إنّ المشاركين والمشاركات في الملتقى الرابع للمهن القضائية والقانونية المنعقد بتونس بمبادرة من المرصد التونسي لاستقلال القضاء وبمساعدة منظمة هانس سايدل المغرب العربي يوم 04 جوان 2016 تحت عنوان " المجلس الاعلى للقضاء: هل من ضمانات للمنظومة القضائية؟". وإذ يسجلون مشاركة متميزة من قبل الفاعلين في المنظومة القضائية والمعنيين بشؤون العدالة وخصوصا من القضاة بمختلف اصنافهم ومساعدي القضاء والجامعيين وممثلي الهياكل المهنية ومكونات المجتمع المدني. وإذ يلاحظون تواصل الجدل في أوساط القضاة والمهن القضائية والقانونية بشأن الظروف التي رافقت نظر الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء وما أعقب ذلك من ختم هذا المشروع دون البت في دستوريته. وإذ يبرزون ما تضمّنه القانون الأساسي عدد 34 المؤرخ في 28 أفريل 2016 المتعلق بالمجلس الاعلى للقضاء من إخلالات دستورية وقانونية فضلا عن تعارضه في نقاط عديدة مع المعايير الدولية لاستقلال القضاء. وبعد تداولهم في مختلف المحاور التي تضمنها برنامج الملتقى وخصوصا ما تعلّق بالمجلس الأعلى للقضاء سواء في علاقته بالنظام السياسي أو بضمانات الاستقلالية أو بمعايير استقلال القضاء أو بالمنظومة القضائية. وبعد احتفائهم بتكريم القاضي الفاضل السيد كمال بربوش وكيل الجمهورية السابق لدى المحكمة الابتدائية بتونس بمناسبة احالته على التقاعد الوظيفي وإبراز ما تحلى به طيلة مسيرته القضائية من استقلال شخصي ومهني وانخراطه قبل الثورة في مسيرة النضال القضائي. فإنهم يوصون بما يلي: المحور الاول- المجلس الاعلى للقضاء والإشكالات الدستورية 1- ضرورة العمل على تقديم مبادرات تشريعية لتنقيح الفصول المشوبة بعدم الدستورية في القانون الاساسي عدد 34 لسنة 2016 المؤرخ في 28 أفريل 2016 وذلك على ضوء قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين الصادر في 08 جوان 2015 وطبق الأحكام الواردة بالدستور. 2- توسيع صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء لتشمل الاختصاصات المتعلقة بالانتداب والتكوين والتفقد وإرساء ولاية عامة للمجلس على الشأن القضائي طبق التصور الوارد بالدستور. 3- ضرورة تحسيس المجتمع المدني بأهمية دور "المناصرة في التقاضي" والدفع بعدم دستورية القانون كأدوات لمراقبة دستورية قرارات المجلس الأعلى للقضاء. 4- ضرورة إعداد دراسات تتناول بالتحليل مواطن الخلل بالقانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء بغرض المساعدة على تقديم مشاريع التنقيحات أو الطعون القضائية. المحور الثاني – المجلس الأعلى للقضاء والنظام السياسي 1- الاسراع بإصدار القانون الذي يضبط الوظائف القضائية السامية المنصوص عليها بالفصل 106 من الدستور والتي يتمّ التعيين فيها بأمر رئاسي وبالتشاور مع رئيس الحكومة وبترشيح حصري من المجلس الأعلى للقضاء على أن يراعى في ذلك عدم التوسع في قائمة الوظائف القضائية السامية واعتبار مديري المؤسسات العمومية القضائية كمديري المعهد الأعلى للقضاء ومركز الدراسات القانونية والقضائية من ضمن تلك الوظائف. 2- الإسراع في إصدار القوانين المتعلقة بالتفقدية العامة للشؤون القضائية وبالنظم الأساسية للقضاة العدليين والإداريين والماليين طبق ما اقتضاه الدستور. 3- سحب الضمانات المتعلقة بالسلطة القضائية على قضاة المحاكم العسكرية والنظر في إمكانية إحالتها إلى القضاء العدلي وإلغاء مجلس القضاء العسكري وإشراف وزارة الدفاع على المحاكم العسكرية وذلك استنادا إلى ما يقتضيه الدستور من أن القضاء سلطة مستقلة وتطبيقا للمبادئ الدولية لاستقلال القضاء في هذا الشأن. 