باردو (وات) - تواصلت نقاشات نواب المجلس الوطني التأسيسي عشية الأربعاء حول مشروع النظام الداخلي للمجلس برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس محرزية العبيدي. ولاحظ النواب في مناقشتهم للباب السابع "العضوية" أن الفصل 138 الذي يطرح مسألة "إقالة العضو وإعفاءه وجوبيا" ينطوي على غموض وإشكال، إذ لم يقع تحديد الجهة التي لها صلاحية إقالة نائب أو إعفاءه وجوبيا بالإضافة إلى أنه لم يقع توضيح أسباب الإقالة. وشدد المتدخلون في هذا الصدد على أن نواب المجلس انتخبهم الشعب ولا حق لأي جهة في اتخاذ ذلك القرار. كما طلب عدد من الأعضاء إضافة فصول تتعلق بحقوق النائب ومجالات تدخله وحق النائب في الحصول على المعلومة من مختلف المؤسسات العمومية بما يسهل مهمته باعتباره ممثلا للشعب. وعرض نواب آخرون ينتمون بالخصوص إلى سلك الوظيفة العمومية إلى ضرورة تحديد وضعيتهم داخل المجلس وداخل المؤسسات التي يشتغلون بها لأن الفصل 140 التابع لباب العضوية ينص على وجوب حضور النواب بانتظام في الجلسات العامة للمجلس وجلسات اللجان التي ينتمون إليها ويمنع الفصل 141 "تكرر الغياب لثلاث مرات متتالية" مما يجيز لمكتب المجلس اتخاذ إجراءات رادعة في حق النائب المتغيب. وطالب نواب الخارج بمراعاة وضعياتهم وصعوبة تنقلهم داعين إلى اعتماد نظام التخاطب عن بعد (فيديو كونفيرونس). واحتج نواب آخرون على الصياغة العامة لباب العضوية ككل حيث لاحظوا وجود عبارات كثيرة تحيل على المنع والتحجير وعدم الجواز، معتبرين ان في ذلك مسا بكرامة النائب ومعاملته على أنه شخص غير مسؤول. وفي تعقيبه على هذه التدخلات قال عامر العريض إن عبارات المنع والتحجير مصطلحات قانونية بحتة لا يقصد منها غير الوضوح وغايتها التأكيد على عدم استعمال العضو لصفته كنائب في المجلس لأغراض شخصية أو لجني امتيازات. وبين أن كل برلمانات العالم لها قوانينها الداخلية التي تنظمها. وفي ما يخص الإعفاء الوجوبي بين العريض أن هذا الإجراء يتخذ في حال دعوة العضو إلى مهام أخرى مثل المهام الديبلوماسية أو رئاسة الدولة وغير ذلك. وبين أن كل الاقتراحات الأخرى سيتم أخذها بعين الاعتبار وستعرض على التصويت. وقد أثار تدخل النائب إبراهيم القصاص بشأن مضمون الفصل 144 من الباب الثامن والمتعلق ب"الحصانة" لغطا كبيرا في المجلس حيث تمسك النائب بضرورة أن يقدم رئيس اللجنة تفسيرا واضحا لعبارة "حالة التلبس بالجريمة" إذ تساءل إن كان تعاطي الخمر أو إقامة علاقة غير شرعية يعتبر حالة تلبس يعاقب عليها النائب. ولم يجب رئيس اللجنة على هذا التساؤل. وينص الفصل 144 على أنه "لا يمكن تتبع أو إيقاف أحد الأعضاء طيلة نيابته في تهمة جنائية أو جناحية ما لم يرفع عنه المجلس الحصانة. أما في حالة التلبس بالجريمة فإنه يمكن إيقافه ويعلم المجلس حالا على أن ينتهي كل إيقاف إذا طلب المجلس ذلك". كما أثار نواب الخارج في هذا الباب مسألة الحصانة لنواب المجلس خارج التراب التونسي. وحول هذه النقطة أوضح العريض أن الأصل هو أن تحمي الدولة كل المواطنين خارج أرض الوطن، لكن