قرطاج (وات) - بين رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع أن الاحتفال بعيد الجمهورية بعد ثورة 14 جانفي ينبغي أن يكتسي طابعا متميزا مؤكدا أن هذه الثورة الٌتي أسقطت الاستبداد تشكل اليوم نقطة تحوٌل في المسار الجمهوري الوطني وفرصة متميٌزة أتاحها شباب تونس للمصالحة بين الجمهوريٌة ومبدأ السٌيادة الشعبيٌة وما يفترضه تجسيده من حقوق وحريٌات تتعلٌق بالمشاركة الفعليٌة في ممارسة السٌلطة السٌياسية. وأوضح في خطاب توجه به إلى الشعب التونسي لدى إشرافه صباح الاثنين بقرطاج، على موكب انتظم بمناسبة الاحتفال بالذكرى الرابعة والخمسين لإعلان الجمهورية، أن الشعب التونسي بات اليوم مصدر قوة الجمهورية والضامن الأساسي لتجذٌرها وازدهارها وان الجمهورية التي أعلنها أعضاء المجلس القومي التأسيسي في جويلية 1957، والتي صمدت إلى اليوم أمام أهواء التاريخ، ورغبات الحكام، ستتدعٌم وتتجدٌد وتتٌخذ من الشعب التونسي الواعي حصنا منيعا لها ضد الطغيان والاستبداد. فالجمهوريٌة اليوم "بين أيدي الشعب الذي يملك وحده السٌيادة بعد أن استعادها بفضل ثورة الحريٌة والكرامة، وبفضل من سقطوا من أجل إعلاء صوته، وصون كرامته، واسترجاع حريٌاته" حسب السيد فؤاد المبزع الذي بين أيضا أن الشعب التونسي أضحى أمام مسؤولية تاريخيٌة لا يملك إلاٌ أن يتحمٌلها ليثبت عظمته وقدرته على القيادة الذاتية، ويؤكٌد أحقٌيته بتقرير مصيره. ولاحظ في هذا السياق انه إذا كان إسقاط نظام الحكم قد تحقٌق، وهو أمر صعب، فإنٌ الأصعب منه هو بناء نظام حكم جديد يترجم فعلا إرادة الشعب. وهو الأمر المطروح في هذه المرحلة الانتقالية والٌذي به تستكمل الثورة مسارها، وتضع البلاد في مأمن من مخاطر الارتداد. وبين رئيس الجمهورية المؤقت أن مسؤوليٌة الشعب اليوم في هذه المرحلة المفصليٌة تتمثل في المباشرة الفعليٌة لسيادته من خلال اختيار ممثليه في المجلس الوطني التأسيسي الذي سيتولٌى بناء تونسالجديدة مشيرا إلى أن العمليٌة الانتخابية التي ستجري يوم 23 أكتوبر القادم يجب ستكون معيارا لمدى إقبال التونسيين على المشاركة الفعليٌة في تقرير مصير وطنهم، ولمدى وعيهم بجسامة دورهم وقدرتهم على صياغة الاختيارات الجوهريٌة في تأسيس الدٌولة المنشودة. وأوضح أن الانتخابات تبدأ منذ الآن، من خلال الإقبال على عمليٌات التسجيل الٌتي تنقل صورة أوٌلية عن مدى استعداد التونسي لتحمٌل أحد أهم متطلٌبات المواطنة معبرا عن اليقين بأنٌ الشعب سيثبت مرٌة أخرى جدارته بالمشاركة السٌياسية، واستعداده لتحمٌل المسؤوليٌة، متى توفٌرت له ظروف الانتخاب الملائمة في ظلٌ النزاهة والشفافيٌة. وأكد السيد فؤاد المبزع أن أوٌل امتحان سيواجهه التونسيون جميعا هو الامتحان الانتخابي ليس في مستوى سلامة تنظيمه وضمان مصداقيٌته فحسب بل وكذلك على صعيد نسبة المشاركة فيه بعد التسجيل بالقائمات الانتخابية ملاحظا "إنٌه امتحان المواطنة وتحدي المشاركة السياسيٌة الٌذي ينبغي أن تتضافر جهود الجميع لكسبه". وأشار إلى أهمية دور كافٌة القوى الحيٌة الوطنية وفي مقدٌمتها الأحزاب السياسية، في تأطير المواطنين ودعوتهم إلى الفعل السياسي، بعيدا عن مظاهر التشنٌج والمغالاة والتطرٌف حتٌى يسهم الجميع في تحويل العملية الانتخابية إلى فرصة للمصالحة الوطنية، وإلى مدرسة للدٌيمقراطية، مع ما تستوجبه من منافسة سياسية شريفة. وتضمن خطاب رئيس الجمهورية المؤقت عبارات الإكبار بتضحيات شهداء الثورة وأفضالهم على الشعب فضلا عن الإشادة بالجهود التي تبذلها الهيئة العليا المستقلٌة للانتخابات تأمينا لحسن سير العمليٌة الانتخابية في كافٌة أطوارها، وكذلك بالعمل الجادٌ الٌذي اضطلعت به ولا تزال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الدٌيمقراطي ومختلف مكوناتها من أحزاب سياسيٌة، ومنظمات، وجمعيٌات، وشخصيٌات مستقلٌة، رغم ما تخلٌل أشغالها من توتٌرات داخليٌة، وما واجهته من انتقادات خارجيٌة. وتوجٌه المبزع بالشكر والتقدير كذلك إلى كافة الٌناشطين خارج أسوار الهيئة من أحزاب سياسيٌة، وجمعيات، ومستقلٌين، وسائر القوى الحيٌة بالبلاد معبرا من جهة أخرى عن تشجيعه للأسرة الإعلامية التونسية التي قال "انها تشكٌل طرفا أساسيا وفاعلا في المسار الانتقالي، وفي التأسيس الجديد للدٌولة" مشيرا إلى ما شهده أداؤها من تطوٌر ملحوظ خاصة بفضل التقدٌم على درب حرية ممارسة المهنة. وجرى هذا الموكب بحضور الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي وأعضاء الحكومة ومفتي الجمهورية ورؤساء الهيئات الوطنية .