لن أدعي في العلم فلسفة و لست مؤهلة لنقد الأعمال الدرامية — على الأقل من الناحية الفنية أو التقنية — لكن من حقي كمواطنة أن أعبر عن استيائي ممّا تقدّمه التلفزات " التونسية " فالصورة التي ترسمها لواقعنا و لحياتنا لا أكاد أتبينها .. فهل وسائل الإعلام هذه تتحدّث فعلا عن الواقع التونسي ؟؟ فمن خلال بعض الحلقات او اللقطات التي شاهدتها لأعمال مختلفة لم أر غير الحديث عن الغدر و الخيانات الزوجيّة و الأبناء غير الشرعيين و العلاقات المتعدّدة و السرقة و المخدّرات و العنف و الجشع و الطمع …. في الواقع لا أحد ينكر أن من وبين أدوار الفنّ ووظائفه تعرية الواقع و كشف سلبيّاته و نقائصه لكن أن تتكرّر هذه الصور في كل الأعمال الدراميّة اأو " الفنية " كما يحلو للبعض تسميتها و أن تصبح هي النموذج السائد ، فهذا يصبح مدعاة للتّساؤل و الحيرة فهل كل مجتمعنا هو بهذه الصورة ؟؟ هل كل نساء تونس عاهرات ؟؟ هل كل فتياتها بائعات هوى يتمعشن من أجسادهنّ ؟؟ هل كل شبانها لا همّ لهم سوى تناول المخدرات و معاشرة الفتيات ؟؟ هل كل الرجال معاقرون للخمرة صباحا مساء و يوم الأحد ؟؟ هل كل المشاكل تحل بالعنف و الخطف و التهديد و التآمر … ؟؟ هل الرقص و العري و الميوعة هو الصورة السائدة ؟؟ لفائدة من تبنى هذه الصورة السلبيّة من يسعى إلى ترسيخ هذه النماذج في حياتنا ؟؟ و لمصلحة من تبعث فينا هذه المسلسلات شحنات سلبيّة تجعل الفرد يشك في واقعة و في طبيعة علافاته ؟؟ أ لا توجد في المجتمع صور مشرّفة و نماذج يمكن لشبابنا الاقتداء بها حتى يرتقي بنفسه و بوطنه ؟ هل تساءل مؤلفو هذه الأعمال و مخرجوها يوما هل يجد ابن الجنوب نفسه في هذه الأعمال بل أكثر من ذلك هل يستطيع مشاهذتها صحبة أفراد عائلته ؟؟ هل تعكس هذه الأعمال تطلعات و أحلام ابن الشمال الغربي ؟ هل ييتماهى أبناء القرى الريفية مع ما تعرضه تلفزاتنا ؟؟ لم يستسهل المؤلّفون العمل و استنساخ النماذج الأجنبية ؟ لم لا يبحثون عن الصور الناصعة و المشرفة ؟ – و أؤكد لكم أنها موجودة و بكثرة – لم لا يحدثوننا عن قصص نجاحات بناها أصحابها بعلمهم و عملهم و اجتهادهم و مثابرتهم ؟ هل يحق لنا أن نحلم بيوم تصبح فيه تلفزتنا قريبة منّا و من واقعنا ؟ أم لا حلّ لنل سوى مقاطعة الدراما التونسية حتى يستفيق صنّاعها من غيبوبتهم و غيابهم عن الواقع نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى وعي جماعي يسمو بنا و يهذّب أذواقنا و يرتقي بسلوكياتنا ، و للفنّ و الإعلام – مثل مجالات عديدة – أخرى دور كبير في تحقيق تلك الغاية فمتى يتجسّد ذلك على أرض الواقع و متى يدرك " الفنانون " جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم ؟