عن ماذا أريد أن أتحدث .. وعن ماذا أريد أن أتكلم .. حقيقة لا أدري .. كل ما بقي في بقايا عقلي هو أن الناس في وطني ما كادوا ينسون ترّهات الأيام الخوالي التي تابعوها مكرهين من قبّة "مجلس المآسي" بمناسبة المصادقة على الدستور ثم القانون الانتخابي ، حتّى استيقظوا أمس على عودة سياسة الأرض المحروقة وباتوا مقتنعين بأن ما حدث ليس بفعل جهة "أمنية" أو "عسكرية" أو "أجنبية" ، ليكون السؤال بعد ذلك من يسمح في تونس بهذه المهزلة الجديدة التي يُراد بها انحراف تونس الجديدة ؟ أقول يا من ملئتم الفضائيات بصيحاتكم وصرخاتكم عن الفساد والتطبيع المزعوم لقد استخفّ بكم الشعب التونسي ولا وزن لكم ، وسوف يكتب لكم التاريخ صفحات سوداء لأن صيحاتكم لم تكن من أجل بلدكم بل من أجل مصالحكم الخاصة ومنافعكم الحزبية ، لقد ملّ الشعب هذه الأصوات الهجينة التي تتحدث عن الفساد ولديها كتل وأحزاب قوية في المجلس ولكنها لا تفعل شيئا سوى ضوضاء تزعجنا ليلا نهارا . إنها مهزلة حقيقية من المهازل اليومية التي وقف عليها التونسيون يوم مساءلة الوزيرين كربول وصفر ، وانبرى فيها النواب خلف منصّات الإعلام ليظهروا أنفسهم مدافعين أشاوس عن الفلسطينين ودعاة النزاهة والرقابة وليسوا من ذلك الواقع في شيئ … إنها صيحات ليخدّروا بها المجتمع التونسي ، ولن تنطلي على الشعب صيحات "الأوفر دووز" من الوطنية والتشيّع الخطابي للقضية الفلسطينية العادلة . وأعجب من مجلس هزيل ضعيف يعرف مواضع الفساد والإفساد ولا يستطيع أن يواجهه بفعل عوامل الضعف فيه والمحسوبية والحزبية والتشرذم وعدم الانتماء لتونس الحضارة إن الشعب التونسي بدأ يستخفّ بكم ولا يقبلكم وهو شعب قوي بمقدراته وإمكانياته ، واذا وصل الشعب إلى حدّ ، فإنه لن يتراجع ، ويزئر كما يزئر الأسد ، ويقول قولة الحق التي لا تراجع فيها . إنه شعب قوي بحضارته ورجاله ونسائه وذكاء أبنائه ، شعب لا يريد سوى الأمن والعمل والحق والعدل . فهل بما فعلتم في قبّة باردو تريدون أن ينتخبكم من جديد ؟؟؟ قال برنار دشو : أسوأ ما في الديمقراطية أنّها تجبرك على الاستماع إلى صوت الحمقى ، وأنا أقول أسوأ الأسوأ لما يوجد في الديمقراطية أنّها تنبت وتفرّخ عبر ذلك الصندوق المغلق العجيب جينات الجهل والجهالة والضلالة ، فتطلّ علينا بنبات هجين ك"النْجِم والسكّوم" كالذي نراه في "مجلس المآسي" وتطمس الأشجار الخضراء النافعة المثمرة أعود وأقول إن الانتماء الحقيقي لتونس هو الذي يعيد عجلة البناء وليست التصريحات السياسية المتهالكة والتي جعلت الناس يستخفّون بمجلس متهرء ، لاتكاد تجد فيه ( إلاّ من رحم ربّك ) من جاء من أجل الوطن وفي سبيله … وكل يدّعي وصلا بليلى وليلى ما دانت لأحد … وأعود في الختام وأسألكم على طريقة الخالد نزار قبّاني : متي سترحلون ؟ المسرح انهار على رؤوسكم متى سترحلون ؟ والناس في القاعة يشتمون .. يبصقون كانت فلسطين لكم دجاجةً من بيضها الثمين تأكلون كانت فلسطين لكم قميص عثمان الذي به تتاجرون تنويه : كل ما ينشر في ركن الراي الآخر لا يعبّر إلا عن راي كاتبه