لا يخفى على العارفين بمهنة المستشار الجبائي، التي تتعرض للتهميش والتنكيل منذ عشرات السنين، ان الفصل 4 من القانون عدد 34 لسنة 1960 مؤرخ في 14 جانفي 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين نص على ان الموافقة على مباشرة مهنة مستشار جبائي تمنح بصفة شخصية واذا كان الأمر يتعلق بشركة فان تلك الموافقة يجب التحصيل عليها لكل الشركاء ولكل شخص له الصفة لتمثيلها باعتبار ان الممثل القانوني للشركة يمكن ان يكون اجيرا وليس شريكا مثلما هو الشان بالنسبة للشركات محدودة المسؤولية. خلافا لذلك، مكنت وزارة المالية بعض المحاسبين والخبراء المحاسبين وغيرهم من الممنوعين قانونا من مباشرتها من تكوين "شركات مستشارين جبائيين" في خرق صارخ للفصل 4 من قانون المهنة والفصل 56 من مجلة الضريبة على دخل الاشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات ولما ورد بالمذكرة الداخلية عدد 30 لسنة 2007 الصادرة عن الإدارة العامة للاداءات التي نصت بوضوح على ما يلي :"وبعد، وفي إطار تطهير جذاذية المطالبين بالأداء اتضح ان العديد من المحاسبين والخبراء المحاسبين يمارسون مهنة مستشار جبائي زيادة على مهنتهم الأصلية. وبناء على ذلك، وبما ان المحاسبين والخبراء المحاسبين غير مرخص لهم قانونا بالقيام بمهام ترجع بالنظر الى المستشارين الجبائيين فان السادة رؤساء مكاتب مراقبة الاداءات مدعوون…". احد المحاسبين الذين تم تمكينهم من تكوين "شركة مستشارين جبائيين" ليست له اية شهادة علمية وكان عضوا بلجنة البرنامج الجبائي المستقبلي لبن علي صلب التجمع المنحل الذي نفخ الفاسدون الجدد في انفاسه، علما ان هذا الاخير اشتهر بانتحاله لصفة المستشار الجبائي والمحامي. تبعا لذلك، يمكن أيضا منح الموافقة للأشخاص الذين هم في وضعية تحجير على معنى الفصل 97 ثالثا من المجلة الجزائية وغيرهم من الممنوعين من مباشرتها. فهؤلاء يباشرون المهنة من خلال الحصول على بطاقة تعريف جبائي بعنوان نشاط "مستشار" او "مستشار في التصرف". ايضا، تم تمكين عدد من المحاسبين والخبراء المحاسبين والموظفين العموميين من الحصول على الموافقة لمباشرة مهنة المستشار الجبائي بصفة شخصية في خرق صارخ لكل القوانين المهنية ولقانون الوظيفة العمومية وللمذكرة الداخلية عدد 30 لسنة 2007 الصادرة عن الادارة العامة للاداءات. كما تم الابقاء على الموافقة لعدد من المتوفين قصد تمكينهم من مباشرة المهنة لفائدة الموتى بالمقابر ولكن دون دفع الضريبة على الدخل. ان منح الموافقة لعدد من "شركات المستشارين الجبائيين" في خرق صارخ لاحكام الفصل 4 من قانون المهنة والقوانين المهنية الأخرى كالقانون عدد 87 لسنة 1989 متعلق بمهنة المحاماة المنسوخ بمقتضى المرسوم عدد 79 لسنة 2011 والقانون عدد 16 لسنة 2002 متعلق بمهنة المحاسب والقانون عدد 108 لسنة 1988 متعلق بمهنة الخبير المحاسب يعد من قبيل تجاوز السلطة واستغلال النفوذ. كما أن ذلك من شانه تمكين من هب ودب من انتحال صفة المحامي من خلال تمكينه من بعث شركة "مستشارين جبائيين". وعلى الرغم من توجيه عدد هام من العرائض بهذا الخصوص الا ان الادارة لا زالت تصر على عدم سحب الموافقة الممنوحة في خرق لقانون المهنة وتحيين قائمة المستشارين الجبائيين طبق ما تقتضيه احكام القوانين المهنية، الشيء الذي اضطر بعض الهياكل الممثلة للمهنة للاستعداد لرفع قضية ضد الدولة امام المحكمة الادارية وامام القطب القضائي المالي على معنى الفصل 96 من المجلة الجزائية. كما يستعد بعض المهنيين لمقاضاة الدولة امام المحكمة الادارية من اجل جبر الضرر وكذلك امام القطب القضائي المالي بالنظر للاضرار الجسيمة التي لجقت المستشارين الجبائيين الشبان والالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية الذين استحال عليهم الانتصاب لحسابهم الخاص نتيجة اطلاق العنان للسماسرة في الملفات الجبائية الذين يكبدون الخزينة العامة خسارة سنوية تقدر بالاف المليارات. تبعا لما تقدم بيانه، نلفت نظر مستهلكي الخدمات الجبائية وبالأخص المؤسسات إلى ان اغلب "شركات المستشارين الجبائيين" تم تكوينها بطريقة مخالفة للقانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين وان يتاكدوا بالتعاون مع الهياكل المهنية للمستشارين الجبائيين من اهلية الاشخاص الذين يرغبون في التعامل معهم في مجال الاستشارات الجبائية، علما انه من الافضل ان يتعاملوا مع اشخاص طبيعيين يمكن التاكد من اهليتهم بسهولة لدى الهياكل المهنية او من خلال بطاقة تعريفهم الجبائية التي وجب ان تنص قصرا على نشاط "مستشار جبائي" او من خلال قرار وزير المالية (الترخيص). هذا ويبقى بإمكان مستهلكي الخدمات الجبائية الذين تمت مغالطتهم والاضرار بمصالحهم مقاضاة الاشخاص غير المؤهلين الذين تعاملوا معهم امام المحاكم المدنية او الجزائية على معنى الفصل 291 من المجلة الجزائية. الأسعد الذوادي عضو الجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا والمجلس الوطني للجباية والمجمع المهني للمستشارين الجبائيين ومؤسس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين