تونس (وات)- احتضنت قاعة الحمبرا بالمرسى يوم الأحد عرضا لمونولوغ "السجين 3300" للهادي ولد باب الله في نسخته الجديدة بعد ان اعلن عن تغييرات في النص الاصلي متابعة للاحداث التي عرفتها البلاد منذ انتاج المسرحية في شهر افريل الماضي. ويصنف هذا العمل المسرحي ضمن فئة المونولوغ حيث انتهج تقنية حديث الممثل الواحد مع نفسه في نص ساتيري (ساخر) وهو شكل مسرحي وضع مقوماته اليونانيون القدامى وشهد ازدهاره في العصور الوسطى وتحديدا في ايطاليا. ويروي الهادي ولد باب الله في هذا العمل باسلوب ساخر معاناة "ايوب التونسي" الذي يدخل سجن المرناقية بتهمة كيدية وتتاح له الفرصة ليطلع على عالم جديد رحب رغم الاسوار التي تحده. هذا العالم كما رواه الممثل مليء بالمتناقضات تتجسد من خلال احتواء الاطارين المكاني والزماني لمن اختار القيام بالجريمة بالضحية وبمن يدفع ثمن معارضته في زمن المخلوع مشيرا بذلك الى مساجين الراي. واعتمد الممثل في روايته لهذه المعاناة الاسلوب الاستطرادي حيث يعرج على مواقف واحداث عرفها هو شخصيا وشهدها المجتمع ومن بينها تداعيات ثورة 14 جانفي والطفرة السياسية التي انبثقت عنها بما جعل رجال السياسة هم الابطال الحقيقيون لمسرح الحياة. وبذات الاسلوب الذي طغى عليه كثير من الارتجال يقوم الممثل بجولة مكوكية بين احداث الماضي والحاضر حيث روى باسلوبه التهكمي مع مسحة تراجيدية عملية انتقال السلطة من بورقيبة الى بن علي معتمدا على مواقف حقيقية تم تداولها حينها مثل تعليقات الزعيم الراحل على مضمون بيان 7 نوفمبر الذي قال انه اوهم فيه الشعب التونسي ب"استفحال المرض عند بورقيبة". وفي الجانب الاخير من هذا العمل نقد ولد باب الله الخلافات التي تشهدها قبة المجلس التاسيسي واصرار بعض الاطراف لاطالة النقاشات حول مسائل غير ذات اهمية، كما طال تهكمه مرشحي رئاستي الجمهورية والحكومة ورئيس المجلس ،وهو تهكم علق عليه احد الحاضرين بصوت عال "فلنحيي ثورة 14 جانفي التي مكنتكم من الكلام بحرية". وتنتهي المسرحية بالافراج عن ايوب وانطلاق مرحلة جديدة دعا فيها الى الالتفاف حول حب تونس وذوبان المصالح الشخصية من اجل انقاذ البلاد من الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخطر الذي تعاني منه. وعي سياسي بدا على الممثل الذي اتقن تقليد عديد الاصوات ونجح في اضحاك الجمهور الى حد كبير، يقابله ضعف احيانا في بعض المواطن من النص الذي كان في جانب كبير منه ارتجاليا ووليد اللحظة.