تونس (تحقيق وات/فاطمة زريق)- أجمع سبعة من بين عشرة من حرفاء الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية كانوا على أهبة السفر نحو وجهات متفرقة في منتصف نهار أمس الجمعة انطلاقا من تونس على أن القطار يبقى وسيلة النقل الأكثر أمنا رغم الحوادث المترتبة عنه. وتؤمن الشركة نقل حوالي 5 ملايين مسافر سنويا على الخطوط البعيدة وما يقارب 40 مليون بالنسبة للنقل في أحواز العاصمة. ويقدر أسطول الشركة التونسية للسكك الحديدية ب20 قطار معظمها متقادم وتقدر كلفة شراء العربة على الأقل ب4 مليار دينار. ويفسر بعض المستجوبين اختيارهم استعمال القطار في رحلاتهم بان القطار اقل كلفة سيما لتنقل الأسر ويعد أكثر أمنا وسلامة من أي وسيلة نقل أخرى . وتعتبر سرين محمدي وخولة سليتي اللتان تعودتا على السفر بمفردهما إلى غار الدماء أن "القطار ولئن ارتطم بأي جسم خارجي فالخطأ غالبا ليس خطا السائق وأن الأضرار قد لا تكون جسيمة". ويعتبر البعض الآخر أن الظروف داخل العربات متردية بسبب الأبواب المفتوحة خلال سير القطار. ويشير احد الركاب (سليم المناعي) إلى ان بعض الحرفاء يعمدون ترك الأبواب مفتوحة في حين يؤكد مهدي ذوادي إنه قدم من سوسة في قطار أبوابه محكمة الغلق إلى درجة أن الركاب وجدوا صعوبة في فتحه. وتأتي هذه التصريحات المتفرقة إلى "وات" بمحطة برشلونة على خلفية حادثي قطار ركاب جدا في غضون أسبوع واحد من الشهر الجاري اعتبرت الشركة أن أسبابها بشرية. وكان قد سجل في 19 جويلية الجاري حادث اصطدام بين قطار ركاب من تونس العاصمة باتجاه سوسة وشاحنة معطبة على مستوى الحواجز واصطدم قطارا ركاب آخران في 23 جويلية على مستوى محطة برج السدرية. ويشار إلى أن عدد الحوادث التي تسبب فيها القطار وفق إحصائيات الشركة على مستوى المفترقات بلغت في السداسي الأول من السنة الجارية 44 حادثا خلفت 9 قتلى و25 جريحا. ولم تحصل "وات" على أرقام تحدد الحوادث بين القطارات. وتدرج أسباب حوادث القطارات وفق المدير المركزي لوحدة أعمال نقل المسافرين على الخطوط البعيدة بالشركة المولدي الزواوي دائما تحت عنوان "خطأ بشري" بمعنى أن سائق القطار هو المتسبب الرئيسي في هذه الحوادث. وتشغل الشركة ألف سائق من بينهم 450 سائق يعملون انطلاقا من محطة برشلونة. ويرافق سائقي القطارات في رحلاتهم مساعدون يخول لهم القانون أخذ المقود في حالة عدم قدرة سائق القطار على مواصلة تأمين سير هذه الوسيلة. كما يوجد في غرفة القيادة أجهزة تتحكم في القطار إذا ما توقف السائق أو مساعده على تسييرها. ويخضع سائقو القطارات وفق شروط الحصول على شهادة التأهيل المهني لسائقي القطار إلى تكوين متكامل مدته 6 أشهر ما بين النظري والتطبيقي. غير أن بعض السائقين ومساعديهم على غرار سائق القطار مالك قسام ومساعده عصام الفيتاتي بينوا أن التكوين يجري في مركز تكوين عام بحمام الأنف ولا تتعدى مدته نظريا 30 يوما وتطبيقيا أسبوعا. ويؤكد قانون النقل الحديدي المؤرخ في 19 أوت 1998 في جانب السلامة على سائق القطار ضرورة احترام السرعة المحددة(130 كلم/س) والتنبه إلى حالة الطريق مع التخفيض في السرعة والوقوف أمام الحواجز واحترام المنظومة الضوئية وتأشيراتها. وأكد عصام الدين الفتاتي وهو مساعد سائق قطار منذ أكثر من 11 سنة على أهمية إعادة تجهيز غرفة القيادة بالة استشعار الإشارات وإعادتها وذلك للتثبت من يقظة السائق والتي تخلت عنها الشركة بسبب تكاليف الصيانة. ولا توجد حاليا إلا آلة مراقبة سائق القطار واغلبها لا يعمل في قطارات الاحواز. ولاحظ الفيتاتي انه نبه أكثر من مرة إلى مخاطر القيادة في الظروف الحالية ووجه مراسلات رسمية موثقة بأدلة وأشرطة فيديو مسجلة إلى الإدارة ووزارة النقل حول الظروف السيئة التي يعمل فيها سائقو القطارات والتي تفتقر إلى ابسط قواعد السلامة ومن بينها حجب رؤية الأضواء الأرضية بسبب الأسلاك الضوئية والمعدات التي تخفيها. ويشار إلى أن خبراء معهد السلامة المهنية كانوا قد لاحظوا في إطار تفعيل اتفاقية مبرمة بين المعهد والشركة الحديدية لتعزيز السلامة بورشات الصيانة سنة 2007 افتقار غرف القيادة في القطارات لأسباب السلامة وتوصلوا إلى انه من بين المخاطر القائمة مشاكل الضجيج ومقاعد قيادة غير مريحة وعدم استجابة ملابس سائق القطار وأحذيته إلى مقاييس السلامة المهنية. مع العلم أن اغلب سائقي القطارات لا يرتدون أزياء رسمية موحدة رغم أن الشركة توفر لهم أزياء صيفية وشتوية. وتم مؤخرا تشكيل لجنة لتشخيص جميع الاخلالات المتعلقة بمقومات السلامة. وسيتم وفق مكتب إعلام وزارة النقل تنظيم لقاء في الأيام القادمة يجمع وزير النقل بأربعين سائق قطار لتدارس جملة الإشكاليات المطروحة.