يحيي الشغالون اليوم في كل أنحاء العالم ذكرى عيد العمال العالمي للتأكيد كما في كل عام على وحدة الطبقة العاملة العالمية وعلى تضامنها دفاعا عن حقوقها ومكتسباتها التي باتت مهددة أمام تواصل هيمنة التمشي النيوليبيرالي على الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية وتهديده لحقوق الشعوب في التعايش السلمي وتأجيجه لنزعات التطرف العرقي والقومي والديني في مختلف مناطق العالم. و تترافق ذكرى هذا العام في عدة بلدان رأسمالية مصنعة بعودة بارزة لقوى اليسار والحركات النقابية والاجتماعية والثقافية المناهضة لايديوليوجيا العولمة وتهديدات "ديكتاتورية رأس المال" واقتصاد السوق لا فقط لقوى العمل بل لكل المجتمعات الانسانية ولحقوق الأجيال القادمة في بيئة سليمة وتنمية مستدامة. ان احياءنا في تونس هذا العام، الى جانب القوى الاجتماعية الوطنية لعيد العمال لا يمكن فصله عن ما تشهده بلادنا منذ أشهر من تحركات نقابية متصاعدة لعدة قطاعات ومن تحركات اجتماعية واحتجاجية شملت المعطلين وضحايا التشغيل الهش والعائلات المعوزة، وعائلات شهداء وجرحى الثورة وعائلات المفقودين في الهجرة الغير نظامية وطلبة الحقوق… كما شملت عديد الحركات البيئية وانخراط مواطني الجهات الداخلية الفقيرة في تحركات جماهيرية واضرابات عامة للمطالبة بحماية مواطن الشغل والمطالبة بالتنمية ووقف الحيف الذي طال عقودا وصار يهدد أوكد مرافق وشروط الحياة. ويبقى المنتدى على يقين وانطلاقا من التهديدات المستمرة التي تطال الحق في التظاهر وحقوق الحركات الاجتماعية عموما وتردي المناخ السياسي العام بالبلاد أن استمرار الحكومة في نهجها الحالي وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية القائمة على ملاحقة الحركات الاجتماعية والتصدي لتحركاتها السلمية ومحاكمة نشطائها والدفع باتجاه عزلها وتشويش صورتها سيزيد في تأجيج أسباب الاحتقان ويحمل الحكومة في هذا السياق مسؤوليتها كاملة ويدعوها الى معالجة الاشكالات العالقة دون تأجيل والى مراجعة جذرية لسياساتها قبل فوات الأوان. لقد أكد المؤتمر الأخير للحركات الاجتماعية الذي نظمه المنتدى في شهر مارس على تطور ملموس لمستوى الوعي المواطني والمدني لدى عديد الحركات السلمية وتنوع أشكال احتجاجها وتعبئتها، كما أبرز الحاجة الملحة التي عبر المؤتمرون اليوم لوحدة الحركة الاجتماعية الديمقراطية وتظافر جهودها وهي وحدة يحتل فيها الاتحاد العام التونسي للشغل مكانة مركزية ومحددة اعتبارا لدوره الوطني ووزنه الجهوي والمحلي. ويهم المنتدى ان يؤكد للشغالين والشغالات ولكل ضحايا التهميش والإقصاء على خطورة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانسداد الأفق السياسي امام الفشل الحكومي وأمام ارتفاع نسبة المديونية وانهيار قيمة الدينار وتعطل مشاريع التنمية في الجهات وهو ما يدعونا جميعا الى تحمل مسؤولياتنا الوطنية من أجل انقاذ المكاسب السياسية التي باتت مهددة والتقدم نحو انتقال ديمقراطي واقتصادي يقطع مع منظومة الماضي وهو ما يحتاج اليوم الى وحدة فعلية للقوى الاجتماعية والديمقراطية المناضلة ميدانيا والى وضوح أهدافها المشتركة في المرحلة الراهنة من أجل: حماية حقوق الأجراء وضحايا التشغيل الهش وإنقاذ منظومة التغطية الصحية والحماية الاجتماعية وتكريس منظومة جبائية عادلة لا يتحمل الشغالون وحدهم أعباءها وإقرار عقد اجتماعي جديد يحفظ حقوق الشغالين وحقوق كل الأطراف الاجتماعية على حد السواء دفع الحكومة الى اتخاذ اجراءات فعلية وجدية عاجلة للتصدي لآفة الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة والإدارة والاقتصاد مركزيا ومحليا فضلا عن ضرورة تكثيف الضغط لحمل رئاسة الجمهورية على سحب مشروع قانون المصالحة المتناقض مع ارادة مقاومة الفساد وروح ومسار العدالة الانتقالية. توسيع وتعزيز مستويات التنسيق بين الحركة النقابية والحركة الاجتماعية المتنوعة جهويا ومحليا لضمان الالتفاف الشعبي والاجتماعي حول مجمل المطالب الملحة ودفاعا عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي اقرها دستور جانفي 2014 وانتزعتها الجهات المهمشة والشرائح الاجتماعية الضعيفة وعموم المواطنين بعد ثورة الكرامة. ان المنتدى بقدر ما يبقى مستعدا لكل حوار اجتماعي جدي ينقذ البلاد من مخاطر استمرار التوتر والاحتقان سيبقى منخرط نضاليا وميدانيا الى جانب الحركات الاجتماعية والنقابية والمدنية المدافعة عن حقوقها ايمانا منه بالتلازم بين الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية. المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن الهيئة المديرة