مدينة مليونة بأكملها كمدينة صفاقس.. تزود كلها من خلال قناة واحدة.. قناة لا يتم تعهدها كما ينبغي… ثم يحدث ما لم يكن في الحسبان.. تنفجر تلك القناة تحت ضغط الماء وضغط الهرم والتقادم وقلة العناية … ويذهب الماء الثمين هدرا… ويتوقف تدفق الماء في شرايين ثاني أكبر ولاية في الجمهورية – التي كانت تعاني أصلا من تقطع في التزود بالماء ومن نوعيته الرديئة – وتبقى المدينة للعطش.. لم يدري أهل المدينة ما يفعلون؟؟ في البداية لم يفهموا سبب الانقطاع .. ثم جاء الخبر ليس من المسؤولين.. ولكن عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟؟ لقد انفجر الأنبوب..ثم ماذا؟؟ هل تحرك المسؤولون في السلطة لتدبر حلول عاجلة تخفف معاناة الناس في عز فصل الصيف؟؟؟ لم يحرك أحد ساكنا. صرخ الناس استغاثوا استنكروا لكن … تكون قد أسمعت لو ناديت حيا… ولكن لا حياة لمن تنادي… احتمى الوزراء والمسؤولون داخل مكاتبهم المكيفة بالصمت… وتركوا أهل البلاء في بلائهم… صرخ الناس.. نددوا بما حصل لهم .. أرسوا البلاغ تلو البلاغ عبر إذاعتهم المحلية .. ولكن لا شيء.. فقط خبر مقتضب عن التجند للقيام بإصلاح العطب؟؟؟ حسنا.. ولكن ماذا يفعل الناس في أثناء ذلك من أين يشربون من أين يستحمون من أين يسقون حيواناتهم ومغروساتهم ؟؟؟ ماذا يفعل سكان العمارات والبيوت التي ليس لها خزانات مياه أو آبار؟؟؟ وماذا يفعل من ليس له الإمكانات لشراء المياه المعدنية ( وإلا كيف العادة قيد على الصفاقسية مركنتية وعندهم الفلوس )؟؟ تموت عطشا؟؟؟ كيف يمكن للحياة أن تستمر من دون ماء؟؟؟ كيف يذهب العامل لعمله؟؟ كيف تعمل المطاعم والمقاهي والمستشفيات والمصانع من دون ماء؟؟؟ فالماء هو الحياة… من يقطع عنك الماء يعني أنه يقطع عنك شريان الحياة… إن مدينة صفاقس وأهلها عليهم بعد هذه التجربة القاسية التي من الأكيد أنها ستتكرر مرارا وتكرارا من هنا فصاعدا .. أن يتدبروا أمرهم وأن يقفوا وقفة حاسمة لأجل حياتهم… صفاقسالمدينة المنسية والمحرومة من العديد والعديد مما يتمتع به الآخرون رغم ما تقدمه للبلاد… على سكانها أن يقفوا لأنفسهم هذه المرة وقفة رجل واحد.. كفانا كذبا على أنفسنا .. هذه المدينة لا يلتفت إليها المسؤولون إلا عند الإنتخابات فتنقسم على نفسها وتنفق الأموال ويحتدم التنافس ثم ماذا يعود الجميع إلى العاصمة وتبقى صفاقس للنسيان.. كفاكم يا أهل صفاقس تطبخون للآخرين وأنتم تموتون قحطا ..لا بد أن تجعلوا من قضية الماء قضيتكم الأولى منذ اليوم … فالأمر لم يعد يتعلق هذه المرة بملعب محترم يليق بالجهة ولا بسبورة لامعة ولا بمسرح ولا بطرقات محترمة ولا بمحولات ولا بمتروا ولا بمطار.. إنها قضية حياة أو موت… لقد بان يا أهل صفاقس أن مصدر حياتكم ليس بأيديكم وأنه يمكن التلاعب بكم وبكل برودة دم وأنه يمكن مساومتكم على حياتكم كما سمعنا من وزير الفلاحة الذي لا يمتلك أي ذوق ولا لباقة ولا احترام لمعاناة الناس والذي عوض أن يتحول على عين المكان لمواساة الناس وتدبر حلول ظرفية للأزمة التي يعاني منها الناس خرج علينا ليخبرنا بأن سعر الماء في تونس بخس وليبشرنا – يبشرو بالخير – بأنه يفكر بجدية في الترفيع في سعر المياه؟؟؟ أي طينة من المسؤولين هؤلاء الذين ابتلينا بهم يا رب السماء؟ ختاما أقول إن الذين الصفاقسية عرفوا بالرصانة والحكمة ودماثة الأخلاق .. حسب عليهم ذلك نجبنا واهزامية وخوفا لذلك ركب عليهم الجميع وأصبحوا مطية لمن هب ودب… إلى أن بلغ بنا الذل إلى هذا الذي نراه اليوم … فإن لم تحرككم وتحفزكم أزمة مثل هذه فمتى ستتحركون؟؟؟