4- دعوة أعضاء المجلس الأعلى للقضاء إلى التمسّك بممارسة تحترم الدستور ومعايير استقلال القضاء والمعاهدات الدولية المصادق عليها باعتبارها أعلى منزلة من القوانين وذلك إعلاء لسقف الضمانات وتفاديا للإخلالات الواردة بقانون المجلس الاعلى للقضاء. المحور الثالث – المجلس الأعلى للقضاء وضمانات الاستقلالية 1- ضرورة التنصيص بالقانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء على إحالة الأعضاء من غير القضاة كالمحامين وعدول التنفيذ على عدم المباشرة بصفة آلية وذلك ضمانا للاستقلالية ومراعاة لتعارض المصالح. 2- العمل على تجاوز التعارض بين أحكام الفصل 107 من الدستور الذي ينص على أن تسليط العقوبات التأديبية لا يتمّ إلاّ بموجب قرار معلل من المجلس الأعلى للقضاء وبين أحكام الفصل 58 من القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء الذي اقتضى أنّ " كل مجلس قضائي ينظر في تأديب القضاة الراجعين إليه بالنظر". 3- ضرورة تنقيح الفصل 64 من القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء فيما نصّ عليه من إحالة القرارات التأديبية على رئيس المجلس لإمضائها وذلك بالنظر إلى ما تتضمنه إحالة الاختصاص لرئيس المجلس من اعتداء على صلاحيات المجالس القضائية المكلفة بالنظر في التأديب فضلا عن مساس ذلك بالقواعد العامة للاختصاص التي تقتضي أن تكون السلطة المؤهلة لإصدار القرار هي نفسها المؤهلة قانونا لإمضائه. 4- الاسراع بإجراء انتخابات المجلس الاعلى للقضاء ضمن الأطر الديمقراطية وطبقا لمبادئ الشفافية والنزاهة والحياد. المحور الرابع – المجلس الاعلى للقضاء ومعايير استقلال القضاء 1- ضرورة تشخيص الواقع الحالي لمنظومة التكوين القضائي وتقييمها وذلك بغرض ملاءمتها للأهداف المتعلقة بإرساء ثقافة الاستقلالية. 2- العمل على تلافي إسقاط القانون الاساسي للمجلس الأعلى للقضاء لصلاحيات الإشراف على تكوين القضاة والاتجاه بصفة انتقالية إلى تشريك المجلس الاعلى للقضاء في عضوية المجلس العلمي للمعهد الاعلى للقضاء في انتظار إحالة الاختصاص للمجلس بمقتضى تنقيح تشريعي. 3- الشروع في استشارة وطنية واسعة قصد إعداد دراسة معمقة وتقييمية لمنظومة تكوين القضاة والاعتماد في ذلك على أدوات تقييم علمية وموضوعية يتم الالتجاء اليها بشكل دوري وكلما اقتضت الضرورة ذلك. 4- الاسراع بمراجعة الاطار المنظم للمعهد الأعلى للقضاء وتركيبة مجلسه العلمي وذلك بمزيد انفتاحه على مكونات المجتمع المدني ومختلف المهن القضائية والقانونية. 5- مراجعة النصوص المنظمة لبرامج المعهد الاعلى للقضاء وتنويع المواد التعليمية التي من شأنها المساعدة على بناء شخصية القاضي وتمثل دوره في المجتمع ومؤسسات الدولة وذلك بإدراج العلوم الانسانية والاجتماعية ضمن برامج التكوين الاصلي والمستمر. 6- النظر في امكانية تنقيح القانون عدد 34 لسنة 2016 المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء وذلك بإضافة هيكل خامس هو مجلس القضاء الدستوري. المحور الخامس – المجلس الأعلى للقضاء والمنظومة القضائية 1- ضرورة تمكين مختلف الاعضاء المنتسبين للمهن القضائية والقانونية من الترشح لعضوية المجلس الأعلى للقضاء ومختلف هياكله استنادا للشروط الواردة بالدستور والمتعلقة بالاستقلالية والاختصاص مع ملاحظة أن تركيبية المجلس الأعلى للقضاء في حدود ثلث الاعضاء من غير القضاة قد انبنت على مفهوم خاطئ للاستقلالية انتهى إلى التضييق من مضمونها وذلك بترسيخ ارتباطها بالمهن او بإشراف القضاء عليها فضلا عن تكريس ذلك لنزعة قطاعية تتنافى مع الدستور ولا تأخذ في الاعتبار الاستقلالية الفردية لكل مترشح. 2- ضرورة اشراك المهن القضائية بصفة فاعلة في إصلاح المنظومة القضائية وتطويرها وتجاوز ما تشهده تلك المهن من اقصاء و تهميش. عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء