ما يبطل الصيام ويوجب القضاء الأكل والشرب مُتعمّداً، ذاكراً لصومه: والأكل معناه إدخال شيء إلى الجوف عن طريق الفم، ما ينفع وما يضرّ بشكل عام. القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنّ من أكل الصائم أو شرب ناسياً فإنّه يُكمل صومه ولا قضاء عليه، والدليل حديث أبي هريرة أنّ الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (من نسِيَ وهو صائمٌ، فأكل أو شرب، فلْيُتِمَّ صومَه، فإنّما أطعمه اللهُ وسقاه)،[9] ولا فرق في ذلك إن كان صيامه فرضاً أم نفلاً، لعموم الأدلة عند الجمهور. القول الثاني: ذهب مالك إلى أنّ من أكل أو شرب ناسياً في رمضان فلا قضاء عليه، أمّا لو نسي الصائم في غير رمضان وكانت نافلةً فأكل أو شرب فعليه القضاء. إذا أكل الصائم أو شرب أو جامعَ ظانّاً منه غروب الشمس، ومثله عدم طلوع الفجر، وبعد الانتهاء ظهر خلافه، في هذه المسألة لأهل العلم قولان: القول الأول: أنّ عليه القضاء، وهذا مذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمّة الأربعة. القول الثاني: أنه لا قضاء عليه، وهذا مذهب أحمد في أحد قوليه، وإسحاق، وابن حزم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية. تعمُّد الأكل والشرب: القول الأول: تعمّد الأكل والشرب في رمضان يُوجب القضاء فقط، بهذا قال الإمام الشافعيّ وأحمد في الرواية المشهورة عنه، وأهل الظاهر، والسبب عدم ورود نصّ صريح يوجب الكفّارة في الأكل أو الشرب، إلا في الجماع، فيقتصر عليه ولا يتعدّى إلى غيره؛ وذلك لعِظَم هتك حرمة شهر رمضان، فبإمكانه أن يصبر عن الجماع إلى الليل بخلاف الأكل والشرب فهو ما اعتاد عليه. القول الثاني: تعمُّد الأكل والشرب في رمضان يوجب القضاء والكفّارة معاً، قياساً منهم على الجماع، والعلّة في ذلك اشتراكهما في انتهاك حرمة الصوم. اعتمد هذا القول مالك وأبو حنيفة وإسحاق. تعمُّد القيء: فإن كان القيء بعدم إرادة الصائم، أي غلبه القيء وخرج بنفسه، فالقول فيها وبلا خلاف لا قضاء عليه ولا كفارة، لحديث أبي هريرة أنّ النبي -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (مَن ذرَعه القيءُ وهو صائمٌ فليس عليه قضاءٌ، ومَنِ استقاء فليَقْضِ).[10] الحيض والنفاس: المرأة التي حاضت أو نفست في نهار رمضان، ولو في اللحظة الأخيرة منه، فسد صومها، ويجب عليها قضاء هذا اليوم، وهو بإجماع العلماء. تعمُّد الاستمناء: وهو تعمّد الشخص إخراج المني بعدم وجود الجماع، كالاستمناء باليد أوغير ذلك بقصد إخراجه بشهوة، وكان مُتعمّداً وذاكراً صيامه، فأنزل شيء من ذلك، فيه قولان: القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن صومه يفسُد، ويلزمه القضاء. القول الثاني: ذهب ابن حزم إلى أن صومه لم يفسد وإن تعمَّد. نيَّة الإفطار: القول الأول: فإن نوى الصائم إبطال صومه وعزم الإفطار جازماً مُتعمّداً ذاكراً صيامه فقد بطل صومه وإن لم يفسد صومه بالأكل أو الشرب؛ لأنّ الشروع في الصّوم يتطلّبُ فقط نيّة الصّوم، وكذلك الخروج من الصوم لا يتطلّب سوى النية، والنية شرط أداء الصّوم، وهنا قد أبدله بضدّه، ودون هذا الشرط لا تتأدَّى العبادة. هذا مذهب الإمام الشافعيّ، وظاهر مذهب الإمام أحمد، وأبو ثور، والظاهريّة. القول الثاني: ذهب أصحاب هذا الرأي إلى أنّ الصائم إن عاد في رأيه فنوى قبل انتصاف النهار جاز ذلك، بناءً على أنّ الصوم عندهم تصحّ نيّته من النهار. الرِّدَّة عن الإسلام: اتّفق أهل العلم دون خلاف في أمر من ارتدّ عن الإسلام أثناء الصوم فإنّه يفسد صومه، ويجب عليه القضاء إن عاد إلى الإسلام، سواءً كانت عودته أثناء اليوم أم بعد انقضائه؛ ذلك أنّ الصّوم عبادة، ومن شرطها النية، فأبطلتها الردّة.