تونس 7 مارس 2010 (تحرير وات) - يمثل دعم حضور المرأة في مواقع القرار والمسؤولية ليبلغ نسبة 35 في المائة على الأقل في أفق 2014 وإدراج مقاربة النوع الاجتماعي في مختلف السياسات والبرامج الاجتماعية والاستراتيجيات الوطنية، أحد التحديات التي تراهن تونس على كسبها من أجل مزيد تكريس حقوق المرأة والإرتقاء بأوضاعها وتعزيز إسهامها في الحياة العامة. وبكل تفاؤل تتطلع المرأة التونسية، وهي تحتفل مع سائر نساء المعمورة باليوم العالمي للمرأة، الذي يتزامن هذه السنة مع الاستعداد للانتخابات البلدية القادمة وما تفتحه أمام جميع التونسيين والتونسيات من افاق للمشاركة الواسعة فى الشان العام، إلى كسب هذه الرهانات. ويستند هذا التفاؤل إلى الارادة السياسية القوية التي تحدو الرئيس زين العابدين بن علي لدعم مكانة المرأة والمضي قدما على درب مزيد تعزيز حضورها في مواقع القرار والمسؤولية والتي تجددت بالخصوص عبر إفراد المرأة بالنقطة السابعة من برنامج سيادته للخماسية القادمة تحت عنوان //المرأة التونسية رمز أصالة وعنوان حداثة، والاسرة عماد التماسك الاجتماعي// وكان رئيس الدولة دعا الاحزاب السياسية إلى الترفيع في نسبة حضور المرأة في قائمات الانتخابات التشريعية أكتوبر 2009 والانتخابات البلدية لشهر ماي 2010، وأذن في هذا السياق بأن تكون هذه النسبة في حدود 30 بالمائة على الاقل فى قائمات التجمع الدستوري الديمقراطي. وقد فاقت مشاركة المرأة هذه النسب فى انتخابات 25 أكتوبر 2009 إذ مثل حضورها فى هذا الاستحقاق علامة فاصلة فى ممارسة حقوقها السياسية والاضطلاع بواجباتها المدنية، وهو ما يؤكد ريادة التجربة التونسية في مجال النهوض بأوضاع المرأة وتكريس حقوقها ودعم مكانتها صلب الأسرة والمجتمع وفي الحياة العامة، وارتقاء هذه التجربة إلى مستوى النموذج إقليميا ودوليا. وتبرز الخطوات التي تم قطعها في مجال تدعيم مكانة المرأة كشريك كامل الحقوق والواجبات وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، من خلال ما شهدته اليوم نسب حضورها في مواقع القرار والمسؤوليات من تطور هام. فالمرأة تمثل 27 فاصل 57 بالمائة من أعضاء مجلس النواب /59 امرأة من مجموع 214 نائب/ و17 بالمائة من أعضاء مجلس المستشارين /16 امرأة من مجموع 112 مستشارا/ وبالاضافة إلى ذلك شهد دور المرأة على الصعيد الجهوي دفعا هاما يتجلى بالخصوص من خلال ارتفاع نسبة حضورها في المجالس البلدية إلى 27 فاصل 7 بالمائة لترتقي مع الانتخابات البلدية القادمة إلى ما لا يقل عن 30 بالمائة، وفقا لتعليمات الرئيس زين العابدين بن علي. وقد تعزز حضور المرأة بالمجلس الدستوري إلى حدود 25 بالمائة، وذلك تجسيما لقرار رئيس الدولة بإدماج المرأة صلب الهياكل الاستشارية وتدعيما لمشاركتها في إدارة شؤون البلاد. وضمن هذا التوجه الحداثي الذي رسمه سيادته لتونس، ارتفع حضور المرأة أيضا بنسبة 20 بالمائة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي و6 فاصل 6 بالمائة بالمجلس الأعلى للاتصال. كما تطورت نسبة تواجد المرأة في المجلس الأعلى للقضاء لتصل إلى 13 فاصل 3 بالمائة وذلك تماشيا مع ما قطعته المرأة من خطوات في مجال تحملها لمسؤوليات في سلك القضاء بمختلف درجاته حيث تمثل المرأة ثلث القضاة. وللمرأة التونسية حضورها