قد يظن البعض ان الكرسي هو مجرد قطعة اثاث مثله كمثل السرير او الطاولة او الخزانة او اي قطعة اثاث اخرى و لا يستحق ان تكتب فيه مقالة , ولكن الواقع يقول غير ذلك فالكرسي الذي نسب ظلما الى الاثاث هو واحد من اقوى انجازات البشرية منذ فجر تأريخها حتى يومنا هذا وهو اختراع يفوق بقيمته الذرة والصواريخ والانترنت وكل شيء اخر . فالكرسي هو محور تطور الحضارة البشرية من ألاف السنين ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا فهو الذي قامت بفضله الدول و الامبراطوريات وهو الذي قامت من اجله الحروب المدمرة ولم يكن هناك حدث عظيم تاريخي إلا وكان الكرسي محوره واللاعب الرئيسي فيه . والكرسي له مجال جاذبية خاص به يفوق قوة الجاذبية الارضية وحتى جاذبية الثقوب السوداء وهذا المجال لا يترك لأي شخص يقترب منه فرصة للإفلات او الهرب و لا يستطيع الافلات من جاذبية الكرسي إلا من انجذب الى مجال جاذبية لكرسي اكبر واقوى او جذبه اليه سيدنا عزرائيل . والكرسي بخلاف الجوامد الاخرى يتمتع بإحساس عميق ومشاعر دافئة تجعل من يتعرف عليه لا يود مفارقته ويظل ملتصقا به حتى اخر يوم من حياته وحتى بعد موته لا يحب ان يترك كرسيه العزيز لأحد غريب فيتركه لأبنائه فقط وهو من اجمل المشاعر البشرية واسماها . كما ان الكرسي ” لعوب ومثير ويغري و غنوج ” وليس له أمان ومن يعاشره يجب ان يضع عينيه عليه ليلا ونهارا كي لا يهرب مع غيره ويكون اذكى لو انه اصطحبه معه في حله وترحاله كي لا يقع فريسة للطامعين . والكرسي لديه قوى خارقة تفوق قدرات اي جني او عفريت او ” السوبرمان ” نفسه , فمن يجلس عليه يتحول من احمق الى نابغة ومن جاهل امي الى ” فطحل ” وبليغ ومن قبيح الى وسيم ومن فقير معدم الى ملياردير منعم وما أن ينهض بإرادته ( وهو مالم يحصل في العالم العربي حتى الان بسبب الجاذبية طبعا ) او يخلع عنه بالقوة , حتى يزول السحر ويصبح البطل الصنديد جبان والوطني خائن وهلم جرا . ومن يعاشر الكرسي يعشقه ويبذل الغالي والنفيس من اجله لا بل و يخون الوطن من أجله ويغلق عينه عن اهات المظلومين وينسى كل شيئ و لا يرى امامه إلا هذا المعشوق ذو القوام الممشوق . والكرسي لدى العوام من الاشياء المضرة فهو يسبب اوجاع الظهر والبواسير ويكبر الكرش ولذلك فان الحكام وحرصا منهم على صحة الشعوب يمنعونهم من الاقتراب من كراسيهم لا بل وحتى حذفوا الكراسي من المدارس كي لا يتعود الجيل الناشئ على الكراسي ومضارها الصحية . ويبقى الكرسي ملهم الشعراء والرسامين والفنانين ومعشوق السياسيين حتى يجد علماء الفيزياء حلا لجاذبيته القوية عسى ان نتمكن يوما من التخلص من سيطرته على كل حياتنا اليومية .