صحيح أنه توجد حالة من التعطل وحتى التعطيل كردّة فعل على الظلم الذي تسلط على عديد الموظفين السامين في الدولة الذين قاموا بتنفيذ قرارات وتعليمات سيادية لم يكن بإمكانهم ردّها، فوجدوا أنفسهم محل ملاحقة قضائية وإهانة ومعاناة مادية وجسدية ونفسية ومسّ من اعتبارهم ومن شرفهم وشرف عائلاتهم. لكن حل مشكلة هؤلاء الموظفين المظلومين لا يحتاج إحداث قانون جديد خاص بهم، لأن القانون موجود ويكفي أن يطبّق في حقهم الفصل 42 من المجلة الجزائية الذي ينص على أنه: "لا عقاب على من ارتكب فعلا بمقتضى نص قانوني، أو إذن من السلطة التي لها النظر"!! ومذكرة من وزير العدل إلى النيابة العمومية باعتباره رئيسها من الناحية القانونية، كانت كفيلة بحلّ المشكلة. وحتى بالنسبة للقضايا المنشورة لدى حكام التحقيق أو الدوائر القضائية المختلفة، فمن شأن اتحاد طلبات النيابة العمومية مع محامي الدفاع على طلب تطبيق الفصل 42، أن يضمن غلق ملفات التتبع أو التسريع بفصلها. لكن ما هي سلبيات قانون المصالحة الإدارية؟ في تقديري هناك سلبيتان رئيسيتان: الأولى، عدم كشف الحقيقة وتعرية شبكات الفساد الأخطبوطية لمحاسبتها. ثانيا، ضمان الإفلات من المحاسبة للموظفين العموميين الذين لم يحصلوا على رشاوي مباشرة من تدخلاتهم، لكنهم كانوا يقدّمون متطوعين خدمات جليلة لرموز الفساد في النظام السابق. ونالوا لقاء ذلك ترقيات وتعيينات في مواقع قرار لا يستحقونها كمكافأة على خدماتهم. وفي ذلك اعتداء على كرامة وحقوق كل الموظفين الشرفاء الذين لم يبيعوا ذمّتهم!! تمنيت لو أني سمعت من معارضي القانون خطابا رصينا وهادئا يقنع الناس ويجعلهم يتعاطفون مع موقفهم وينتصرون له، لكن الشعبوية البغيضة والشطحات الفلكلورية المتشنجة والمراهقة أفسدت كل شيء!! ومع ذلك، مانيش مسامح في كل من شأنه تضييع الحقيقة وضمان إفلات الفاسدين ومعاونيهم من المحاسبة وتفكيك منظوماتهم الشيطانية.