بقلم: كمال علوي - ينتظر من مدرسي التعليم الابتدائي القيام بمهمة معقدة ،مركبة العناصر، متداخلة المكونات تتطلب إلماما بمتطلبات المهنة وبأدوارالمؤسسة التي سيتولى العمل بها والقيم والقوانين الترتيبية التي تحكمها وعلاقتها بمحيطها الذي توجد فيه. كما أن للمدرس متطلبات أساسية متعلقة بمدى تحكمه في المواد المزمع تدريسها معرفيا والدراية البيداغوجية التي ستمكنه من تحويل معارفه العالمة إلى معارف مدرسة في مشهد فصلي يمثل السلوك البيداغوجي للمعلم فيه العامل الأساسي للنجاح . ونظرا للمهمة الحساسة الموكولة للمعلم فإن المهارة والتمتع بقدرات متنوعه وتوسع زاده المعرفي شروط تجعله مكتسبا لكفايات مهنية أساسية تساعده على العمل إلا انها تبقى غيركافية ما لم يتميزالمعلم بسمات شخصية أخرى كالرغبة والقدرة على الإبداع والابتكاروالفطنة والذكاء . إن رهانات مدرسة الغد رفعت عن المدرس صفة الملقن و بوأته مرتبة الشريك والوسيط حيث وسّعت وظائفه و أدمجتها وأحدثت الترابط بين المجالات الثلاث: (التربية والتعليم والتأهيل) بينما المعارف والسلوك تفرض على المدرس اكتساب كفايات مهنية متطورة ومدرجة بوضوح ضمن شروط الاحتراف فوجب تقنينها وترشيدها وتأسيسها على مرجعية واضحة لتوضيح موقعها من العمل التربوي في المستقبل وإذا كان التلميذ في قلب الاهتمام التربوي فإن باقي الأطراف ذات الصلة من مدرسة ومسيرين ومؤطرين ومعلمين وأولياء كذلك هم في خدمته فكيف يمكن للتعيينات الجديدة للمدرسين أن تتماشى وانتظاراتنا ذات السقف المرتفع لملامح متخرج من المدرسة التونسية ؟ بعد التعيينات الأخيرة للمعلمين حسب شرطي الأقدمية في الحصول على الشهادة العلمية والسن قد مكن أكثر من ألف عاطل عن العمل من أصحاب الشهائد العليا من الحصول على وظيفة وهؤلاء المدرسون مجبرون على استدعاء تجربتهم الخاصة عندما كانوا يدرسون في التعليم الابتدائي للقيام بعملهم خاصة في الأيام الأولى ، لذا تطرح تساؤلات عديدة حول انعكاسات هذه التعيينات المباشرة ودون أي تكوين مسبق على مستوى المتعلمين!!؟ يلتحق المعلمون الجدد اليوم بمراكز عملهم بتأخير شهر ونصف في البرنامج ودون أي رصيد تكويني مهني يضعهم أمام صعوبات مضاعفة : - التنظيم وما يتضمنه من إعداد مسبق ومسك الوسائل و إعدادها واحترام التراتيب . - صعوبة التواصل والعلاقات مع المتعلمين وكل ما يتعلق بإدارة الفصل . - صعوبة إنجازالتعلّمات والتنشيط. - صعوبة السيطرة على مفاصل عملية التعلم وتوجيه المتعلمين لبناء معارفهم بأنفسهم وصياغة استنتاجاتهم . - صعوبة القيام بمهام تفصيلية معقدة مثل التقييم وما يتطلبه من سيطرة على تقنيات لم يعهدها جميع المعينين الجدد لأنهم لم يكونوا تعرضوا لها عندما درسوا في الابتدائي . - صعوبة الاندماج في الحياة المدرسية المدرسة ( الإدارة والمعلمون) والأولياء ... كل هذه الصعوبات وصعوبات أخرى لا يمكن حصرها تجعل الإطارالمشرف على التكوين مجبرا على تكثيف الزيارات واللقاءات البيداغوجية والتكوينية لتذليلها بأقصى سرعة ممكنة وهوما سيطرح مرة أخرى مشكل الغياب عن التدريس لغاية التكوين. وإذا كان كل المنتدبين الجدد يعملون بمدارس ريفية ( وهي سنة قديمة) تعاني معظمها من تدني النتائج لأسباب عديدة فإن تظافركل هذه الظروف يعمق المشكلة ويكتب على هذه الأجيال ان تتوارث الإخفاق المدرسي .. فمتى تنتبه الوزارة إلى ضرورة إعادة فتح المعاهد العليا للتربية وإلى إمكانية تحفيز المعلمين من ذوي التجربة على العمل بالمدارس الريفية وتعيين الجدد بمدارس تطبيق حضرية يمكنهم الاستفادة من التكوين واكتساب تجربة من خلال حضورهم مع زملائهم من معلمي التطبيق ...