هناك خُلُقٌ عظيم لم يتحدّث عنه إلا البعض مثل عمرو خالد و محمود المصري و إبراهيم الفقي رحمه الله.. إنه خُلُقُ البساطة.. البساطة هي أن تكون عفويّا في كلامك لا تتشدّق بألفاظ محسّنة منمّقة و يكون خطابكَ مفهوما سواء في الحديث الشفوي أو في الكتابة.. و عندنا متحدّثون و كتّاب يريدون استعراض عضلاتهم اللغوية و هم مخطئون إذ يظنّون أن الناس ستُعجَب بهم.. البساطة هي ألا تتصنّع في تصرّفاتكَ مع الآخرين.. كن أنتَ في ضحكتك، في مشيتك، في حركاتك و في سكناتك.. طبعا يجب أن تكون لبقا لا " فرفاشا " فنحن لا نريد ذلك.. لكن إذا أردتَ تبديل طريقة كلامك من أجلهم.. إذا أردتَ أن تأكل السمك " بالفرشيطة " لأنك مع جماعة " هاي " فذاك شأنك.. البساطة هي ألا نعقّد مناهجنا الدّراسيّة.. نعتمد لغة مبسّطة في التدريس و نوصل المعلومة للتلميذ بطريقة سلسة و هذا ما لا نجده مثلا في المقاربة بالكفايات المعقّدة في برامجها الرسمية و في دروسها و في امتحاناتها و في " معايير " إسناد الأعداد و في دفاتر التلاميذ و وثائق المعلّم.. البساطة هي ألا نصعّب من الإجراءات الإدارية و ألا نكثر من الملفات و الوثائق فتتكدّس الأوراق دون فائدة.. البساطة هي أن تكون فاتورة الاستهلاك واضحة و لغة القوانين غير قابلة للتأويل في عدة اتجاهات.. البساطة هي ألا نعقّد حفل الزواج بالضجيج و الزّازا و الهرج و المرج ( لا أقصد الموسيقى و الرّقص و الفرح ).. جوقة موسيقيّة و مأكولات و مشروبات و كراء أفخم الصالات و الملابس من أجل 3 ساعات يظلّ بعدها الزّوجان منهكَيْن لمدّة أيام و قبلها مصروف و بعدها كذلك في شهر العسل.. شروط لا تنتهي قصر و سيارة آخر موديل و زرابي ملكيّة و أثاث و تجهيزات آخر صيحة.. ثمّ تأتي صيحة فزع من كثرة الإنفاق و المديونيّة.. و أين الهناء و البركة في حفلات الزّواج ؟ و أين المحبة الصافية و الودّ ؟ فخفخة و مظاهر و مادّيّات.. في أوروبا المادية يعزفون بعض المقطوعات على القيتار و يلقي آباء الزوجين كلمة و يغنّون و يضحكون و يتبادلون التهاني و ينتهي الحفل في جوّ بهيج.. البساطة هي ألا تقتني العائلة أكثر من حاجاتها الاستهلاكية و تريد أكبر كبش في العيد كي تباهي به الآخرين و تبدّل السيارة بعد عامين من شرائها و كذلك تغيّر الحاسوب و التابلات و غير ذلك من الأجهزة و الأثاث الزّائد عن الحاجة.. استهلاك و لهفة و تكالب و عطش دائم و جري دون راحة.. و هل حصلت الفرحة ؟ البساطة هي ألا نغلو في ديننا و ألا نتشدّد فيه.. و أن نختار الأيسر بين أمرين ما لم يكن إثما كما كان يفعل الرّسول محمّد صلّى الله عليه و سلّم.. البساطة هي هذا و أكثر..