عاجل : معلق بريطاني من أصول تونسية يحتجز في أمريكا ...و العائلة تزف هذا الخبر    عاجل/ في عمليتين نوعيتين للديوانة حجز هذا المبلغ الضخم..    من وسط سبيطار فرحات حشاد: امرأة تتعرض لعملية احتيال غريبة..التفاصيل    عاجل: المحامية دليلة مصدّق تكشف آخر مستجدات الوضع الصحي لشقيقها جوهر بن مبارك..    رسميا: إستبعاد لامين يامال من منتخب إسبانيا    حكم نهائي على الزمالك المصري لصالح لاعب المنتخب الوطني    المشي اليومي يساعد على مقاومة "الزهايمر"..    سليانة: نشر مابين 2000 و3000 دعسوقة مكسيكية لمكافحة الحشرة القرمزية    عاجل: ميناء سوسة يفتّح أبوابه ل200 سائح من رحلة بحرية بريطانية!    عاجل-وزارة الدفاع الوطني: انتدابات وزيادة في الأجور    وفاة نجم ''تيك توك'' أمريكي شهير    حجم التهرب الضريبي بلغ 1800 م د في صناعة وتجارة الخمور بتونس و1700 م د في التجارة الالكترونية    عاجل/ سقوط سقف إحدى قاعات التدريس بمعهد: نائب بالمجلس المحلّي بفرنانة يفجرها ويكشف..    بطولة الماسترس للتنس: فوز الأمريكي فريتز على الإيطالي موزيتي    وزير الداخلية: الوحدات الأمنية تعمل على ضرب خطوط التهريب وأماكن إدخالها إلى البلاد    نابل: توافد حوالي 820 ألف سائح على جهة نابل - الحمامات منذ بداية السنة الحالية    عاجل: منخفض جوي ''ناضج'' في هذه البلاد العربية    تصريحات صادمة لمؤثرة عربية حول زواجها بداعية مصري    عاجل : تحرك أمني بعد تلاوة آيات قرآنية عن فرعون بالمتحف الكبير بمصر    QNB تونس يفتتح أول فرع أوائل QNB في صفاقس    عاجل: معهد صالح عزيز يعيد تشغيل جهاز الليزر بعد خمس سنوات    أقراص طبية لإطالة العمر حتى 150 عام...شنوا حكايتها ؟    نائب رئيس النادي الإفريقي في ضيافة لجنة التحكيم    بعد أكثر من 12 عاما من إغلاقها.. السفارة السورية تعود إلى العمل بواشنطن    مدينة العلوم تنظم يوم السبت 22 نوفمبر يوم الاستكشافات تحت شعار "العلوم متاحة للجميع"    المنتخب التونسي يفتتح الأربعاء سلسلة ودياته بمواجهة موريتانيا استعدادًا للاستحقاقين العربي والإفريقي    عاجل/ وزارة الصناعة والمناجم والطاقة تنتدب..    الكحة ''الشايحة'' قد تكون إنذار مبكر لمشاكل خطيرة    وزير الداخلية: الوحدات الأمنية تعمل على تأمين الشريطين الحدوديين البري والبحري    حاجة تستعملها ديما...سبب كبير في ارتفاع فاتورة الضوء    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    عاجل/ وزير الداخلية يفجرها ويكشف عن عملية أمنية هامة..    عاجل: حبس الفنان المصري سعد الصغير وآخرين..وهذه التفاصيل    المنتخب التونسي لكرة السلة يتحول الى تركيا لاجراء تربص باسبوعين منقوصا من زياد الشنوفي وواصف المثناني بداعي الاصابة    عاجل: هذا ما حكمت به الفيفا بين الترجي ومدربه الروماني السابق    الدكتور ذاكر لهيذب: '' كتبت التدوينة على البلايلي وساس وقلت يلزم يرتاحوا ما كنتش نستنقص من الفريق المنافس''    نقص في الحليب و الزبدة : نقابة الفلاحين تكشف للتوانسة هذه المعطيات    عاجل: اضطراب وانقطاع المياه في هذه الجهة ..ال sonede توّضح    النقابة التونسية لأطباء القطاع الخاص تنظم يومي 13 و14 ديسمبر القادم فعاليات الدورة 19 لأيام الطب الخاص بالمهدية    ياخي الشتاء بدا يقرّب؟ شوف شنوّة يقول المعهد الوطني للرصد الجوي!    مجلس الشيوخ الأمريكي يقرّ مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومي    وزير السياحة يبحث مع نظيرته الإيطالية سبل تطوير التعاون الثنائي في المجال السياحي    الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين في القراءة الأولى    العراق ينتخب.. ماذا سيحدث من يوم الاقتراع لإعلان النتائج؟    