عندما يخرج رئيس حركة النهضة راشد الغنّوشي أوّل أمس الإثنين ليقول حرفيّا “نقدّر أن حزب قلب تونس ليس مشمولا بالمشاركة في هذه الحكومة، وهذا وفاء بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا”.. فإنّ الكلام يمكن أن يُسمع.. وإن كان فيه نظر وتدقيق وشكوك.. خاصّة وقد بدأ رئيس الحكومة المكلّف من النّهضة نفسها مشاوراته بلقاء رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي نفسه كأوّل حزب في المشاورات..!!! أمّا أن يخرج الغنّوشي اليوم الأربعاء ليصرّح حرفيّا بأنّ “النهضة لن تشارك في حكومة فيها قلب تونس”.. فهو أمر مثير للضّحك أكتر منه مثير للشكوك..!!! إذ يفترض أنّ النّهضة هي التي تقود الحكومة.. حتّى ولو اختارت رئيس حكومة مستقلّ.. أو شبه مستقلّ..!! ويفترض تبعا لذلك أنّ الخطّ والإطار السياسي العامّ للإئتلاف الحكومي يفرضه الحزب الأوّل في الإنتخابات صاحب الحقّ الدستوري في تشكيلها.. وهو الذي يمكنه أن يشترط مسبقا على رئيس حكومته من يدخل الحكومة من الأحزاب والقوى السياسيّة.. ومن لا يجب أن يدخلها.. مهما كانت الإستقلاليّة المزعومة لرئيس الحكومة..!! إذ لا يعقل أن يأتي رئيس حكومة معيّنا من حزب سياسي معيّن.. وممثّلا له في تشكيل ورئاسة إئتلاف حكومي.. فيخالف سياسة وخيارات ذلك الحزب الفائز في الإنتخابات.. ويقوم دون إذنه.. أو رغم معارضته.. بإشراك خصمه السياسي أو منافسه في الإنتخابات.. أو الحزب المعارض له..!! هل فقط خانت الكلمات والتعبير راشد الغنّوشي..؟؟!! أم أراد أن يقيم الدليل بطريقة مبالغا فيها على مدى إستقلاليّة الحبيب الجملي في تشكيل الحكومة..؟؟!! أم أنّ الغنّوشي يتلاعب بالتعبيرات.. بما قد يفهم منه لاحقا أنّ النهضة لن تشارك في حكومة فيها قلب تونس.. لكنّ رئيسها المكلّف الحبيب الجملي يمكن أن يستعين مثلا بوزراء مقرّبين من قلب تونس.. دون أن يدخل حزب القروي رسميّا الحكومة وبشكل مباشر ومعلن..؟؟!! و”كفى المؤمنين شرّ القتال”.. والإحراج السياسي.. وكفّارة نقض الوعود..!! لم يبق لراشد الغنّوشي إلاّ أن يقول لنا أنّه لو مارس رئيس حكومته المكلّف الحبيب الجملي “إستقلاليّته” كاملة.. وضمّ حزب قلب تونس إلى حكومته غصبا عنهم ودون رضاهم.. فإنّ حركة النّهضة ستبقى حينئذ في المعارضة..!! وربّما سيطلع علينا رئيس الحركة الغنّوشي لاحقا ليقول لنا أنّ النّهضة ستكون “معارضة وطنيّة وبنّاءة” لحكومتها..!!!