تونس (وات) - كان أداء قطاع الإعلام محل نقد حاد من قبل نواب الأغلبية الحكومية في المجلس الوطني التأسيسي وخاصة منهم نواب حزبي "النهضة" و"المؤتمر من أجل الجمهورية" خلال جلسة الحوار مع الحكومة المنعقدة يوم الخميس غرة مارس والتي قاطعها قرابة ثلث أعضاء المجلس. فقد اتهم نواب حزب "النهضة" و"المؤتمر" والنائب المستقل فيصل الجدلاوي الإعلاميين ب"التقليل من جهد الحكومة ومن مكانة نواب المجلس التأسيسي" و"بخدمة المناهضين للثورة وشن الحملات الإعلامية والانحياز" على حد تعبيرهم. وعبر وليد البناني نائب رئيس كتلة حركة النهضة في تدخله خلال جلسة أمس الخميس عن "استغرابه" من التغطيات الإعلامية التي قال إنها "تظهر أن الجهد غير موجود" لمعالجة المشاكل القائمة في البلاد من قبل الحكومة المؤقتة. واتهم البناني التلفزة الوطنية ب"الانحياز" معطيا على ذلك مثلا بأنها "أظهرت مية الجريبي (الكتلة الديمقراطية) تتكلم دون أن تظهر الموقف المعاكس لذلك". وأشار البناني بذلك إلى تدخل الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي عضوة الكتلة الديمقراطية التي كانت أول المتدخلين في جلسة يوم الخميس غرة مارس لتنتقد تقسيم الوقت بين الكتل وهو سبب انسحاب عديد الكتل والأحزاب من جلسة الحوار مع الحكومة. وقد بثت التلفزة الوطنية في نقلها المباشر رد رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر على تدخل مية الجريبي الذي اعتبر أن فيه "مغالطة". وقال النائب عبد الرؤوف العيادي أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أن الصورة التي تنقلها وسائل الإعلام عن المنتخبين تعتبر برأيه "سلبية" مضيفا أن ذلك "غير مطمئن من الناحية الاستراتيجية بالنسبة للعمل السياسي في تونس". ورأى أن الإعلام يضع الحكومة في "مواقع الدفاع" أمام ما أسماه "نهج التشكيك وبث الشائعات". واعتبر عبد العزيز شعبان (النهضة) ان "حروبا إعلامية وكلامية تشن من هنا وهناك" ضد المنتخبين في حين شدد طارق العبيدي (المؤتمر) على ضرورة أن تستخدم "حرية الإعلام من أجل البناء". وأشارت حسنة مرسيط (المؤتمر) من جانبها إلى وجود "أطراف بعضها ظاهر وبعضها خفي" تعمل حسب قولها "على استخدام الإعلام وخاصة الإعلام الذي يعود بالولاء في بعثه إلى الطرابلسية ضد الثورة". ودعا البشير شمام (النهضة) إلى محاسبة المؤسسات الإعلامية التي اتهمها بأنها "غير متوازنة" في نقلها للأحداث و"تحجب المعلومة". وذهبت حليمة قني (النهضة) إلى حد القول بان من أسمتهم "الفاسدين تتطاول أعناقهم في وسائل الإعلام" في حين تتأخر الحكومة في مكافحة الفساد والمحاسبة. وأوضح النائب نوفل الغريبي (المؤتمر) في تدخله أن أطرافا حسب قوله "تعمل ضد الثورة والاستقرار وتستمد قوتها من بعض الرموز الإعلامية". من ناحيته قال فيصل الجدلاوي (القائمة المستقلة "العدالة)" إن الحرية الإعلامية "لا يمكن ان تقوم إلا على النزاهة والموضوعية" مضيفا ان هذه الشروط "لا تتوفر" حسب رأيه "عند الكثير من الاعلاميين التونسيين". يذكر أن الجدلاوي تناول مساء الخميس مجددا الكلمة ليعلن ان التلفزة الوطنية بثت بيانا يستهدفه ويتهمه بالاعتداء اللفظي على مراسلة التلفزة التونسية في مقر المجلس التأسيسي شادية خضير، نافيا ان يكون قد حصل منه هذا الاعتداء. وأضاف قوله "لسنا رهينة عند الإعلام" ليلاقي تدخله تصفيقا حارا من النواب الحاضرين. وقد أصدرت النقابة الأساسية للتلفزة الوطنية أمس الخميس بيانا احتجاجيا على سلوك النائب الجدلاوي الذي أكدت الصحفية شادية خذير في اتصال هاتفي اليوم الجمعة مع "وات" أنه "تهجم عليها لفظيا بسبب اضطرارها إلى عدم تمكينه من التدخل المباشر قبيل بدء جلسة بعد الظهر". وهذه ليست الحادثة الأولى من نوعها بين النواب والصحافيين في رحاب المجلس التأسيسي. ومن ابرز السوابق المواجهة بين صحفية من جريدة "المغرب" والنائب عامر لعريض والتي أدت إلى تقديم شكاية إلى القضاء ضد النائب عن حركة "النهضة". يشار إلى أن نواب الكتلة الديمقراطية والعريضة الشعبية والمنشقين عنها وأحزاب المبادرة والعمال الشيوعي والوطنيين الديمقراطيين ومستقلين قد انسحبوا من جلسة الحوار منذ بدايتها احتجاجا عما وصفوه بغياب الديمقراطية في إقرار التوزيع الزمني للتدخلات بين الأغلبية والمعارضة.