يسعدنا ويشرفنا، حضور مراسم حفل تدشين هذا الفضاء الجامعي الذي يجمعنا اليوم، والذي دعوتم أنتم الجامعيون، إلى منحه إسم الشهيد النقابي والوطني " فرحات حشاد " في الذكرى 69 لتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل، تخليدا لذكراه ولتضحياته وعرفانا للدور الذي لعبته المنظمة الشغيلة في معركة التحرّر الوطني، كما في بناء دولة الاستقلال حتى استكمال المرحلة الانتقالية لثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتي احتفلنا منذ أيام بذكراها الرابعة. وبهذه المناسبة فإنّه يسعدني أن أتقدّم أصالة عن نفسي، ونيابة عن أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وجميع مناضلات ومناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل، بجزيل الشكر والامتنان إلى كافة إطار التدريس والعملة والطلبة وخاصة مجلس الجامعة وفي مقدّمتهم الأستاذ فتحي السلاوتي رئيس جامعة تونس المنار والأستاذ عبد الحفيظ الغريبي رئيس الجامعة السابق، لمبادرتهم النبيلة ولاختيارهم الاعتباري. إنّ اقتراحكم تسمية هذا المعلم الجامعي باسم الشهيد فرحات حشاد، إنما يحمل رمزية ودلالات تاريخية ونضالية مشتركة. فمن هذا الفضاء انطلقت أولى الشرارات من أجل استقلالية العمل النقابي في فيفري 1972، ومنه انطلقت مسيرات التأييد والمساندة للتحركات العمالية بقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل المطالبة بالعدالة الاجتماعية وبكرامة الشغالين بالفكر والساعد مردّدة آنذاك شعار: " تلامذة وطلبة وعمال صفّ واحد في النضال ". لقد آمن الاتحاد العام التونسي للشغل منذ التأسيس بالترابط العضوي بين الحركة العمالية والحركة الطلابية، وكان يرى في الفضاء الجامعي رافد مميّزا من روافد الحركة الاجتماعية، لذلك راهن منذ تأسيسه على العلم كرافعة لتنوير المجتمع ولتخليصه من الجهل والأمية، وعلى المعرفة للتأقلم مع التحديات والمتغيّرات وكسب رهان البناء الذاتي. ولنا أن نذكر في هذا الصّدد القرار الذي اتخذه الاتحاد في أوّل مؤتمر له بعد التأسيس سنة 1949 والقاضي بتخصيص فرنك واحد عن كلّ انخراط لفائدة طلاب العلم لتشجيعهم على الدراسة والتعلّم والتسلّح بالمعرفة. وعلى هذا الأساس تحديدا استمد الاتحاد هويته كمنظمة نقابية ممثّلة للعمال بالفكر والساعد إيمانا بوحدة المصير وبوحدة النضال وبتكامل الأدوار بين العمل في مفهومه المادي والعمل في مفهومه اللاّ مادي. إن نجاح الفعل النقابي في التأثير وفي تقديم البدائل، يعود بالدّرجة الأولى إلى المزاوجة بين النضال الميداني والنضال الفكري الذي تحمّله الجامعيون عبر إسهاماتهم في كلّ المحطات الوطنية المصيرية لشعبنا. نذكر من تلك الإسهامات، التقرير الاقتصادي والاجتماعي لسنة (1984) الذي جاء للردّ على السياسات الليبرالية المستشرية آنذاك، وهو ما واصل الجامعيون إلى اليوم الاضطلاع به من خلال الدراسات الميدانية والاستشرافية والأنشطة التكوينية والتأطيرية لفائدة النقابيين في مختلف القطاعات والجهات. كلّ هذا مثّل إضافة نوعية ساعدت على تصويب الفعل النقابي وتحسين أدائه. ولا يسعني إزاء هذه الإسهامات الثرية للوسط الجامعي، وإزاء هذه اللّفتة النبيلة التي تكرّمتم بها، إلاّ أن أنحني وإخوتي في المكتب التنفيذي الوطني ومناضلات ومناضلي الاتحاد العام التونسي للشغل للتعبير لكم عن امتناننا لوفائكم واحترامنا لما أبديتموه وما تبدونه من تعاطف وتقدير لشهداء الحركة الوطنية والاجتماعية في شخص الزعيم الراحل فرحات حشاد، وللدور الريادي الذي ما انفكت تقوم به المنظمة الشغيلة على درب البناء والتشييد والتحديث ومن أجل تأمين مَسَارَيْ الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. كما لا يفوتنا في هذه المناسبة تجديد شكرنا وتثميننا للمبادرة التي تقدّم بها كلّ من العميد لسعد العاصمي رئيس جامعة قرطاج و حميّد بن عزيزة رئيس جامعة تونس المنار و حسن باشا رئيس جامعة جندوبة وشكري المبخوت رئيس جامعة منوبة. وذلك لمبادرتهم بطلب ترشيح منظمتنا الاتحاد العام التونسي للشغل لنيل جائزة نوبل للسّلام وهو ما شرّفنا كثيرا وترك لدينا أثرا طيّبا ونمّى لدينا مشاعر الثقة في ما نحن ماضون فيه . شكرا لكم مجدّدا على تعاطفكم وتعاونكم وتضامنكم.