ترامب: أنا على وفاق مع الرئيس السوري وسنفعل كل ما بوسعنا لجعل سوريا ناجحة    الدكتور صالح باجية (نفطة) .. باحث ومفكر حمل مشعل الفكر والمعرفة    المهرجان العالمي للخبز ..فتح باب الترشّح لمسابقة «أفضل خباز في تونس 2025»    جندوبة: تتويج المدرسة الابتدائية ريغة بالجائزة الوطنية للعمل المتميّز في المقاربة التربوية    صدور العدد الجديد لنشرية "فتاوي تونسية" عن ديوان الإفتاء    قابس: تنظيم أيام صناعة المحتوى الرقمي من 14 الى 16 نوفمبر    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي: كافية الراجحي تتحصل على جائزة البحث العلمي وعملان تونسيان ضمن المُسابقات الرسمية    عاجل/تنبيه.. تحوير جزئي لمسلك خطي الحافلة رقم 104 و 30..وهذه التفاصيل..    شنيا الحاجات الي لازمك تعملهم بعد ال 40    طقس اليوم؛ سحب أحيانا كثيفة مع أمطار مُتفرقة بهذه المناطق    محمد صبحي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة ويُنقل للمستشفى    رواج لافت للمسلسلات المنتجة بالذكاء الاصطناعي في الصين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إن فعلتم فلن تكونوا أقلّ قبحا من التجمع … نقشة بقلم : رشيد الكرّاي
نشر في صحفيو صفاقس يوم 09 - 10 - 2012

التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار , وفي باطنه نظر وتحقيق . كلمات قالها العلاّمة ابن خلدون واضع علم الاجتماع منذ قرون حتى لا يكون التاريخ مادّة “عدميّة” أو تجارة مُربحة يطوّعها أصحاب القرار من أهل السياسة كيفما شاؤوا تبتعد عن باطنه وتُروّج لتحقيق غايات هي أبعد ما تكون عن نظر وتحقيق المؤرّخين وتفسير الظاهرة التاريخية في سياقها الطبيعي الزمني والإنساني
ومن يسعون اليوم في خضمّ أمواج البحر المتلاطم الذي يعيش على وقْعه المشهد السياسي في تونس إلى قراءة التاريخ الحديث على مقاس نظرة السياسي بدل المؤرّخ , إنما هم بصدد إعادة إنتاج ما اصطلح على تسميته “التاريخ يكتبه المنتصرون” وسيكتشفون أنّ ما كانوا يُعيبونه على أسلافهم السياسيين هم ورثتُهم بامتياز , ولم يخرجوا بالتالي عن القاعدة القائلة : وحْدها الأمم التي لا تُجيد قراءة تاريخها والاعتبار منه تُوصف بالمتخلّفة
وحتّى لا أغرق في الكتابة عن نظريات التاريخ والتأريخ , أقول إنّ من يدعون ويكتبون وينظّرون اليوم لإقصاء “التجمعيين” إذا كان فهمهم للعبارة يعني العائلة الدستورية برمّتها , من الحياة السياسية , لم يخرجوا في الحقيقة عن منطق الشيْطنة السياسية للخصوم بدل المحاسبة على الأفعال والتي تأخّروا هم أنفسهم إلى اليوم عن سنّ العدالة التي تتناولها كما حدث في كلّ البلدان التي شهدت ثورات وتغييرات كبيرة على بنيتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقائمة على قاعدة المساءلة والمحاسبة والمصالحة وهي التي تُسمّى العدالة الانتقالية
فالتاريخ شاء من شاء وأبى من أبى سيذكر الدستوريين في معركة تحرير تونس من الاستعمار الفرنسي وبناء أركان الدولة الحديثة , والرّهان على التعليم والصحة , وتحرير المرأة , والنهوض بمستوى عيش التونسيين , والنمط المجتمعي الوسطي المعتدل الفاعل والمتفاعل مع محيطه الخارجي وغيرها من مظاهر الحياة التي لا تخلو مع ذلك من نقائص وشوائب تسبّبت في عديد الهزّات
وسيذكُر التاريخ رغم أنف الجاحدين صورة الزّعيم الحبيب بورقيبة أوّل رئيس للجمهورية في أكثر من محفل دولي ومع أكثر من زعيم دولة عملاقة وهو يتكلّم ويُبلغ صورة ومواقف دولة صغيرة في مساحتها وثرواتها الطبيعية , كبيرة بقِيَم وذكاء أبنائها وبناتها التي كان يسمّيها رحمه الله “المادّة الشخمة” . بل لم يتوان بورقيبة وهو في خريف العمر عن تهديد الولايات المتحدة بقطع العلاقات الدبلوماسية معها إن هي استعملت حقّ الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن يُدين عدوان الكيان الصهيوني الغادر على حمّام الشط في أكتوبر 1985 وما خلّفه من شهداء تونسيين وفلسطينيين . وفعلا كان له ما أراد وامتنعت حكومة رونالد ريغن عن التصويت وصادق المجلس على قرار تاريخي بالمعنى السياسي والدبلوماسي في تاريخ الصراع العربي الصهيوني
