تونس (وات)- فيلم "صالح بن يوسف.. جريمة دولة؟"، انتاج الجزيرة وثائقية 2011 ،لم يكن تقليبا في الصفحات المنسية بقدر ما كان ارتدادا لذلك المسكوت عنه في تاريخ تونس الحديث وفقا لنهج الفيلم الوثائقي الذي جمع معطيات أرادها مخرج الشريط جمال دلالي أن تكون شاهدا على حقبة حالت دون الخوض في مسألة اغتياله. تم عرض هذا الفيلم الذي استغرق 54 دقيقة صباح السبت بتونس العاصمة بحضور عدد من أفراد عائلة صالح بن يوسف وشخصيات سياسية وثلة من الأساتذة المختصين في تاريخ تونس المعاصر. وقد عالج هذا الشريط حياة صالح بن يوسف ودوره في الحركة الوطنية التونسية وأسباب خلافه مع الزعيم الحبيب بورقيبة والظروف التي أدت إلى اغتياله في ألمانيا يوم 12 أوت 1961 من خلال شهادات حية ل16 شخصية سياسية وفكرية فضلا عن زوجة الراحل تخللتها 6 مقاطع درامية حاولت تجسيم وقائع شكلت المشهد السياسي آنذاك. فكان تصميم المشهد الدرامي في هذا الفيلم يحمل المتفرج إلى استقراء حقبة مطموسة يرى مخرجه أنه ينفض عنها الغبار ليلتقطها عبر اعترافات من هنا وهناك . ويبقى الاختيار الجمالي للمخرج مدعاة للانتباه خاصة وانه ابتعد في كثير من الأحيان عن التوثيق التاريخي ليسقط في ارتجالية انطباعية انحصرت بالشريط في بوتقة الصراع بين الزعيم بورقيبة وخصمه صالح بن يوسف. هذا الشريط بدا وكأنه يفتقد إلى شيء من الموضوعية لان اتهام الزعيم بورقيبة أو على الأقل الحلقة الضيقة المحيطة به بتصفية بن يوسف لم يصحبه التذكير من باب الأمانة الفكرية بأن الضحية" أي صالح بن يوسف" متهم بدوره ، مثلما تشير بعض الروايات بأنه حاول اغتيال بورقيبة أكثر من مرة .. وعلى هذا الأساس فان ميزة الشريط ليس في السعي إلى كشف الحقيقة الغائبة وإنما ربما في محاولة استقراء تاريخ تونس الحديث ودفع المؤرخين إلى مزيد التمعن في مجرياته وعواقبه باعتماد الحياد والنزاهة .