عجبا لوزير يصرّ على أن تظلّ وزارته والمؤسسات التّابعة لها مسرحا للتّجاذبات والاضطرابات والحسابات السياسية والحزبية الضيّقة . والعجب يزداد ويتضاعف حين نعلم أن موقفه هذا تسبّب السنة الماضية في أحداث تجاوزت حدود مؤسسة جامعية ليُصبحَ قضية وطنية تشابك فيها السياسي والقضائي والحقوقي , بقيت منها صورة الطالبة خولة الرشيدي وهي تحاول منع أحد “أتْياس” التيار السلفي إنزالَ العلم الوطني بمدخل إحدى الجامعات راسخة في الذّاكرة الجمْعية السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وبمناسبة انطلاق السنة الجامعية الجديدة عقد ندوة صحفية تناول فيها العديد من المسائل العالقة والحارقة . وأوضح بالمناسبة أنه تم اتخاذ قرار بالسّماح بارتداء النّقاب داخل أقسام الجامعات بعد “جلسات تشاورية” على حدّ قوله مع عمداء ومديري الجامعات , مشيرا إلى أنه ستتم صياغة قوانين جامعية جديدة تضْمن حقوق كل الطلاب وحرّياتهم بلا استثناء والكلام الأخير للسيد الوزير يحيلُنا مباشرة إلى موقفه السنة الماضية من قضية النّقاب التي دامت أشهرا بجامعة منوبة حين اعتبر الموضوع شأنا داخليا يهم المجلس العلمي للكلية , قبل أن تُحالَ المسألة إلى المحكمة الإدارية التي اعتبرت حرية اللّباس كجميع الحريات الفردية والجماعية تخضع إلى ضرورة أخذ تنظيم المصالح العمومية وسيرها العادي بعين الاعتبار , ويكون بالتالي عدم الكشف عن الوجه لأسباب دينية شكلا من أشكال الرفض عن كشف الهوية وهو ما يتعارض مع سير وتنظيم المرفق العام وفي محاولة منه للتّنصل من قرار المحكمة الإدارية وهو بالمناسبة ملْزمٌ للإدارة كبقية القرارات ذات العلاقة بها , قال الوزير إن الأمر موكول للمجلس التأسيسي ونوّابه للفصل في الموضوع من هنا يُعيدنا موقفه القديم الجديد الذي أعلن عنه في ندوته الصحفية بالسّماح للمنقّبات بلباس النّقاب في رحاب الجامعة , بل وصياغة قوانين جامعية جديدة في الغرض , إلى مربّع الانطلاق ويبشّرنا بسنة جامعية حارّة بل ومشتعلة , تؤكد أن السيد الوزير يصرّ على أن يكون وزيرا “إيديولوجيا” بامتياز غير عابئ بالمرّة بمبدإ حياد الإدارة , ويرفض أن يكون وزيرا لكل التونسيين في مجال اختصاصه فحين يتحوّل الوزير إلى نقيب “لنقابة المنقّبات” , مدافعٍ شرس عن خروجهن على العُرْف والقوانين الجامعية والأكاديمية , وتحوّلهن من إنسان أكرمه الله وقال فيه جلّ وعلا ” ألم نجعل له عيْنيْن ولسانا وشفتيْن ” إلى “زهْمولة كحْلة” , بل وصياغة قوانين جديدة على مقاسهن , فهذا يعني أنه يُنقّبُ عن بئر نفط من المشاكل لا حاجة للمجموعة الوطنية بها والتي تُعاني أصلا من حرائق السياسة والسياسيين وأسعار المحروقات لكل ذلك أسأل وزيرنا المحترم : هل أنتَ وزيرا للتعليم العالي أمْ وزيرا للبحث عن إشعال الحرائق العليا ؟؟؟؟ إنْ كان ذلك كذلك , أقول لَكَ ما قاله أحمد فؤاد نجم لمخلوع مصر : اجْمع مالك ولَمْلِمْ عيالك