سُمّي التعليم الابتدائي تعليما أساسيا لأنه يمثل قاعدة الهرم و نقط ارتكازه. توفر الدولة لتلامذة الثانوي أساتذة أصحاب شهائد عليا و تجهز القاعات ببعض الحواسيب و بعض السبورات البيضاء و بعض وسائل الإيضاح و تبخل بكل هذا على تلامذة الابتدائي وهم أحوج الناس لمثل هذه القدرات ولمثل هذه التجهيزات. أقسام مكتظة، تلامذة لا يمارسون الرياضة ولا يستعينون بالحاسوب، لا توجد مخابر و وسائل إيضاح و مجسّمات لتدريس العلوم و لا يوجد معلم مختص في مجال معين، لا توجد في بعض المدارس آلة ناسخة و لا أنترنات ولا قاعة معلمين و لا حتى بيت راحة خاص بهم لا يوجد مقياس علمي للنّجاح، فالارتقاء أصبح تقريبا آليا رغم اقرار الرتب والمعدل الثلاثي والسنوي و العمل بنظام تحفيزي جديد قديم أراحنا من عقدة "شهادة الامتياز حتى أصبح الجميع يتمنى عودة " السيزيام ". استبشرت مثل كل التونسيين بإعلان وزير التربية فتحي جراي خلال الكلمة الذي ألقاها عقب الاجتماع الوزاري المنعقد بعد ظهر يوم الأربعاء 27 أوت 2014 أنه قد تم خلال الاجتماع إقرار إجبارية اجتياز مناظرة "السيزيام" وما أدراك ما " السيزيام" بداية من السنة الدراسية المقبلة 2014 2015 بشكلها القديم لمّا كانت الفيصل الحقيقي لمعرفة المستوى المعرفي لتلاميذ المدارس الابتدائية قبل المرور إلى المرحلة الاعدادية. الاكيد ان الوزارة تقوم بمجهودات واضحة للنهوض بالقطاع و لكننا نخشى وقوعها في نفس الأخطاء و يبقى الحال على ماهو عليه أن عودة « السيزيام » يجب أن تكون مدروسة وعلى أسس تربوية سليمة ولها أبعاد استشرافية من الحجم الثقيل حتى لا يكون القرار واقعا في خانة ذر الرماد على العيون وتغيير الشكل على حساب الجوهر والمضمون حيث بات الإصلاح في صلب تعليمنا أمرا ملحّا وضروريا وحتميا قبل أن يتلاشى الحلم في ظل بيت تربوي كبيت العنكبوت أسسه رخوة وليّنة وهشّة كيف تتخذ وزارة التربية قرار مثل هذا و هي التي لم تضع هذه المسألة ضمن أولوياتها لأنها لا تمتلك إستراتيجية حقيقية في تعاملها مع المسألة التربوية وغائياتها ويكاد يصدق على الحكومة الجديدة بأنها أداة سلطة وحكم وليست أداة تغيير جذري وإصلاح ضمن خطة وطنية حقيقية لبناء رأس مال بشري مفكر وقادر ومريد وفاعل على أرضية منظومة قيمية كنا افتقدناها في ظل النظام التربوي القديم وما أحوجنا إليها لإنتاج شعب يشعر بأن هذا البلد له وليس لغيره فيدافع عنه وكأنه يدافع عن بيته الخاص أو أرضه الخاصة أو عرض وشرف عائلته أم دفعها لهذا العائدات المالية التي ستجنيها من خلال الطابع الجبائي لإختياز السيزيام و خدمات الإرساليات القصيرة للإعلان عن النتائج إذا كان هاجس الحكومة هو البحث عن موارد مالية لتمويل ميزانية الدولة فاتركوا أبنائنا جانبا فمتى تنتبه الوزارة إلى ضرورة إعادة فتح المعاهد العليا للتربية وإلى إمكانية تحفيز المعلمين من ذوي التجربة على العمل بالمدارس الريفية وتعيين الجدد بمدارس تطبيق حضرية تمكنهم الاستفادة من التكوين واكتساب تجربة من خلال حضورهم مع زملائهم من معلمي التطبيق وهي التي تسعى لانتداب معلمين جدد من حملة الشهائد العليا لم يتم إعدادهم مهنيا و بيداغوجيا قبل مباشرة التدريس متناسية أنه سيقومون بمهمة معقدة ،مركبة العناصر، متداخلة المكونات تتطلب إلماما بمتطلبات المهنة وبأدوارالمؤسسة التي سيتولون العمل بها والقيم والقوانين الترتيبية التي تحكمها وعلاقتها بمحيطها الذي توجد فيه و أنهم سيعملون في بمدارس ريفية ( وهي سنة قديمة) تعاني معظمها من تدني النتائج لأسباب عديدة فإن تظافر كل هذه الظروف يعمق المشكلة ويكتب على هذه الأجيال ان تتوارث الإخفاق المدرسي. مجلس وزاري و قرار فوري ينطبق عليه قول المثل " حضرنا الحصيرة قبل الجامع " ماذا فعلت وزارة التربية لإنقاذ التربية في تونس بعد الترهل الذي أصابها و الذي سينتهي بها إلى تحمل مسؤولية انهيار التعليم العمومي في ظل المزايا الذي بدأ يتمتع به التعليم الخاص من الابتدائي إلى العالي وفي ظل الدروس الخصوصية المتفاقمة التي ستنتهي بالولي إلى نقل ابنه إلى التعليم الخاص بوصفه يدفع الأموال في كل الحالات. بعد النتائج المتألقة التي لمسناها في المناظرة الاختيارية للسيزيام للسنة الحالية و تصدر هذه المدارس الخاصة المراتب الأولى من حيث عدد التحاق تلاميذها بالمعاهد الإعدادية النموذجية