– تشارك تونس، لأول مرة، فى المؤتمر العالمي لمبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية "أيتي"، الذى سيعقد بعاصمة البيرو ليما يومي 24 و 25 فيفري 2016، فى وقت لم تحسم فيه موقفها بعد من هذه المبادرة. ويضم الوفد التونسي مسؤولين حكوميين من وزارة الطاقة والمناجم، التى أحدثت خلال التعديل الحكومي الأخير، الى جانب عدد من البرلمانيين وممثلي المجتمع المدني. وتسعى تونس من خلال مشاركتها فى هذا المؤتمر الى بلورة موقف نهائي بشان انضمامها الى مبادرة "ايتي" بما يساهم فى مزيد تكريس الشفافية فى قطاع الصناعات الاستخراجية فى البلاد التى تثير طرق استغلالها جدلا منذ الثورة. فقد طفت على السطح، بعد الثورة، عدة قضايا مرتبطة بالشفافية في قطاع الطاقة والمواد الاستخراجية (الفسفاط وغيرها) أدت الى تحركات احتجاجية وحملات مساءلة دفعت الحكومات المتعاقبة الى التأكيد مرار على سلامة رخص الاستخراج واحترامها للقانون. الحكومة تدرس انعكاسات الانضمام الى مبادرة "ايتي" وتتوخي الحكومة التونسية نوعا من الحذر، ليس من الاتفاقية في حد ذاتها، لكن من الانعكاسات والالتزامات المترتبة عنها وهو ما تترجمه تصريحات المسؤولين الحكوميين بشان الانضمام النهائي ل"ايتي". وأكد وزير الطاقة والمناجم منجي مرزوق، فى تصريح ل (وات"، (ان تونس منفتحة عل كل مبادرة عالمية فى مجال الشفافية وتدرس حاليا قدرتها على تطبيق الالتزامات المرتبطة بانضمامها لهذه المبادرة على أرض الواقع ". وكانت تونس قد أعربت عن نيتها الانضمام للمبادرة "ايتي "فى اكثر من مناسبة اذ عبر رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي فى جوان 2012 عن رغبة تونس في الانضمام اليها ليحيي وزير الصناعة والطاقة السابق زكريا حمد هذا المسار خلال مداولات ميزانية وزارته أمام البرلمان فى ديسمبر 2015. وكشف مرزوق ان تونس تتقدم في مسار انخراطها فى هذه المبادرة في انتظار تعمق ذلك من خلال المشاركة فى مؤتمر بيرو والاطلاع على تجارب الدول الأخرى المنضوية تحت لواء "ايتي". البرلمان يدعم الحكومة لإرساء الشفافية الطاقية وتدفع السلطة التشريعية منذ الثورة في اتجاه تكريس الشفافية في قطاع الطاقة من خلال سن تشريعات في المجال وكذلك مساءلة المشرفين على القطاع لتوضيح بعض المسائل المتعلقة بمنح رخص الاستغلال. وقال رئيس لجنة الطاقة بمجلس نواب الشعب عامر لعريض، الذى سيمثل البرلمان التونسي فى المؤتمر العالمي لمبادرة "ايتي " "ان الحكومة لا ترفض الانضمام الى هذه المبادرة ولكنها بصدد دراسة مختلف جوانبها لاتخاذ القرار النهائي". وأضاف لعريض ان مثل هذا التمشي يندرج فى اطار توجهات البلاد نحو تكريس الشفافية من خلال حزمة تشريعات على رأسها دستور البلاد وخاصة الفصل 13. وينص الفصل المذكور على أن "الثروات الطبيعية ملك الشعب التونسي، تمارس الدولة سيادة عليها باسمه وتعرض عروض الاستثمار المتعلقة بها على لجنة مختصة بمجلس نواب الشعب وتعرض الاتفاقات المبرمة بشأنها على المجلس للموافقة". وينضاف الى ذلك المرسوم عدد 41 لسنة 2011 الذي يمكن من الإطلاع على جميع الوثائق الإدارية سواء الخاصة بالتصرف الإداري بصفة عامة أو ملف الموارد