أمسية تكريم و لمسة وفاء تلك التي واكبناها ، مساء السبت 4 مارس 2017 وقد أعدّها و أنجزها و أشرف على تنظيمها ثلّة من خيرة قدماء تلامذة معهد 15 نوفمبر طريق العين صفاقس ، هذه المنارة العلمية التي صنعت الرجال و كيّفت العقول و هذّبت الأذواق و أنتجت اطارات و شخصيات إعتباريّة فاعلة في المجتمع بها نعتزّ اليوم و نفتخر ، كان الحفل بالفعل بهيجا ، إلتقت من خلاله أجيال ما كان لها لتلتقي لولا هذه الحركة النبيلة ، حفل جمع بين التنشيط و الموسيقى و الهدايا و كلمات التكريم و الإحتفاء ، إنّها الفسحة التي نشطت فيها الذاكرة وعلت فيها الإبتسامة و تجسّد فيها الودّ و ترجّل الوفاء و ليس لنا إلاّ أن نقول بعدها "مازال الخير في الدنيا " و هذه كلمة الأستاذ : عبد اللّطيف الهذيلي " بالمناسبة : حين تلتقي الأجيال ذات مساء ، بعد فراق و عناء ، ليكون الوفاء هو المقصد و الرهان – و حين يجتمع الأستاذ و التلميذ والقيّم و العامل و الإداري بعد فراق عقود من الزمان- و حين تنشط الذاكرة ، فتستحضر ما كان بالقسم و الساحة و في هذا المكان – و حين تمّحي الإنتماءات و يغيب التحزّب و ترى الكلّ إخوان – و حين تتلألأ الوجوه و تدمع العين لؤلؤا و مرجان – و حين تفيض القلوب وجدا ، و ينساب الودّ فيضا و يحترق الوجدان – و حين تتجمّل الخيمة و تحضر الموسيقى و المرطّبات و الهدايا على كلّ الألوان – و كلّ ذلك في زمن طغى فيه الجحود و قلّ الوفاء و عمّ النسيان – حينها نقول للتاريخ : آن الأوان – و نقول للأرض : يا أرض كفّي عن الدوران –و نقول للزمان :إرجع يا زمان و قف هنا و الآن – فلازال عند أبنائنا الكثير من قيم الإنسان – و عند قدماء تلامذة معهد 15 نوفمبر الإقامة و العنوان –أقولها و أنا متأثّر جدّا جدّا، إلى حدّ الهذيان – و لا أدري بعدها إن كنت متفلسفا أو شاعرا ضاعت عنه الأوزان – المهمّ أنّي أدّيت الأمانة و لو بحدّ أدنى من الإتقان – و ساهمت في تكوين خيرة الرجال و خيرة الحرائر من النسوان –بهم و بهنّ نعتزّ و نفتخر و نتباهى بلا حسبان – و نشكر الله على ما أصبحوا عليه من مكانة لا تقدّر بميزان – أشكر كلّ من فكّر و دبّر و نظّم و أشرف و أنجز و جمع الشمل و جعل للوفاء كيان – و هذه سادتي بالحجّة و البرهان – أخلص عبارات الشكر و التقدير و الإمتنان – و هذه أبلغ معاني الإعتراف و العرفان – و في البيان القليل من الوضوح و الكثير من الكتمان- أقول : أخلص عبارات الشكر لا تكفيكم – و أبلغ معاني الإمتنان لا تفيكم – أنتم الودّ و شهد الودّ لا يضاهيكم – أنتم الوفاء و في قمّة الوفاء مقام معاليكم – و الله نسأل أن يصونكم و يحميكم – و أن يسعد أيّامكم ولياليكم – و بالصحّة و الخيرات يجازيكم – و أن يساعدكم على تحقيق أغلى أمانيكم – أعلم أنّ اليومي لا يغرقكم و لا يلهيكم – و أنّ المشعوذ و تاجر السياسة لا يغريكم – و في هموم الوطن و شؤون المدينة لاينسيكم – فبالله خيرا بالوطن أوصيكم – فتونس تحتاجكم و تناديكم – الوطن جريح و الطبيب منكم و فيكم – و آمالنا معلّقة عليكم – و هذا أستاذكم يحيّيكم – و يقول لكم : ضعوا تونس في مآقيكم – و هذه منّي السلام عليكم .