مدنين (وات/ تحرير روضة بوطار) - تنضج ثمرة الترفاس (الكمأة) في هذه الفترة من كل السنة بمناطق الجنوب التونسي وتحديدا بالجفارة والوعرة والظاهر (ولاية مدنين)، حيث يتواصل ظهور هذا النوع من الفطر من أواخر شهر فيفري الى غاية شهر أفريل. وبحلول موسم هذه الثمرة البرية النادرة، ينتشر باعة الترفاس على حافة الطرقات أو ببعض الأسواق المحلية بمناطق انتاجه باعتبارها الطرق الوحيدة للترويج. وتعتبر منطقة بن قردان من أهم مواقع تواجد الترفاس، حيث تتعدد تقاليد استهلاك هذه الثمرة وتختلف طرق البحث عنها وجمعها التي لا يدركها الا من يتمتع بخبرة ومهارة بحكم أن الترفاس ينمو تحت الأرض ولا يبرز فوق التربة الا جزئيا وأحيانا لا يظهر البتة. ويسهل المخزون المعرفي والتقليدي لأهالي المنطقة عملية التفطن لهذه الثمرة البرية التي يرتبط عادة وجودها بنبتة اخرى تسمى علميا "نبتة مضيفة" وكذلك ببروز تشققات قرب هذه النبتة تدل على مكان الترفاس تحت الأرض، حسب تفسير احد ابناء منطقة بن قردان. وقد يعود تصنيف الترفاس ضمن الثمار النبيلة الى قيمته الغذائية والصحية وخاصة "لامراض العيون والسكري والمساعدة على الهضم الى جانب أهميته كمنشط جنسي للرجال"، وفق ما أكده الدكتور محمد النفاتي رئيس مخبر البيئة والمراعي بمعهد المناطق القاحلة بمدنين وصاحب بحث معمق حول فطر الترفاس، مكنه من ايداع براءة اختراع حول "طرق استئناس فطر الترفاس". كما يمكن تفسير ارتفاع أسعار بيع الترفاس، بطبيعة وندرة ظهوره حيث يتطلب نموه تربة ذات خصائص معينة تتمثل حسب الدكتور النفاتي في "تربة خالية من الفسفور وذات ملوحة ضعيفة ومحتوية على نسبة قليلة من المواد العضوية"، الى جانب شرط انعدام الانشطة الانسانية المخلة بالتوازن البيئي للمحيط، كالحراثة والرعي الجائر التي تهدد فطر الترفاس بالتراجع الملحوظ. وقد توصل معهد المناطق القاحلة الى نتائج علمية هامة حول نبتة الترفاس تتمثل بالخصوص في التعرف على انواع مختلفة من الترفاس وتحديد "النبتة المضيفة" لمختلف هذه الأنواع بالجنوب التونسي الى جانب اكتشاف نوع جديد من الترفاس باعتماد تحاليل جزئية ومرفولوجية. ويضيف الدكتور محمد النفاتي أن البحوث العلمية تهدف حاليا الى التعرف على العوامل "الاحيائية واللائحيائية" ذات الاثر المباشر على الانتاج الطبيعي للترفاس قصد التمكن من انتاجه في "الظروف الحقلية" بالاضافة الى دراسة المتطلبات البيئية لفطر الترفاس.