[constituante280112]باردو (وات) - أرجأ رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر المصادقة على مشروع القانون المتعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب بالوظيفة العمومية، في صيغته المنقحة، الذي تم عرضه يوم الاربعاء على جلسة عامة للمجلس إلى يوم الخميس بعد أن تعذر الوصول إلى صيغة توافقية بخصوص فصول المشروع الثمانية. وقبل رفع الجلسة المسائية على الساعة الثامنة مساء عبر بن جعفر عن عدم رضاه على سير اشغال المصادقة على فصول مشروع القانون لا سيما وأن اللجنة خصصت ثلاثة أسابيع لإعداده قائلا في هذا الصدد "كان من المفروض أن تتقدم الأشغال بنسق أسرع بفضل ما تعده اللجان من أعمال مسبقة، تسهل عملية التصويت". وكان لعدد كبير من أعضاء المجلس من مختلف الكتل النيابية ومن غير المنتمين لكتل قبل ذلك وخلال النقاش العام تدخلات، أثاروا فيها "التجاوزات" التي كانت تسجل في عمليات الانتداب بالوظيفة العمومية والتعدي على القوانين المنظمة للمناظرات الوطنية وللمناظرات الخارجية مشيرين في هذا السياق إلى الفساد الاداري في عهد النظام السابق وما يتطلبه ذلك اليوم من "تطهير للادارة من العابثين ومن الفاسدين". وطالب عدد من النواب بضرورة تقديم ما اسموه ب "الاستثناء في الانتداب بالوظيفة العمومية" لأفراد عائلات شهداء وجرحى الثورة مع الاعتماد بشكل مبدئي على مقياسي السن وسنة التخرج بالنسبة للمعطلين عن العمل "نظرا لأن الخبرة والكفاءة يمكن إكتسابهما بالدورات التكوينية والتربصات المهنية"، حسب رأيهم. وفي هذا السياق اقترح النائب رمضان الدغماني أن تتكفل الدولة بعائلات الشهداء وتمنحهم تعويضات وأن تكون الأولوية في التشغيل لجرحى الثورة من أصحاب الشهائد العليا وتشغيل المتمتعين بالعفو العام على مراحل لكي تتاح للمعطلين عن العمل فرصا أكبر لإجراء مناظرات الانتداب بالوظيفة العمومية. ومن ناحيته اعتبر النائب الناصر الإبراهمي أن مشروع القانون المطروح "لا يخرج عن كونه حلا ترقيعيا"، على حد تعبيره، مضيفا أنه يخشى من ورائه "تردي مردودية إنتاجية الإدارة بما من شأنه أن يفاقم عجز ميزانية الدولة" حسب رأيه. وفي جانب آخر تساءل النائب طارق بوعزيز عن مصير مناظرات سنة 2011 والتي قال إن نتائجها لم يعلن عنها للعموم مطالبا، في السياق ذاته، بالتثبت من أن شغورات الوظيفة العمومية هذه السنة ليست هي نفسها شغورات سنة 2011. وانتقد نواب آخرون غياب الحالات الإجتماعية وأبناء العائلات المعوزة من مشروع القانون معتبرين أن هؤلاء يستحقون التمتع بآلية الإنتداب المباشر نظرا لظروفهم المتردية. كما طالب بعض النواب بالإسراع بضبط القائمات النهائية للمتمتعين بالعفو العام وشهداء وجرحى الثورة حتى يتسنى معرفة عددهم النهائي وبالتالي معرفة النسبة الحقيقية المخصصة لهم في التشغيل في الوظيفة العمومية. وفي سياق آخر نبه النائب علي الحويجي إلى حالات الشباب "المسقطين عمدا" من مناظرة الكاباس على خلفية التقارير الأمنية التي كانت ترد ضدهم في عهد النظام السابق وطالب باعتبارهم من المتمتعين بالعفو العام. كما لفت النائب إياد الدهماني إلى غياب الاستثناء على أساس الجهات في مشروع القانون على اعتبار أن هنالك جهات داخلية عانت التهميش والتمييز أكثر من جهات أخرى، واقترح في هذا الصدد أن يقع تقسيم عدد الوظائف المتوفرة على أساس 1000 موطن شغل لكل ولاية. وفي رده على تساؤلات وملاحظات النواب، أكد الوزير المكلف بالإصلاح الإداري محمد عبو، أن كل الموظفين الذين تورطوا في حالات فساد ورشوة وسهلوا انتدابات لأشخاص على أساس منافع شخصية ستتم محاسبتهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقهم. كما بين أن الانتدابات بالنسبة لسنة 2011 انتهت ولا توجد وظائف شاغرة بعنوان سنة 2011 موضحا أن عدد المناظرات التي لم يعلن عن نتائجها خلال السنة الفارطة قليل جدا وأن أسباب التكتم أمنية بحتة، نظرا لما حدث فيها من إخلالات. وأكد أن النقابات وجمعيات المعطلين عن العمل ومنظمات المجتمع المدني ستكون قطعا ممثلة في لجان المناظرات لضمان أكبر قدر من الشفافية والنزاهة. وبين عبو أن تركيز مشروع قانون الوظيفة العمومية على ضرورة تشغيل جرحى الثورة وأفراد عائلات الشهداء والمتمتعين بالعفو العام هو من قبيل رد الجميل لمن عذبوا ومن قبيل اعتراف الدولة لأبنائها بتضحياتهم وهو أقل ما يمكن أن يقدم لهم. أما في ما يخص المسقطين من مناظرة الكاباس على أساس التقارير الأمنية الواردة ضدهم، قال عبو إنه يتفهم هذا الأمر ومتأكد من حدوثه وقد طلب توضيحات من وزارة التربية بخصوص هذا الموضوع، لكن في الوقت الحالي لا يوجد أي إجراءات استثنائية بشأنهم وما عليهم إلا التقدم للمناظرات كغيرهم من حاملي الشهائد العليا إلى أن يقع التثبت في ملفاتهم، على حد قوله. ومن جهته وفي رده على استفسارات وملاحظات أعضاء المجلس أوضح وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو أنه على خلاف ما يتداوله البعض وورد في تدخل أحد أعضاء المجلس من أن عدد شهداء وجرحى الثورة وعدد المنتفعين بالعفو العام يعد بعشرات الالاف فإن العدد لا يتجاوز حسب قول ديلو "بضعة آلاف". وبخصوص التزام الدولة بتشغيل واحد من أبناء عائلات شهداء الثورة وجرحاها والمتمتعين بالعفو العام ممن لحقهم ضرر من النظام السابق وما لذلك من أثار على ميزانية الدولة بين ديلو أن الحكومة ستنظر خلال الأسبوع القادم في المرسوم عدد 1 لسنة 2011 المؤورخ في 19 فيفري 2011 المتعلق بالعفو العام مقللا من أثار هذا الاجراء على موارد الدولة "لأن عدد المنتفعين بهذا الاجراء يعد قليلا" حسب قوله.