باردو (وات)- تنوعت واختلفت مواقف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي من برنامج عمل الحكومة الجديدة بين المنتقد لتوجهاته والداعم له والمقر بقدرته على الخروج بالبلاد من الظرف الصعب الذي تعرفه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. ولئن أثنى نواب "الترويكا" خلال جلسة النقاش التي إلتامت بعد ظهر الجمعة بمقر المجلس الوطني التأسيسي بباردو على توجهات الحكومة المقبلة وعلى برنامج عملها المستقبلي الذي سينهض بتونس وسيجنبها منزلقات خطيرة تتربص بها إن طالت فترة الفراغ في مؤسسات الدولة فإن ذلك لم يمنع عددا منهم من انتقاد بعض توجهاتها وتركيبتها حيث أشار الصحبي عتيق (عن حركة النهضة) إلى ضعف تمثيل المرأة في التشكيلة الحكومية. كما اعتبر بدر الدين عبد الكافي (عن حركة النهضة) كلمة رئيس الحكومة حمادي الجبالي في جلسة يوم أمس الخميس بيانا وليس برنامج عمل. وأشار عبد الرؤوف العيادي (عن المؤتمر من أجل الجمهورية) إلى خلو برنامج عمل الحكومة المقبلة من طرح أولويات عمل وهو أمر شاطره فيه عدد من الأعضاء الآخرين الذين أكدوا أن برنامج الحكومة تضمن عموميات في حاجة للتدقيق وكان أقرب منه للبيان الحكومي متسائلين عن الضمانات لإنجاح برنامج عمل حكومة الجبالي التي "لم تراع في تركيبتها متطلبات المرحلة لتضمنها عددا كبيرا من الوزراء" كما جاء على لسان سمير بالطيب (عن القطب الديمقراطي الحداثي) الذي أضاف أن توجهات الحكومة لا تستجيب لمقتضيات المرحلة ولا لأهداف الثورة حيث غابت عن تشكيلتها المرأة وكذلك الشباب واصفا إياها ب "الحكومة السياسية وحكومة محاسبة". واستوضح بالطيب عن مدى صحة التسريبات الإعلامية بخصوص تدخل "حكومة أجنبية" في تعيين شخصية وطنية في الحكومة الجديدة بعد تدخل "حكومة أجنبية ثانية" في إقصاء كفاءة وطنية أخرى معتبرا الأمر، إن كان صحيحا، ارتهانا لاستقلالية القرار الوطني ومسا به وهو ما شاطره فيه خميس قسيلة (عن التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات) الذي انتقد طريقة تغيير مرشح التكتل لوزارة المالية وتغييره بشخصية أخرى تحسب على النهضة بينما صرح في انتخابات أكتوبر الماضي بأنه مستقل وأشرف على مكتب اقتراع بمنطقة بومهل. كما أكد قسيلة على أن أهم الرهانات المطروحة على الحكومة المهمة الأمنية وتطمين المستثمر الوطني والأجنبي حتى تتحرك دواليب الاقتصاد الوطني الذي يعاني من شلل تام وتنتظره سنة جديدة صعبة على جميع المستويات معرجا على عدم حزم البيان الحكومي الموقف من الاعتصامات ومن المجموعات السلفية التي تهدد الحريات الخاصة والعامة. وتساءل عدد من النواب عن طرق تمويل البرنامج الحكومي الجديد محذرين من ارتهان الأجيال القادمة ومستفسرين عن المدة اللازمة لتنفيذ جميع البرامج التي أعلن عنها رئيس الحكومة في جلسة يوم أمس. ووقف أعضاء آخرون على ما تستدعيه ظروف عيش سكان المناطق الداخلية من تدخلات عاجلة للحكومة المقبلة وفق برنامج واضح المعالم بعيدا عن المزايدات الحزبية. وأكدوا على ضرورة انتهاج الحكومة المقبلة سياسة تقشفية تماشيا مع الظرف الذي تمر به البلاد وإحداث مؤسسات مستقلة مختصة في مقاومة الفساد مستفسرين عن عدم تمثيل جميع الجهات في التشكيلة الحكومية التي تم الإعلان عنها يوم أمس الخميس. وعن توجهات الحكومة لمجابهة البطالة اعتبر بعض النواب أن إحداثات الشغل التي أعلن عنها الجبالي لدى تقديمه برنامج حكومته المقبلة يتطلب سنوات لتحقيقه وليس سنة واحدة منتقدين عدم إفصاح الحكومة عن مدة عملها بوضوح. وطالب أعضاء من رئيس الحكومة بتقديم توضيحات حول ما ورد في برنامج عمل حكومته الجديدة بخصوص "المصرفية الإسلامية" و"المجتمع الأهلي" و"صندوق الزكاة" متسائلين في سياق آخر عن الآليات التي ستعتمدها الحكومة لتحييد المساجد عن أي دعاية سياسية. وحضر الملف الفلاحي بجلاء في النقاش حيث اعتبر عدد هام من أعضاء المجلس برامج الحكومة "حلولا ترقيعية" للنهوض بالقطاع لا ترتقي لتطلعات الفلاحين. ورفعت جلسة بعد ظهر اليوم في حدود الساعة السابعة و40 دقيقة لتستأنف على الساعة التاسعة مساء للاستماع إلى ردود رئيس الحكومة المكلف حمادي الجبالي.