تونس 19 مارس 2010 (تحرير وات)- يحيي الشعب التونسي يوم غد السبت بكل اعتزاز الذكرى الرابعة والخمسين للاستقلال الذي يقترن بعيد الشباب. ويكتسى الاحتفال بهذا الحدث التاريخي الكبير، الذي يمثله استقلال البلاد، دلالة خاصة لدى كل التونسيين، بما يرمز اليه من استرجاع لحرية الوطن وتركيز لمقومات سيادته التي يتعين المحافظة عليها بمضاعفة الجهد ومراكمة الانجازات والتطوير والاضافة في كل الميادين. وقد بين ذلك الرئيس زين العابدين بن علي في مختلف المناسبات الوطنية بالتاكيد على ان "صيانة مكاسب الاستقلال جهد يومي لا يقل شرفا عن النضال من أجله"، وان "الاعتزاز بالارث النضالي لتونس الزاخر بالامجاد لا يوازيه الا ادراك المسوءولية.. من اجل الحفاظ على هذا الارث وترسيخ قيمه باستمرار". وتجد معاني التفاني في خدمة تونس، صونا لاستقلالها ولحرية قرارها الوطني، سندها المتين في بيان السابع من نوفمبر الذي دخلت بفضله البلاد طورا تحديثيا متواصل الحلقات. وتاتي هذه الذكرى الخالدة ايضا وتونس تقبل على مرحلة هامة تقترن بالشروع في تنفيذ برنامج الرئيس زين العابدين بن علي للخماسية الجديدة 2009-2014 للارتقاء بالبلاد الى مصاف الدول المتقدمة. كما ان التفاني فى خدمة تونس يلقى امتداده البليغ فى هذا البرنامج الذى اختار له رئيس الجمهورية عنوان "معا لرفع التحديات"، فى مراهنة على المشاركة الواسعة لكافة افراد الشعب فى الشان العام، تواصلا مع نجاحات تجربة وطنية تعد اليوم بكل المقاييس مرجعا فى تحويل الطموحات العديدة الى واقع يعيشه كل التونسيين. فقد تضمن البرنامج اهدافا طموحة لكل القطاعات يحرص رئيس الدولة على تحقيقها في كنف الالتزام الدائم بالمرجعيات الوطنية ووضع مصلحة تونس فوق سائر الاعتبارات وبمشاركة كافة مكونات المجتمع والاطراف الفاعلة في مقدمتها الاحزاب والمنظمات والجمعيات الوطنية. وتسبق الذكرى الرابعة والخمسون للاستقلال هذه السنة موعدا سياسيا هاما يتمثل فى الانتخابات البلدية المقررة ليوم 9 ماي 2010 كمناسبة جديدة لتاكيد عمق الاشواط التى قطعتها تونس فى تاصيل الممارسة الديمقراطية السليمة على اوسع نطاق. فالانتخابات البلدية الرابعة عشرة في تاريخ تونس، والتي تستعد لها البلاد، بعد ان توفقت بشهادة الملاحظين في تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية يوم 25 أكتوبر 2009 ، عبر فيها الشعب التونسي بكل وضوح وشفافية وحرية عن ارادته، ستشكل هى الاخرى لبنة اضافية على درب تكريس قيمة المواطنة كاساس متين للنظام الجمهورى ودعامة قوية تعزز المسار الديمقراطي التعددي. وقد تجسمت ابعاد الاستقلال من خلال ما راكمته تونس على مدى اكثر من خمسين عاما من مكاسب وانجازات متتالية، وما كرسه تغيير السابع من نوفمبر من مناخ من الحرية واستقلالية القرار وبالاعتماد على قدراتها الذاتية وعلى جهود ابنائها، بما دعم مقومات السيادة وعزز مناعة البلاد وبواها مكانة مشرفة بين الامم. وما الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي شهدتها تونس منذ تحول 1987 ، بدءا بتنقيح مجلة الاحوال الشخصية في اوت 1992 ، مرورا بالاصلاح الجوهري للدستور سنة 2002 ، ووصولا الى دعم حضور كافة الحساسيات السياسية في الحياة العامة وصلب المؤسسات الانتخابية والهياكل الاستشارية، الا تجسيم لهذه المعاني. ويعد الحرص الدؤوب على الارتقاء بمستوى عيش كل التونسيين، ولا سيما الفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات الخصوصية، وتطوير برامج التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي، والاستثمار في الذكاء، وبناء مجتمع المعرفة خير تجسيد للقناعة الراسخة بانه لا معنى للاستقلال اذا لم تكن البلاد سيدة قرارها ومعولة على طاقات شعبها لبلوغ اعلى درجات النماء والتطور. وفى ذلك انصرف الجهد فى تونس منذ التغيير الى تفعيل قيمة التضامن لارساء مجتمع متوزان ومتماسك ومستقر ينعم فيه الجميع باسباب الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، ضمن مقاربة تضامنية مرجعية اثبت قدرة تجربة وطنية على الاشعاع عالميا من خلال اعتماد الجمعية العامة للامم المتحدة مبادرة الرئيس زين العابدين بن على الخاصة باحداث الصندوق العالمى للتضامن ومكافحة الفقر. كما شهدت تونس، ضمن خياراتها الحداثية، اقرار الاليات وتعزيز التشريعات الرامية الى الارتقاء بمكانة المراة فى الاسرة والمجتمع وفي الحياة العامة لتجسم على ارض الواقع ما نادى به رواد حركات الاصلاح والتنوير حيث اصبحت المراة التونسية شريكا فاعلا فى التنمية. ويعكس اقتران ذكرى الاستقلال بعيد الشباب الموافق ليوم 21 مارس من كل سنة الحرص على تامين الترابط بين الاجيال ومواصلة المسيرة التنموية الشاملة بالتعاون والتكامل بينها أسوة بالاجيال السابقة التي ضحت من اجل تحرير البلاد ووضعت اسس دولة الاستقلال الحديثة. وقد شكل الحوار الشامل مع الشباب سنة 2008 خطوة جادة باتجاه تنمية الحس الوطني لدى هذه الفئة، اذ افضى الى ميثاق تاريخي غير مسبوق يحفز على الالتزام الدائم بالولاء للوطن دون سواه والمشاركة في تنمية البلاد والدفاع عنها واعلاء شأنها بين الامم. وتبرهن المصادقة الاممية على مبادرة الرئيس زين العابدين بن علي بالدعوة الى وضع سنة 2010 تحت شعار السنة الدولية للشباب على صواب روءية سيادة الرئيس فى الاحاطة بالشباب والاهتمام بقضاياه ودعم الحوار معه، بما يسهم في تعزيز تمسك الشباب بهويتهم وتراثهم وخصوصياتهم وتجذيرهم في اصالتهم الثقافية والحضارية والدينية، دون قطيعة مع العصر، وفي تواصل مع الاخر. وعلى الصعيد الخارجي، لم تدخر البلاد جهدا في دعم العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. كما انها ما فتئت تؤكد انخراطها الفاعل في المبادرات الهادفة الى تعزيز الامن والسلم والتضامن فى العالم ومناصرتها للقضايا العادلة وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني ووقوفها الى جانبه في كفاحه المشروع من اجل اقامة دولته المستقلة على ارضه. وتعكس هذه النجاحات ، مثلما اكد ذلك رئيس الجمهورية، الحرص على ان تكون تونس في صميم العصر ماسكة بكل الادوات التي تدعم منزلتها على الساحة الدولية وتؤكد قدرتها على مواكبة الحضارة البشرية والاستفادة من تطورها والاسهام في اثرائها. كما تقيم الدليل على ايمان قيادة تونس الثابت بأن التفاني في خدمة البلاد والمحافظة على سيادتها ودعم استقلالها والارتقاء بها الى مراتب افضل من التقدم والمناعة، جهد متواصل يشترك فيه كل التونسيين والتونسيات بالداخل والخارج، بعد أن توفقت بكفاءة نادرة في تحويل تجربتها التحديثية الى نموذج ما انفك يحظى بكل الإعجاب والتقدير في العالم. ويجد التونسيون اليوم فى الخصال القيادية والانسانية الرفيعة للرئيس زين العابدين بن على، الذى نذر جهوده لمغالبة التخلف والفقر، واعطى لتونس اسبقية كبيرة فى الاخذ باسباب التقدم والرفاه، خير حافز للمثابرة فى بلوغ ما رسمه من اهداف طموحة ضمن برنامجه المستقبلى من اجل رفعة تونس وعزة شعبها.