... صراعات عائلية، طلاق وخيانات، عنف وعلاقات مشبوهة، علب ليلية ومخدّرات، مشاهد منافية للأخلاق.. كل هذه السلوكات أصبحت علنا على التلفزات التونسية خلال هذا الشهر الكريم في إطار ترويج جديد لنوعية جديدة من الدراما التونسية، ونحن لسنا ضد التجديد والعمل من أجل تطوّر الابداع الفني لكن هذا لا يعني ان نتجاوز الخطوط الحمراء خاصة وأننا في شهر رمضان والمعروف ان التونسي ينكبّ على التلفزة التونسية بنهم في هذا الشهر بالذات اين تجتمع كل العائلات صغيرا وكبيرا من اجل مشاهدة الأعمال التونسية لتصطدم بهذه المشاهد وقد باتت تصوّر سلوكات تدعو الى التساؤل والحيرة: هل ان المجتمع التونسي على هذه الشاكلة؟ ليدخل كل فرد في صراع داخلي مع ذاته ومع تلك الصور التي ربّما اصبحت مرآة لذاته. حول هذه الصراعات وهذا الترويج لمثل هذه السلوكات على الفضائيات التونسية ومدى تأثيرها في الأفراد. «الشروق» حاولت تحليل الموضوع من جانب اجتماعي فكان اللقاء مع الباحث في علم الاجتماع الأستاذ مراد المهني الذي اتى على الجوانب السلوكية الاجتماعية لهذه المشاهد والصور. العناوين متعددة والصور والمشاهد والسلوكات مكرّرة فبين «نجوم الليل» و«سجن بريكة» و«مكتوب» عدة قواسم مشتركة وهي التي تم ذكرها إلا ان الفرق يكمن في طريق اخراج تلك الصور ويقول في هذا الصدد الأستاذ مراد المهني ان المسلسلات التلفزية هي مادة اعلامية تكتسي اهمية بالغة في شهر رمضان وذلك لسببين اولا لوجود عادات فرجوية في هذا الشهر أكثر من أوقات اخرى وثانيا توقيت بث المسلسلات في اوقات الذروة حيث تكون العائلة مجتمعة امام التلفاز، وحسب تحليل علم الاجتماع يقول الأستاذ المهني ان المادة الاعلامية التلفزية لها خصوصية تتمثل في وجود ثنائية محورية، فهي من جهة أولى تعبّر عن قراءة فنية للواقع الاجتماعي والثقافي والسياسي ومن جهة ثانية هي تعمل على تشكيل الرأي العام وبالتالي فهي تساهم في بناء هذا الواقع الاجتماعي. مواضيع صادمة وبالنسبة للمسلسلات الرمضانية التي تبثها الفضائيات التونسية سواء كانت عامة او خاصة يضيف مراد المهني هي تركّز على مواضيع صادمة للوعي الجماعي مثل المخدّرات الخيانة الزوجية العلاقات المشبوهة.. وهذه المواضيع ولئن كانت تعبّر عن جزء من الحقيقة الاجتماعية التونسية الا انها ارتبطت في المسلسلات الرمضانية بنماذج اجتماعية جاذبة مثل الثراء والجمال والوسامة والفيلات الفاخرة والنماذج الجاذبة مما ساهم الى حد ما في تحفيز بعض الفئات العمرية وخاصة المراهقين للالتحاق بهذا العالم الجذّاب بغض النظر عن سلبياته. إنقسام ومن جهة أخرى وحسب باحث علم الاجتماع فإن هذه المسلسلات وإن كانت تعالج ظواهر وقضايا اجتماعية سلبية الا ان توقيت مشاهدتها من شأنها ان يسبّب بعض الاشكاليات حيث ان العائلة التونسية تجد نفسها مجبرة على الانقسام حين بثّ هذه المسلسلات حيث ان بعض الصور الصادمة من شأنها الإضرار بالتوازن النفسي للأطفال والمراهقين وهو ما أقرّه منتجو هذه المسلسلات نفسها حين وضعوا شارة منع المشاهدة لمن سنّهم دون 12 سنة وهذا لا ينسجم مع توقيت بثّ هذه البرامج، إذ ان البرامج الممنوعّة على الأطفال يجب ان تبرمج في اوقات متأخرة حتى يصبح المنع وسيلة تحفيزية وهنا يؤكد الأستاذ مراد المهني على ضرورة الرجوع الى اختصاصيين في علم الاجتماع النفسي والسلوكي لتجاوز كل المخاطر المنجرّة عن هذه المشاهد المصوّرة في التلفزات التونسية. منطق الربح المادي وبعيدا عن محتوى المسلسلات يقول الباحث مراد المهني ان القنوات التونسية مثل غيرها محكومة بمنطق الربح المادي اكثر من المنطق الاعلامي حيث انها تخصص اكثر من نصف ساعة اشهار على اقصى تقدير قبل وأثناء وبعد المسلسلات الرمضانية مما يساهم في الاعتداء على حقوق المتلقي بوصفه انسانا، حيث ان هذه الوسائل الاعلامية تعتبر المتلقي مجرّد كائن استهلاكي وتجعل من المسلسلات مجرد مطية لخدمة الهدف الاشهاري بل اكثر من ذلك تحوّلت بعض المواد الاشهارية الى موضوع لمسلسل درامي مستقلّ بذاته..