تونس 7 مارس 2010 (وات/تحرير بهيجة بلمبروك)- تحت شعار "المساواة في الحقوق ، تكافؤ الفرص: تقدم للجميع"، تحتفل تونس مع سائر البلدان باليوم العالمي للمراة الموافق للثامن من مارس كل سنة. ويترجم اختيار هذا الشعار الاهتمام الذي توليه المجموعة الدولية للاحتفال هذا العام بالذكرى الخامسة عشرة لاصدار اعلان ومنهاج عمل بيجين، الذى انتهى اليه المؤتمر العالمي الرابع الخاص بالمراة فى 1995 وقد أكد منهاج عمل بيجين الذى يعد اشمل اطار للسياسات العالمية الداعية لتحقيق اهداف المساواة بين الجنسين والتنمية والسلام الى معالجة اثنتي عشرة قضية رئيسية، هي الفقر والتعليم والصحة والعنف ضد المراة والصراع المسلح والاقتصاد والسلطة وصنع القرار والاليات المؤسسية وحقوق الانسان ووسائط الاعلام والبيئة. ومنذ انعقاد موءتمر بيجين ، سجلت تونس مزيدا من التقدم في المجالات ذات العلاقة، حيث تم اقرار عديد التشريعات واحداث اليات ومؤسسات تعنى بتدعيم وضع المراة تثبيتا لريادة تونس عربيا واقليميا ودوليا في تعزيز مشاركة المراة في الحياة العامة وفي مواقع القرار والمسؤولية. ويوءكد اثراء المنظومة التشريعية التونسية خلال العشرية 1999-2009 باصدار ما لايقل عن اربعة عشر قانونا ذا علاقة بحقوق المراة من اجل دعم العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المراة والرجل، ان الارادة السياسية للنهوض باوضاع المراة التونسية هي ارادة ثابتة ذات بعد استراتيجي مرجعيته اعتبار حقوق المراة جزء لايتجزا من حقوق الانسان. وتم على المستوى الاجتماعي، وفي اطار تنمية الوعي الشامل بالاهداف المتعلقة بالعدالة والمساواة وتكافوء الفرص، وضع خطة وطنية لنشر ثقافة المساواة وتكافوء الفرص وتغيير العقليات والسلوكيات باتجاه القضاء على مظاهر التمييز المبني على النوع الاجتماعي. وتدعمت الانجازات التي تحققت لفائدة المراة التونسية والنهوض بحقوقها الاساسية، خلال الخماسية الثالثة (2005-2009) من اعلان مناهج عمل بيجين، باقرار خطة عمل رابعة لفائدتها. وفيما تركزت الخطط الثلاث الاولى على مواضيع النهوض بالموارد البشرية النسائية وتحقيق المساواة وتكافوء الفرص بين المراة والرجل والعناية بالفئات النسائية ذات الحاجيات الخصوصية، اتجهت اولويات الخطة الرابعة نحو مزيد تمكين المراة في مختلف مجالات النشاط وخاصة الاقتصادية والنهوض بقدراتها في مجال التكنولوجيا الحديثة فضلا عن مزيد ارساء مقومات شراكة متكافئة بين الرجل والمراة ونبذ جميع اشكال سوء المعاملة والتمييز. وتعززت هذه الخطة، باقرارا استراتجية وطنية للوقاية من السلوكيات العنيفة داخل الاسرة وفي المجتمع مع التركيز على العنف المبني على النوع الاجتماعي في المرحلة الاولى من تنفيذها. وشهدت سنة 2008 في هذا السياق انطلاق انجاز مشروع "مأسسة مقاربة النوع الاجتماعي " في سبع قطاعات تعد فاعلة في مجال تمكين المراة وهى الوظيفة العمومية والمالية والتنمية والتعاون الدولي والتربية والصحة العمومية والفلاحة والشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج، وذلك من اجل تعزيز القدرات التنموية لهذه القطاعات باستيعاب مقاربة النوع الاجتماعي وتطبيقها في اعداد وتنفيذ الخطط والبرامج. ومكنت مختلف الاجراءات التي وقع اقرارها من خماسية الى اخرى، من تكريس الاهداف المرسومة في منهاج عمل بيجين ليتحسن وضع المراة التونسية في جميع المجالات وتتقلص الفجوات النوعية على غرار الفجوة الخاصة بالتمدرس في التعليم