الحصانة التي يتمتع بها النائب لا يمكن أن تمتد إلى البلدان الأخرى لأنها مسألة تدخل في سيادة الدول ولا يمكن للدولة التونسية أن تتدخل في قوانين أية دولة أخرى. وفي رده على ملاحظات الأعضاء حول الباب التاسع "تمثيل المجالس في الهيئات والمجالس الوطنية وفي علاقاته الدولية" أكد رئيس اللجنة عامر العريض على دور المجلس الوطني التأسيسي في ربط علاقات مع مجموعات الصداقة البرلمانية وفي إقامة علاقات توأمة وصداقة مع هيئات برلمانية أخرى لدورها في تعزيز إشعاع صورة تونس في الخارج وخدمة لمنوالها التنموي ولبرامجها الاقتصادية. كما أوضح أن اللجنة ستأخذ بالملاحظات التي أبداها أعضاء المجلس عند إعادة صياغة فصول هذا الباب، مقللا من وجاهة الملاحظات التي وقعت إثارتها حول التمثيلية صلب الوفود التي ستمثل المجلس التأسيسي بالخارج في نطاق العلاقات مع مجموعات الصداقة البرلمانية قائلا في هذا الصدد "سيكون لون هذه الوفود تونسيا صرفا بعيدا عن الألوان الحزبية وألوان الكتل السياسية". ولم يشاطر العريض ما ذهب إليه بعض النواب الذين دعوا إلى حصر تمثيلية أعضاء المجلس في لجان الصداقة البرلمانية معتبرا أن وجود العضو في أكثر من لجنة واحدة فيه فائدة وذو جدوى شرط ألا يتحمل المعني بالأمر نفس المهام صلب هذه اللجان وهو أمر يتناغم بحسب رئيس اللجنة مع توجهات فتح الباب أمام الجميع للمشاركة في توطيد علاقات تونس مع البلدان الشقيقة والصديقة. ولدى مناقشة الباب العاشر والحادي عشر من القانون الداخلي المتعلقين ب"الاستقلالية الإدارية والمالية للمجلس" و"تنقيح النظام الداخلي للمجلس" استأثرت مسألة الاستقلالية المالية بحيز هام من المداولات. واقترح نواب حذف عبارة الاستقلالية من عنوان الباب العاشر واستبدالها بال"تنظيم" مبررهم في ذلك غياب إشارات صلب فصول مشروع هذا القانون توحي باستقلالية المجلس. ولاحظ نائب آخر ان المجلس التأسيسي لا يحتاج في نظامه الداخلي إلى عبارة "الاستقلالية" لكون المجلس يستمد استقلاليته من شرعيته الشعبية. وأكد نواب في مقابل ذلك التمسك بالتنصيص على استقلالية المجلس للتأكيد على دوره كسلطة. ودعت نائبة إلى إقرار عنصر الرقابة على الجانب المالي للمجلس ووضع آليات رقابة أخرى، معتبرة أن الإبقاء على الاستقلالية المالية في إطار ميزانية الدولة يبرر بالظروف الاستثنائية لا غير. واستفسر نائب عما إذا كانت اللجنة قد استمعت إلى آراء خبراء في المالية العمومية مقترحا تخصيص نصف يوم للاستماع إلى آراء أهل الاختصاص في المجال. على صعيد آخر انتقد عدد من المتدخلين تواتر ذكر مجلس الرؤساء معتبرين أن في ذلك تضخيما لدور هذه المجموعة. وطالب أحدهم بحذف التنصيص ضمن الفصل 160 على دور مجلس الرؤساء في البت في قبول اقتراح تنقيح النظام الداخلي للمجلس من عدمه. وقد تم في حدود العاشرة والربع ليلا الإعلان عن رفع الجلسة بعد أن تم استيفاء مناقشة الأبواب الإحدى عشر لمشروع القانون. وسيعقد المجلس التأسيسي جلسة عامة يوم الجمعة 6 جانفي بدءا من الثالثة بعد الظهر للتصويت على مشروع هذا القانون فصلا فصلا.