الطبيعية بصفة خاصة. المجتمع المدني يضغط من أجل الانخراط في هذه المبادرة وقد مارست العديد من الجمعيات منذ الثورة ضغطا كبيرا في العديد من الملفات المتعلقة بالطاقة وعلى رأسها الشفافية في القطاع الطاقي والصناعات الاستخراجية. وتشكلت لبنة من الجمعيات المهمتة بموضوع الشفافية في قطاع الطاقة عملت على لعب دور الوسيط بين مخاوف الشعب من سوء استغلال الثروات الطبيعية فى البلاد من جهة والمبادرات الدولية والقوانين الوطنية المقننة لمبادئ الشفافية من جهة أخرى. وأمام التحويرات المتواصلة على رأس الوزارة المكلفة بالصناعة والطاقة وآخرها الفصل بين ملفي الصناعة والطاقة، عبر المجتمع المدني عن تخوفه من تعطل مسار الانضمام لمبادرة " ايتي" التي يعلق عليها آمالا كبيرة فى إماطة اللثام عن الغموض الذي يكتنف قطاع الطاقة فى تونس. ويتساءل المجتمع المدني، فى ظل تردد الحكومة إزاء مسالة انضمامها الى هذه المبادرة، عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك خاصة وانه اتهم في وقت سابق وزارة الصناعة بتعطيل هذا المسار. غير ان الجمعيات لا تجد مبررا مقنعا لتعطيل مسار الانضمام خاصة وان الوزارة أطلقت في وقت سابق بوابة البيانات المفتوحة التى تتضمن معطيات حول القطاع مما يمثل خطوة نحو تكريس الشفافية. ماذا ينقص تونس لاستكمال مراحل انضمامها لمبادرة ايتي؟ ويؤكد معهد حوكمة الموارد الطبيعة (منظمة غير حكومية) "ان تونس قطعت مراحل عديدة فى اتجاه تطبيق مبادرة الشفافية فى الصناعات الاستخراجية" باعتبارها تعمد الى نشر بعض المعطيات فى إطار قاعدة البيانات المفتوحة لكن يبقى البعض منها غير متوفر حاليا. وتتعلق المعلومات المتوفرة بالاطار القانوني والجبائي والمعطيات العامة حول قطاع الصناعات الاستخراجية ومساهمة القطاع في الاقتصاد والانتاج والصادرات والمعطيات المتعلقة بالتراخيص وطرق اسنادها. في المقابل تتمثل المعلومات غير المتوفرة اساسا في الجوانب المالية المتعلقة بنفقات الموارد المتأتية من الصناعات الاستخراجية والعلاقة المالية بين المنشآت العمومية الناشطة في القطاع والدولة وسجل مالكي الشركات الناشطة في القطاع. كما تعمد الدولة الى عدم الإفصاح عن سياستها في نشر العقود المبرمة والتراخيص المسندة والإصلاحات المزمع إدراجها لتعزيز سياسة نشر المعطيات وبعض المعطيات المتعلقة بمداخيل المناجم و البترول و الغاز. ويفترض احياء مسار الانضمام للمبادرة، حسب المسؤول بالمعهد، وسام الهاني، "اعادة الاعلان عن نية تونس في الانضمام لمبادرة الشفافية وذلك اما بالتطرق الى الإعلان القديم او القيام باعلان جديد". وأضاف ان الحكومة مطالية بتعيين شخصية رفيعة المستوى لقيادة عملية تنفيذ المبادرة. وينبغي أن تحظى هذه الشخصية بثقة جميع أصحاب المصالح، وأن تتوفر لديه السلطة والحرية لتنسيق العمل بشأن المبادرة عبر الوزارات والوكالات المعنيٌة وأن تكون لديه القدرة على تعبئة مواردالبلد اللازمة لتنفيذ المبادرة. وعلى الحكومة، حسب رأيه، ان تعمل مع المجتمع المدني والشركات على تنفيذ المبادرة، وكذلك إنشاء مجموعة أصحاب المصلحة المتعددين للإشراف على تنفيذ المبادرة (الحكومة والشركات والمجتمع المدني(.