تونس هي من الدول التي أظهرت تحسنا طفيفا على مؤشر مدركات الفساد 2016 الذي اصدرته اليوم منظمة الشفافية الدولية (المرتبة 75 وتحصلت على 41 نقطة من مجموع 100) وذلك يعود لعدة إجراءات اتخذتها الدولة لمحاربة الفساد وأهمها إقرار قانون حق الحصول على المعلومة والذي يعتبر من أفضل القوانين الموجودة في المنطقة العربية. بالإضافة إلى تطوير قدرات هيئة مكافحة الفساد (خاصة على المستوى المالي) ودعمها لجهود مؤسسات المجتمع المدني والمصادقة على الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ووجود مساحة مساءلة جيدة نوعا ما لجمعيات ومنظمات المجتمع المدني. كما صادق البرلمان التونسي على مشروع قانون لإنشاء قطب قضائي مالي متخصص في قضايا الفساد الكبرى، إلا أن الطريق لا يزال طويلا لوضع ركائز فاعلة في مكافحة الفساد وأهمها إقرار قوانين مثل حماية المبلغين عن الفساد (بصدد المناقشة داخل لجنة الحقوق والحريّات والعلاقات الخارجية)، وتجريم تضارب المصالح والإثراء غير المشروع والإفصاح عن الذمة المالية، بالإضافة إلى أهمية إنشاء الهيئة الدستورية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد. وشهدت سنة 2016 الإمضاء على اتفاقية قرطاج التي نصت في أحد بنودها على مكافحة الفساد والتهرب الضريبي والتهريب وهو ما تبناه رئيس حكومة الوحدة الوطنية السيد يوسف الشاهد في خطابه يوم 3 أوت 2016 حيث أعلن أن مكافحة الفساد تأتي في المرتبة الثانية في سلم أولوياته بعد محاربة الإرهاب. وبالتالي أصبح ملف الفساد أولوية وطنية أخذت حيزا هاماً من التغطية الإعلامية على امتداد ألسنة الفارطة بشكل خاص. وبالتالي فإن إقرار الدولة بوجود الفساد كان من بين العوامل التي زادت من ثقة المرقمين الدوليين في تونس بالإضافة إلى أن إنهاء خطاب "تونس فيها فساد مثل كل الدول" إلى خطاب "الحرب ضد الفساد أصعب من الحرب ضد الإرهاب" جعل الجميع يأخذ الحكومة على محمل الجد في حربها ضد الفساد. هذا ويحتاج القضاء التونسي إلى أن يكون أكثر شجاعة للفصل في قضايا الفساد وخاصة تلك العالقة منذ 6 سنوات بعد الثورة والتي لم يتم البت فيها بعد حيث أننا نأمل أن يساهم تركيز القطب القضائي المالي والمجلس الأعلى للقضاء في دفع استقلالية القضاء والقضاة للبت في قضايا الفساد وخاصة الكبرى منها. هكذا يمكننا القول إن القضاء التونسي مازال يمثل جسر الإفلات من العقاب للفاسدين، بعد ان حركت السلطة التنفيذية والتشريعية وتخلف القضاة عن الحرب ضد الفساد. هذا على المستوى الجانب التشريعي، أما إجرائيا، فيتعين على السلطة التنفيذية مزيد دعم هياكل الرقابة على مستوى رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية مع أعطائها جميع الصلاحيات والإمكانيات الكافية للقيام بدورها على أكمل وجه. كما تطالب منظمة أنا يقظ بالشروع في التدقيق في جميع تقارير الهياكل الرقابية التابعة لدائرة المحاسبات بخصوص السنوات الست الماضية من أجل القيام بالإجراءات القانونية والعدلية بخصوص ملفات الفساد المعلنة في التقارير والتي تجاهلتها الإدارة.