أما من يتحدّثون عن التجمع بالمعنى “النوفمبري” , فأقول إن التجمع لم يكن أبدا وريثا للحركة الدستورية بل إن الغالبية العظمى من الدستوريين هم أوّل المتضرّرين منه ولم ينخرط فيه إلاّ قلّة قليلة سرعان ما انسحب أكثرها
التجمع كان واجهةً لحكم فردي كلْياني , لعب على كل المفردات السياسية الجميلة كالديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والمؤسسات وغيرها من الوصْفات السريالية التي لا يمكن أن يتّسع لفهمها فكرُ من كان مستواه التعليمي الثالثة ثانوي إنْ صدق , ووصل إلى سدّة الحكم كما قال الشاعر أولاد أحمد :
أقبل الجيش علينا ببيان مدني
قد غُدرْنا بنبيّ وغُدرْنا بنبيّ
أيها المبعوث فينا وقْعُ
أقدامك يا سيدي عسكري
التجمع كان علْبة فساد , أعواد كبريتها من عائلة وانتهازيين ومقرّبين , تشكّلُ الدائرة الأولى لعُرّابه الأول , وانتفع بشظاياها بعض “مناضلي” الصّف الثاني , وهو بعد حلّه ومصادرة أملاكه لا يُمكن أن يعود , لأن أسباب وجوده انتفت تماما مع غياب رمزه اللاّجئ في السعودية
لذلك لا يخرج كلام دعاة الاستئصال والاجتثاث الأعمى عن منطق الصراع السياسي بين المؤثثين للمشهد السياسي مع ما يحمل ذلك من أخطار اللّجوء إلى القوة والعنف وسيلة لتصفية المنافسين وفرض قواعد اللّعبة السياسية بشروط وحدود طرف مُعيّن دون آخر وهو مسعى إن أصرّ أصحابه عليه سيجرّ البلاد إلى المجهول ويعصف بحُلم شعب بأكمله رأى في ثورته أملا تولّد في النفوس للقطع مع الدكتاتورية والرأي الواحد والزعيم الأوْحد
والتنافس الديمقراطي في كل هذا يبقى هو البديل الشرعي للصراع السياسي ، وهو ما حاولت العملية السياسية قبل انتخابات التأسيسي ترسيخه كمنهج عمل سياسي يتيح للتونسيين التداول السلمي للسلطة وبناء مؤسسات الدولة المدنية. فهل تبدو الساحة السياسية التونسية كما أريد لها أن تكون، فضاء ديمقراطيا قائما على التنافس السلمي بين الأحزاب والكتل السياسية، لتبادل مواقع السلطة من خلال أصوات أبناء الشعب صاحب السلطة الحقيقية والشرعية الدائمة ؟
في الختام أودُّ أن أتوجه للذي تُلهيه هويّتي السياسة قبل فكري لأقولَ له تعاملْ مع أفكاري ولا تكثر السؤال عن انتمائي . ومع ذلك وإرضاءً لفضوله أقول له إذا كانت عقدة الانتماء لديك بمنطق الفوقي “المنتصر” التجمعي بالأمس والإخواني اليوم , ومع أن الذين يعرفونني بصدق يشهدون أنّني لم ولن أتحزّب يوما , فلا مانع لديّ من أن يمنحني “الكاسِبُون” الجدد صفة التجمعي : فهذا شرف لا أدّعيه وتهمة لا أنكرها , ولا تُرهبُني الكلمات التي تُسوّقُ اليوم مُرادفا لإبليس اللّعين , لأنّني ببساطة لا أختلف مع هذا التجمعي في الجوهر , وهو مدنيّة الدولة وقِيم الجمهورية والنمط المجتمعي الوسطي المعتدل المحافظ على هويته والمنفتح على الآخر , والقيم الكونية , وهو ما يتبنّاه أكثر من حزب ديمقراطي في تونس بعد الثورة بينهم “نداء تونس” و”الجمهوري” لإيمانٍ شخصي بألاّ مجال لأحزاب سياسية حقيقية وجدّية وقادرة على قيادة دولة مدنية حديثة متوازنة وقابلة للتقدم إلاّ إذا توقّفت عن المتاجرة بشيئين الإسلام والعروبة . وكل من يرفع هذه الشعارات في الواجهة مفلس وجبان لأنه يخشى أن يواجه الواقع مواجهة علمية واقعية فيلتجأ إلى مشاعر الناس لخداعهم وإيهامهم بالخطر المُحدق بمعتقداتهم وهوّيتهم …


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.