باردو (وات) - أجمع ممثلو المجتمع المدني المشاركون صباح السبت، في اليوم المفتوح مع الجمعيات، المتعلق بالحوار الوطني حول العدالة الانتقالية، بمقر وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، على ضرورة إحداث هيئة مستقلة تتولى الإشراف على مختلف مراحل مسار العدالة الانتقالية. واقترحوا تكوين لجان تتفرع عن هذه الهيئة وتتكفل أولها بالتحقيق والبحث عن الحقيقة والثانية بالمحاسبة وأخرى للمصالحة، فيما تعهد إلى لجنة أخرى مهمة "التدوين للتاريخ" حفظا للذاكرة الوطنية. ودعوا إلى حماية هذه الهيئة من خلال إصدار نص قانوني يحدد صلاحياتها وتركيبتها والهياكل التابعة لها، موصين بإحداث لجان جهوية تتولى البحث عن الحقيقة في الجهات. واستأثر الحيز الزمني لهذا الحوار الوطني المفتوح حول العدالة الانتقالية، بجانب هام من التدخلات، إذ أكد أغلب المتدخلين من ممثلي المجتمع المدني، ضرورة ألا تتجاوز هذه المشاورات الشهرين، لتختم بوضع تصور عام متكامل لقانون العدالة الانتقالية يرفع إلى المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة عليه في أجل لا يتجاوز منتصف شهر جويلية 2012. وشددت ممثلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان آسيا بلحسن على ضرورة تحديد آليات تكريس ثقافة العدالة الانتقالية في المجتمع التونسي وتبسيط مفاهيمها في وسائل الإعلام لتقريبها من المواطن. واعتبرت رئيسة مركز تونس للعدالة الانتقالية سهام بن سدرين أن أكبر ضمان لإضفاء صبغة الشفافية على مسار العدالة الانتقالية يتمثل في إحداث بوابة الكترونية لوزارة حقوق الإنسان تكون مفتوحة للعموم، لتمكين التونسيين من "الاطلاع على تقدم عملها وعلى فحوى الحوار مع المجتمع المدني، مع إمكانية مساهمة المواطن في هذا المسار من خلال تقديم مقترحات عملية وجدية". واقترح محمد الشابي ممثل جمعية "تنمية بلا حدود" إيجاد اتفاق مع رجال الأعمال المتورطين في الفساد، بهدف تمكينهم من "المساهمة في الدفع بعجلة الاقتصاد الوطني وتشجيعهم على الاستثمار مقابل إعفائهم من التتبعات العدلية". ودعا جمال الغرسلي ممثل "جمعية شهداء وجرحى ثورة الكرامة" فرع القصرين، إلى إحداث "محكمة خاصة" لتحقيق العدالة الانتقالية، تتكفل حسب رأيه، بالنظر في القضايا المتعلقة بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، موصيا كافة الوزارات بالمساهمة في تيسير عملية التحقيق، من خلال "توفير الوثائق اللازمة التي تساعد على إثبات الانتهاكات إن وجدت"، على حد قوله. وكان وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو، أكد في مداخلته الافتتاحية الإجماع الحاصل على إنجاح هذا المسار الانتقالي، من خلال تكريس مبدأ الشفافية في مختلف مراحله وعلى أن تتم صياغة قانون العدالة الانتقالية "على أساس الوفاق بعيدا عن الخلفيات السياسية والحزبية"، حسب تعبيره. وجدد التأكيد على أن الحكومة الحالية "ليس لها أي رغبة في وضع يدها على مسار العدالة الانتقالية بأي شكل من الأشكال"، وفق ما صرح به ديلو. يشار إلى أن ممثل "اعتصام القصبة 2" رفيق الكيلاني انسحب من هذا الاجتماع بسبب تشريك الوزارة لمن أسماهم "الجلادين المتورطين في تعذيب المناضلين السياسيين".