إذا طرقنا باب الفنّانين و ولجنا عالم المطربات و المطربين ، فأعلم أنّك في "عالم المزروبين " ، الكلّ يسعى إلى الشهرة و الثروة و الكسب المكين ، في أسرع وقت و بأقلّ كلفة و بنزين ، و الحصيلة أغان بالذوق تستهين ، كلماتها قنابل موقوتة و براكين ، ألحانها نشاز و خليط من الطين و العجين و الطنين ، إذا تابعتها فإستعن بقارورة أكسجين ، و بأقراص أسبرين ، و عليك قبلها بالحصن الحصين … ها هو فنّان " الغلبة " و سالب تراث الميّتين ، يترصّد جيوب المغفّلين ، بأغنية : " ناقصك السواك يا إمعوجة الأحناك " و أغنية : " هبلة و إعطاوها طبلة " و ختمها بموّال : " حسن إمشى إيلوّج على حسين ، ضاعو الإثنين " ، فنّان يغنّي و "يبعوق " و بالجمهور يستعين ،و كأنّنا إزاء " بروفة " أو مجموعة تمارين ، يرقص يتمطّط يتلوّى ذات الشمال و ذات اليمين ، و هو للإيقاع رهين ، و العرق يتصبّب من الجبين ،و الجمهور يتمايل و يهلّل لأجواء التسخين ، و هو الذي علّموه فنون التصفيق و التلقين ،و المهمّ عنده الكاميرا و تكسير الروتين ، و أمّا سموّ المعاني ورفعة الذائقة فتلك أساطير الأوّلين … بهكذا أغان تحوّل فنّان " الغلبة " من فأر إلى أسد في عرين ، و من مطرب مغمور إلى سلطان المطربين ،و قد ساعدته برامج تلفزيّة يديرها عميد الممشّطين ، هذا الذي إستضاف الفنّانة " لوبانة " و أنزلها إلى الميادين ، و قد حوّلها من نكرة إلى نجمة في الحين ، و من عشب طفيلي إلى زهرة ياسمين ، و الحال أنّ النظر إليها و متابعة نهيقها يحتاج إلى تدخّل شركات التأمين ، وجهها ، يا سادتي ، يحتاج إلى خبير في عالم التلوين ، و يدعوك إلى الترحّم على قرد دارويين ، نظراتها شظايا تشعل الكوانين ، عطرها المستورد ممزوج بالنيكوتين ، فستانها ذي شبابيك صمّمها أمهر المهندسين ، و خاطها أشهر الخيّاطين ، به و من خلال ثقوبه تصبح قادرة على قلب جميع الموازين ، و لمّا غنّت أغنية : " مزروب و ناقص ركوب " بصوتها الهجين ، رقص الجمهور رقص الدلافين ، و صاح شيخ الممشّطين التلفزيين و هو يقطر حنين : " يا ما ما ، يا ما ما على الذوّاقين ، آنستي تستحقّين قبلة على الجبين " و في هذه بالذات لم أكن له من الحاسدين … حاورها ممشّط الركاكة و أخواتها في الحين ، و لا قدرة لي على فهم لغة " التمسكين " و " التكمبين "، ما فهمته أنّ " الهوّ" عندها في إستراحة المحاربين ، و أنّ " الأنا " المسكين واقع في كمين ، لذلك علينا بفرويد و بأمهر المحلّلين النفسانيين ، إذ لا همّ لها غير الشهرة و الكسب شماتة في الكائدين ، لعلّها بإطلالة تلفزيّة تسقط مناورات المنافسين ، و تضمن موسما صيفيّا مليئا بالعرابين ، و لا حديث بعدها عن الجباية فذاك شأن الفقراء من الموظّفبن .