العالي التي بلغت 11 فاصل 9 نقطة ايجابية لفائدة المراة. وبلغت نسبتها من بين الطلبة 59 فاصل 5 بالمائة، واصبحت تمثل اكثر من 40 بالمائة من مدرسي التعليم العالي. ويجد هذا التطور جذوره في مختلف الاطر التشريعية خاصة من خلال القانون التوجيهي الصادر في جويلية 2002 المتعلق بالتربية والتعليم المدرسي الذي اقر مبدا عدم التمييز وتكافوء الفرص بين جميع الاطفال /فتيات وفتيان/، وكرس اجبارية التعليم من 6 الى 16 سنة وضمن مجانيته في جميع المؤسسات العمومية. وهو ما ساهم في تسجيل تحسن مستمر في تواجدها بمختلف مجالات ومراحل المنظومة التربوية كتلميذة وطالبة ومعلمة واستاذة وتالقها الدراسي وفي مجال التكوين المهني. ومن ناحية اخرى وعلى الرغم من التطور النسبي الذي يسجله حضور المراة في منظومة التكوين المهني، الا ان هذا الحضور اصبح ملحوظا في الاختصاصات الصناعية والتقنية التي كانت الى وقت غير بعيد حكرا على الرجال واصبحت نسبتها في الاختصاص الصناعي 30 فاصل 4 بالمائة سنة 2007 وتطورت نسبة انتفاع المراة من مختلف برامج التشغيل المنجزة على المستوى الوطني الى حدود 39 بالمائة، في حين بلغت نسبة المشاريع النسائية المدروسة والممولة من قبل اليات تمويل المشاريع الصغرى 40 بالمائة. واصبح عدد النساء صاحبات الاعمال يناهز 18 الف امراة. وفي اطار محاربة الامية لدى المراة والفتاة، استهدف برنامج تعليم الكبار بصفة خاصة المراة والفتاة فبلغت سنة 2008 نسبة النساء من مجموع المنخرطين 78 فاصل 7 بالمائة. وتمكن من رفع امية 231 الف و356 امرة من مجموع 295 الف و 545 متحررا من الامية. وفي مجال مقاومة الفقر وخاصة في الاوساط النسائية باعتبار المراة الاكثر عرضة لهذه الافة، استهدفتها الخطة الوطنية لمقاومة الفقر بصفة خاصة سواء كامرة او كام رئيسة عائلة او كفتاة ببرامج واليات متنوعة على غرارا برامج المساعدات والرعاية والنهوض الاجتماعي وبرامج التكوين والادماج الاقتصادي فضلا عن تدخلات الصندوق الوطني للتضامن وتمكين ابناء الاسر الفقيرة من مختلف الخدمات الصحية والتربوية والتدريبية والاحاطة الاجتماعية. وحققت السياسة التي انتهجتها تونس في مجال مقاومة الفقر نتائج هامة على المستويين الكمي والنوعي، حيث ارتفع معدل دخل الفرد الى حدود 3837 دولار سنة 2008 وتقلصت نسبة الفقر الى 3 فاصل 8 بالمائة. اما على مستوى ضمان الحق في الصحة، فقد سجلت نسبة وفايات الامهات بالمستشفيات انخفاضا هاما، وهي في حدود 47 وفاة لكل 100 الف ولادة حية لتتجاوز بذلك الهدف المرسوم ضمن اهداف الالفية للتنمية ومن جانبها تحظى الفتاة التونسية بالضمانات التشريعية والموءسساتية التي توفر لها الرعاية الصحية والتعليم الجيد بما يكفل لها تنشئة سليمة وحماية من جميع المخاطر التي يمكن ان تهدد نموها واستقرارها البدني والنفسي في مراحل الطفولة. ويحق للتونسيات والتونسيين عموما المفاخرة بالمنجز الكبير لفائدة المراة باعتبارها رمز اصالة وعنوان حداثة وبصفتها ايضا محور البناء الحضاري الجديد وعامل تحول شامل على كل المستويات مثلما اكد ذلك الرئيس زين العابدين بن علي في برنامجه للمرحلة القادمة. وقد تضمن هذا البرنامج دفعا جديدا لمسار النهوض باوضاع المراة ودعم مكانتها في العائلة والمجتمع وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة لتبلغ نسبة حضورها 35 بالمائة على الاقل فى مواقع القرار والمسؤولية فى افق 2014، حتى تكون شريكا كاملا في دفع المسيرة التنموية للبلاد.