تونس (وات/سهيلة العيفة) - "في يوم وليلة" و"بتونس بيك" و"حكايتي مع الزمان" و"وحشتوني" و"خليك هنا خليك " و"في يوم وليلة" و"معندكشي فكرة" وغيرها من أغان صدحت بها الحنجرة الذهبية للفنانة القديرة وردة الجزائرية التي رحلت يوم الخميس 17 ماي 2012 اثر سكتة قلبية بمنزلها المطل على نيل القاهرة عن سن تناهز 73 عاما تاركة وراءها لوعة وحزن كبيرين في الوسط الفني وفي قلوب من أمنوا بفنها وعشقوا عبيق صوتها. وقبل رحيلها بلحظات أعربت وردة عن رغبتها الشديدة في العودة إلى الجزائر في أسرع وقت ممكن حسب ما نقلته عدة مواقع الكترونية، ولئن وافاها الأجل المحتوم وحال دون تحقيق رغبتها فان جثمانها نقل الجمعة إلى موطنها الأصلي الجزائر لتوارى الثرى السبت في مقبرة "العالية" شرق العاصمة الجزائرية ، الوطن الذي لم تولد فيه ولم تمكث فيه فترة طويلة الا أنها عشقته واعتزت به في كل المناسبات. مشوار فني حافل بالانتاجات الغنائية والسينمائية لن ينته مع سكوت قلبها فهي التي قالت إنها "لا تستطيع العيش دون الغناء" وأكدت عدة مرات أنها "ستظل تغني لآخر رمق في حياتها" وهذا ما تجسم عند صدور آخر البوم لها "إلي ضاع من عمري" فقد أصرت على أن تكون حاضرة دوما في الساحة الفنية رغم احتداد المنافسة حتى آخر أيامها. فمنذ صغرها كانت وردة تؤدي أغان لكبار الفنانين على غرار ام كلثوم وعبد الحليم ومحمد عبد الوهاب في النادي الليلي الذي يملكه والدها الجزائري في باريس وكان الفنان التونسي الراحل الصادق ثريا اول من اكتشف خامة صوتها فشجعها على المضي قدما في درب النجومية. وقبل توجهها إلى مصر حيث سطع نجمها غنت وردة وهي في سن المراهقة في لبنان وطن امها المنحدرة من عائلة "يموت" البيروتية، كما نجحت في فرض تميزها في الحفل السوري الكبير "أضواء على دمشق" حيث أدت أغنية "أنا من الجزائر..أنا عربية" إلى جانب أسماء فنية كبيرة على غرار وديع الصافي وشادية وفي سن الواحد والعشرين تمكنت وردة من الوقوف أمام كاميرا السينما المصرية حيث عرض عليها المخرج والمنتج المصري حلمي رفلة دور البطولة في فيلم "المظ وعبيدة الحامولي" سنة 1960 وشاركت في الاوبيرات المصرية "وطني الأكبر" من تلحين محمد عبد الوهاب مع عدد من نجوم الغناء العربي مثل عبد الحليم حافظ. وفي سنة 1962 ومباشرة بعد استقلال الجزائر عادت وردة إلى وطنها أين تزوجت وأنجبت طفلين رياض ووداد لتستقر هناك لمدة عشر سنوات توقفت فيها عن الغناء وتفرغت فيها للاعتناء بولديها إلى ان دعاها الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين سنة 1972 للغناء في الحفل الضخم الذي تم تنظيمه للاحتفال بالذكرى ال10 لاستقلال الجزائر فقررت العودة للغناء بقصيدة "عدنا اليك يا جزائرنا الحبيبة" من كلمات صالح خرفي والحان صلاح الشروبي. وسافرت في العام نفسه الى القاهرة لتعاود ركوب قاطرة المجد والشهرة فكانت لها انطلاقة فنية جديدة في الغناء خاصة بعد ادائها لاغنية "اوقاتي بتحلو" من الحان السيد مكاوي التي لحنها لام كلثوم ال اان الموت وافاها ولم تغنيها ، وكذلك في السينما حيث شاركت وردة في عدد من الأفلام مثل "حكايتي مع الزمان" و"اه يا ليل اه يازمن" مع رشدي اباظة و"صوت الحب" مع حسن يوسف. وشهدت رحلتها الغنائية ذروتها مع الملحن بليغ حمدي كما تعاملت في التسعينات مع الملحن صلاح الشرنوبي الذي لحن لها ألبومها الشهير "بتونس بيك" كان آخر حضور للفنانة الراحلة في تونس سنة 2009 في فعاليات مهرجان قرطاج الدولي حيث قدمت حفلا لاقى عدة انتقادات بسبب ضعف صوتها إلا أنها أوضحت في حوار حصري مع وكالة تونس افريقيا للانباء ان ذلك كان بسبب توعك صحي. السبت 19 ماي 2012 سيشيع جثمان وردة محمد فتوكي أو كما عرفها الجمهور وردة الجزائرية إلى مثواها الأخير لكنها ستبقى أسطورة فنية اقتحمت قلوب واذان الجماهير في العالم العربي فقد ذبلت الوردة ولكن عبيقها سيظل خالدا.