عليهم أقسى العقوبات… فدماء الأبرياء الذين سقطوا جراء هذه الأعمال ليس رخيصا.. والمواطنون الذين تم ترويعهم ونهب ممتلكاتهم.. والمنشئات العمومية والخاصة التي تم استهدافها ليست بلا ثمن اومن دون حرمة.. ورجال الأمن الذين تم إصابتهم وتهديد أرواحهم ليسوا مجرد أدوات … كل هؤلاء من حقهم على الدولة أن تقتص لهم… فهؤلاء اللذين أشعلوا الفتنة في البلاد لا فرق بينهم وبين أولئك الإرهابيين الذين يتحصنون في الجبال ويتحينون الفرصة للطعن في الظهر… بل إنني أجزم أن هؤلاء الذين أرادوا الفتنة في البلاد أشد خطرا من أولئك المتربصين في الكهوف والجبال… لأن من تحصن بالجبل من الإرهابيين معروفون تقريبا ومحاصرون منبوذون أما هؤلاء الذين حاولوا حرق البلد بمن فيه من المتآمرين والخونة والمجرمين فإنهم هم بين ظهرانينا يظهرون لنا ما لا يبطنون ويتربصون بنا ويحقدون علينا ولا يريدون لنا إلا الهلاك… إنهم كالسرطان الخبيث… ينتشر في الجسم في هدوء ويتسلل إلى الخلايا في الخفاء… ولا يشعرك بشيء حتى يتمكن منك تماما ليوجه ضربته القاضية حين يكون قد أوصد أمامكم كل أبواب النجاة… إننا نطالب هذه الحكومة وبأعلى صوتنا .. أن تبحث عن هؤلاء المحرضين المجرمين وتكشف عنهم وعن كل من قام بالتحريض والتمويل والتخطيط والتحريك…. فالمسألة تتعلق بأمن وطن وشعب… من ألطاف الله أن الشعب كان واعيا… فحتى المحتجون المطالبون بحقهم في الشغل ورغم معاناتهم ورغم صبرهم الطويل ورغم تقصير السلطة في حقهم كانوا على درجة عالية من الوعي والوطنية التي تحسب لهم… وتبرؤوا مما ارتكبه أولئك المجرمون المندسون من نهب وسرقة وترويع وقتل… ماذا لو نجح المخطط التخريبي لأولئك المجرمين المتآمرين ؟؟؟ ماذا لو وقع المحظور وانفلتت الأمور وأطلقت أيدي العصابات واللصوص والإرهابيين لتفعل ما تشاء في المواطنين الأبرياء العزل… ووقع البلد في حمام دم؟؟؟ أليس هذا ما كانوا يخططون له؟؟؟ ماذا لو لم يتصرف الأمن الوطني بتلك الحرفية وتجنب التصادم مع المحتجين كما خطط لذلك المجرمون؟؟؟ ألم نكن لنتجه إلى بحر من الدماء والخراب ؟؟؟ إلى متى نبقى تحت رحمة هؤلاء المتآمرين المجرمين في الداخل والعملاء لأطراف معادية في الخرارج كما لمح لذلك رئيس حركة النهضة "راشد الغنوشي" ؟؟؟ في تصريحه الليلة 23/01/2016 للقناة الوطنية… إن هذه الحكومة الحالية ستكون شريكة في التآمر على الشعب التونسي وعلى الوطن إن هي تهاونت هذه المرة في التعامل مع ما حدث… فما حدث خطير غاية الخطورة.. ومن ألطاف الله أنه لم يكتب له النجاح.. والآن جاء وقت الجزاء من جنس العمل… أما أن نتهاون ونسكت ونطوي الملف كما طوي غيره.. وتذهب دماء وآلام الأبرياء هباء منثورا… فهو ما سيكون بحق تسليم صك على بياض إلى الإرهابيين وكل المتآمرين والمتلاعبين والحاقدين للتمادي في مكرهم للتخطيط للمستقبل ولإعادة الكرة مرة ومرات …ولكن في المرة القادمة ربما لن تسلم الجرة مرة أخرى. نقولها ونكررها كمواطنين تونسيين واعين ومسؤولين ….. إما أن تفككوا هذه الشبكة الأخطبوطية التي تتربص بنا جميعا وتنزلوا بها أقصى العقاب حتى تكون عبرة لمن يعتبر وإما أن تتركوا المكان لمن هو أقدر منكم وتعلنوا فشلكم.. وإلا فإنكم ستكونون شركاء فيما يحصل لهذا الشعب وهذا الوطن من مآس ومن كروب.