الفاعل في الحكومة التي تضم خمس عضوات /وزيرة و4 كاتبات دولة/ فضلا عن تنامي تواجدها باستمرار كعضوات بالدواوين الوزارية. وإلى جانب ذلك تطورت مساهمة المرأة في الحقل الثقافي وفي النسيج الجمعياتي وكذلك في مجال الإعلام، حيث بلغ عدد النساء المتحصلات سنة 2009 على بطاقة صحفي محترف 495 من مجموع 1109 صحفي أي بنسبة 44 فاصل 65 بالمائة، وفاق عددها عدد زملائها الصحفيين في المؤسسات العمومية للاعلام بنسب متفاوتة تجاوزت 54 بالمائة. كما قفز عدد الاطارات النسائية الإدارية والفنية المتواجدة في مختلف مواقع القرار والمسؤولية بعديد المؤسسات الاعلامية إلى ما يزيد عن 460 امرأة. ورغم هذا التطور الذي جعل من المرأة عنوانا بارزا لتونس الحديثة المتطلعة إلى الارتقاء إ لى مصاف البلدانالمتقدمة، فإن العزم راسخ على مزيد تعزيز حضورها في مواقع القرار والمسؤولية، إيمانا من رئيس الدولة بدرجة النضج السياسي الذي بلغته المرأة في تونس بالاضافة إلى ما تتمتع به من وضعية قانونية متميزة بفضل إصدار مجلة الاحوال الشخصية منذ 13 أوت 1956 التي مثلت أول عمل إصلاحي تنجزه البلاد بعد استرجاع سيادتها. وشكل إصدار هذا التشريع الرائد منعرجا في تاريخ تونس المعاصر، إذ مكن المرأة من التحرر من قيود مفتعلة وتقاليد بالية كانت تكبلها. وقد أضحت مجلة الاحوال الشخصية إثر التنقيحات الجوهرية المدخلة عليها بعد التحول الذي أعطى دفعا جديدا لهذا الخيار التشريعي الحداثي، مقوما جوهريا لدولة القانون والمؤسسات وللنظام الجمهوري، تم تعزيزه بتعديلات هامة أقرها الرئيس زين العابدين بن علي لتشمل عديد المجلات القانونية الداعمة لاثراء حقوق المراة وتكريس المساواة بين الجنسين في كل الميادين كمجلة الجنسية ومجلة الشغل ومجلة الالتزامات والعقود والمجلة الجنائية، فضلا عن مجلة حقوق الطفل وقانون حماية المسنين. وتواصلا مع ثوابت تونس التي ارتقت بحقوق المرأة إلى مرتبة دستورية كان تكريس الخيارات الداعمة للمرأة والمجسمة لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص من السمات البارزة لرئاسة تونس لمنظمة المرأة العربية في شخص السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية والتي انطلقت في مارس 2009 لتتواصل إلى غاية شهر فيفري من سنة 2011 ومنذ تسلمها رئاسة المنظمة، جسمت سيدة تونس الاولى إرادة قوية في طرح مبادرات عملية واعتماد تصورات وبرامج وخطط جديدة واستحداث مزيد من الاليات للنهوض بحقوق المرأة ومنها بالخصوص دعوتها إلى تأسيس مرصد للتشريعات الاجتماعية والسياسية المتصلة بأوضاع المرأة العربية لترسيخ حقوقها وتعزيز قدراتها وإلى إحداث /لجنة المرأة العربية للقانون الدولي الإنساني/ التي تم إطلاقها يوم غرة فيفري 2010 بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة العربية. وتستند حرم رئيس الدولة في هذه المساعي وفي طرح هذه المبادرات إلى ما تحظى به تونس من تقدير دولي واقليمي بشأن ريادة تجربتها في الاصلاح المجتمعي من جهة ولاسهاماتها على الصعيد العربي في إشاعة قيم الاعتدال والوسطية. ويكرس تبني هذه المقترحات ما بلغته التجربة المتفردة لتونس في مجال المرأة من مستوى يؤهلها للاشعاع على محيطها العربي والاسهام في الجهود العربية الرامية إلى تطوير أوضاع المرأة العربية.