من هو المتحايل أو المحتال؟؟؟ إنه ذلك الشخص الذي يوهمك بقدرته على القيام بأشياء ما .. ولكنه في الحقيقة غير قادر على القيام به… أو هو ذلك الذي يدعي امتلاكه لأشياء ما وهو في الحقيقة لا يمتلك منه شيئا… والاحتيال يعتبر حسب كل القوانين والنواميس جريمة… ومن يقوم بممارسته يقع تحت طائلة القانون… ويعرض نفسه للعقوبة… إن المحتال هو من يكذب على الناس من أجل أن يأخذ متاعهم بغير وجه حق.. فهو إنا يسلبهم مالهم أو أملاكهم أو حتى أعراضهم وأرواحهم زورا وبهتانا…وكم من الأموال والأملاك والأرواح البريئة ذهبت ضحية الاحتيال…. ولكن الاحتيال ليس خاصا بالأفراد فقد… فهذه الظاهرة أصبحت متفشية في المجتمعات البشرية إلا درجة أن العديد من المؤسسات والمنضمات وحتى الدول أصبحت تبيح لنفسها القيام بهذه الممارسة القذرة حتى تصل إلى تحقيق ما تخطط له من هيمنة وتسلط واستثراء… لقد رأينا كيف تم التحايل على القانون الدولي في أكثر من مناسبة من أجل التدخل في الشؤون الداخلية للشعوب تحت مسميات وتعلات مختلفة… ورأينا كيف تم التحايل على العالم بأسر وضرب العراق بسبب إطلاق كذبة امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل وتهديده للأمن العالمي والذي ظهرفيما بعد أنه أكبر عملية احتيال في التاريخ المعاصر… ورأينا كيف يتم التحايل على القانون الدولي من أجل هضم حقوق الشعب الفلسطيني والعديد من الشعوب المستضعفة في العالم… وهذا يجعل من الطبيعي المطالبة بمقاضاة المتحايلين ومحاكمتهم وإن من الناحية النظرية فقط … ونحن في بلادنا …وبعد ثورة الشعب ضد المجرم بن علي وعصابته …. قرر الشعب القطع مع إرث الماضي الغارق في الفساد وفتح صفحة جديدة تحقق الحرية والكرامة والعدالة للشعب… لذلك تم إلغاء العمل بالدستور القديم… وكتابة دستور جديد كان من المفروض أن يؤسس لجمهورية ثانية يتم خلالها القطع مع كل ممارسات الأسود للحكومات السابقة… ورغم كل الشد والجذب وكل الهرسلة التي تعرض لها المجلس التأسيسي في تلك الفترة إلا أنه تمت كتابة الدستور الجديد… وتم إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تنهي المرحلة الانتقالية الصعبة التي مرت بها البلاد… الأحزاب والشخصيات التي شاركت في تلك الانتخابات قدمت برامج ووعودا… وكانت تلك الوعود والتعهدات بمثابة العقد بين الناخب والمترشح الذي يلزمه بتنفيذ برامجه وتعهداته أو في حالة وجود معوقات بذل قصارى الجهد من أجل تنفيذها أوتنفيذ الجزء الأكبر منها… ولكن يبدو أن التونسيين تعرضوا لعملية تحيل كبرى خلال تلك الانتخابات… فبعد أن أطلق الحزب الحاكم (اليوم) وعوده بالقضاء على الإرهاب وعلى الفوضى وعلى البطالة وعلى الفساد وعلى التهريب وعلى القمامة وبتحسين الوضع الاقتصادي وتحقيق العدالة الانتقالية والمحافظة على الدستور وعلى مكاسب الثورة… ها نحن نرى اليوم كيف ينقلب هذا الحزب على كل تعهداته ويسير في الاتجاه المعاكس لها تماما.. فيضرب الحريات ويمارس التعذيب بل ويبرره ويحاصر الإعلام ويرتهنه ويضرب العدالة الانتقالية ويتهرب من استحقاقات الشغل وتحسين الظروف الاجتماعية للعمال ويرتبك أمام الإرهاب ويعيد حالة الطوارئ ويتغاضى عن الفساد والتهريب بل ويدعو إلى عدم محاسبة اللصوص وأباطرة الفساد… ويقف نصيرا للقوي على الضعيف ويزيد من تفقير الفقير ومن استبداد وثراء الثري… أفلا يعد هذا تحايلا؟؟؟ تم يخرج علينا رموز هذا النظام للحديث عن الشرعية الانتخابية وعن حق الحزب الحاكم في أخذ كل ما يراه صالحا من القوانين والقرارات وعلى من لا يعجبه أن يعترض أو يمتنع عن التصويت أو يصوت ضد تلك المشاريع والقوانين حتى وإن كانت تلك القوانين كارثية فالشرعية الانتخابية تبيح للمنتخب القيام بكل ما يريد القيام به؟؟؟ أي منطق أخرق هذا؟؟؟ عن أي شرعية تتحدوثون؟؟؟ الشرعية الانتخابية ليست صكا على بياض؟؟ الشرعية الانتخابية لا تعني أن تفعلوا بنا ما تشاءون لمدة 5 سنوات بدعوى أنكم منتخبون؟؟؟ فلا شرعية لك أيها المنتخب إلا من خلال التزامك بما تم انتخابك من أجله… أما أن تبيعنا القرد على أنه غزال ثم تنفجر ضحكا منا لأنك تمكنت من خداعنا فإننا نقول لك إنك قد ارتكبت جريمة في حقنا.. وهي جريمة الاحتيال.. والمحتال مكانه ليس السلطة وإنما مكانه السجن…. إن تبرئة اللصوص والمجرمين … والتراجع عن تحقيق العدالة الجبائية والعمل على ضرب القطاع العام وتحميل دافع الضرائب من الطبقات الوسطى والضعيفة توابع عمليات النهب والسرقة إلغاء الأداء الجمركي وإن التملص من الالتزام بتوفير الشغل وتحقيق التنمية المتوازنة وتحقيق العدالة الاجتماعية بدعوى صعوبة الوضع كلها دليل على أنكم مارستم التحايل على هذا الشعب وكذبتم عليه وقدمتم له الوعود الزائفة من أجل الوصول إلى الحكم ثم انقلبتم عليه وأعلنتم حالة الطوارئ لإسكاته ولتمرير كل مخططاتكم بتصفية الثورة وكل مطالبها واستحقاقاتها…. إننا يجب أن نعلها واضحة وصريحة أنه لا شرعية لكم إلا شرعية ما تم انتخابكم لأجله فإن حدتم عن تحقيق تلك البرامج وتحقيق أهداف الثورة فإنه لا شرعية لديكم عندنا … بل إنه بحق لنا بأن نحاكمكم بتهمة التحايل على التونسيين… عبد العزيز الرباعي