باردو 10 جويلية 2010 (وات)- أكد السيد محمد الغنوشي الوزير الأول أن ما ورد في تدخلات المستشارين حول المخطط الثاني عشر للتنمية من تحاليل وأفكار قيمة ستحظى بما هي جديرة به من اهتمام ومتابعة من قبل الحكومة مثمنا ما عبر عنه أعضاء المجلس من تقدير واكبار للرئيس زين العابدين بن علي وجهوده المتواصلة من اجل الرفع من شأن تونس حاضرا ومستقبلا. ونوه الوزير الأول صباح السبت بمجلس المستشارين بباردو في ردوده على تدخلات أعضاء المجلس حول المخطط التنموي الجديد بما ابرزته هذه المداخلات من تفاعل مع ما تضمنه مشروع المخطط من أهداف وتوجهات تعكس مضامين البرنامج الرئاسي /معا لرفع التحديات/ بما يقيم الدليل على الالتزام الكلي بالاسهام الفاعل والمتواصل في ترسيخ خيارات رئيس الدولة وتعزيز مناعة تونس وتقدمها. وبين أن مقومات التنمية في تونس تسجل تقدما مستمرا على اسس سليمة وثابتة بفضل التوجهات الصائبة التي حددها رئيس الجمهورية وما توفر لها من أرضية سياسية ملائمة قائمة على تحقيق الوفاق حول مختلف الخيارات الوطنية مشيرا الى تواصل النمو الاقتصادي وتنوعه وتعزيز اركان مجتمع متوازن بما جعل من نسبة الطبقة الوسطى من السكان في حدود 80 بالمائة ونسبة الفقر في حدود 8ر3 بالمائة موءكدا الحرص الدوءوب على التقليص من نسبة الفقر الى ادنى الحدود ودعم الاحاطة بضعاف الحال ومحدودي الدخل . وابرز السيد محمد الغنوشي قدرة تونس المتزايدة على استقطاب الاستثمارات الاجنبية بفضل توفر محيط أعمال ملائم وكفاءات بشرية ذات موءهلات عالية وما تحظى به تونس من ثقة ومصداقية لدى مختلف الهيئات والمحافل الدولية ولاحظ أن المكاسب التي حققتها تونس توفر لها الارضية الملائمة اليوم للمضي قدما لتحقيق الاهداف المرسومة للمرحلة القادمة والتي يشكل المخطط الثاني عشر للتنمية منطلقها وتغذيها في ذات الوقت الثقة في الموءهلات الذاتية والقدرة على مجابهة الصعوبات والمتغيرات في اطار تمش منهجي واضح المعالم والاهداف. واوضح أن تحقيق أوفر مقومات النجاح للخماسية القادمة يستوجب تثبيت المكاسب المحققة وكسب ثلاثة رهانات أساسية تتمثل في التشغيل والتجديد التكنولوجي والارتقاء بالتنمية البشرية. وفي ما يتعلق بالتشغيل ابرز الحرص على تغطية كامل الطلبات الاضافية للشغل بما يمكن من التقليص في نسبة البطالة بنقطة ونصف مع التركيز على حاملي الشهادات العليا من خلال تخصيص 67 بالمائة من جملة الاحداثات لفائدة هذه الشريحة. وبشأن التجديد التكنولوجي شدد الوزير الاول على ان الهدف يتمثل في الارتقاء بالاقتصاد الوطني من اقتصاد يعتمد التنافسية والنجاعة الى اقتصاد يعتمد على الابتكار والتجديد مذكرا بالجهود التي بذلتها تونس في مجال العناية بالبحث العلمي والنتائج التي تم تحقيقها في هذا المجال من ذلك الارتقاء بعدد براءات الاختراع من 46 براءة سنة 2004 الى 105 براءة سنة 2009 وتنامى عدد المقالات العلمية ذات الصيت العالمي خلال نفس الفترة من 426 مقالة الى 3413 مقالة . وبخصوص التنمية البشرية اكد الوزير الاول ان المرحلة القادمة تقتضي الارتقاء بالتنمية البشرية الى المستوى الذي وصلت اليه البلدان ذات التنمية البشرية العالية لتحقيق اهداف الالفية التي ضبطتها الاممالمتحدة في غضون 2015 ,وذلك بالعمل على مزيد تحسين موءشرات الصحة والدخل الفردي والتعليم. واكد الوزير الاول ان كسب رهانات التنمية يتطلب توفير عدة شروط يتصدرها تعزيز الاستثمار في الراسمال البشري باعتباره الثروة الحقيقية للبلاد من خلال تخصيص نسبة 5ر8 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي لقطاعات التربية والتعليم العالي والتكوين والبحث العلمي. وبين ان العمل سيرتكز في هذا المجال على كسب رهان الجودة من خلال تحسين كفاءة اطار التدريس والرفع من ادائه وتكثيف استعمال تكنولوجيات المعلومات والاتصال وتعزيز منظومة التقييم في كل مراحل التعليم مع تمكين الموءسسات التعليمية من اليات التفاعل السريع مع التطورات وملاءمة الشهائد الوطنية مع شهائد البلدان المتقدمة من خلال الشهادات المزدوجة والاشهاد بالكفاءة. وابرز ان تعزيز مقومات التنمية يقتضي ايضا دعم البنية الاساسية من ذلك توسيع شبكة الطرقات السيارة لتتضاعف من 360 كلم حاليا الى 1200 كلم في افق 2016 مع استكمال انجاز الوصلات التي تربط مع الطرقات السيارة بكل ولايات الجمهورية مع موفى العشرية القادمة. كما سترتكز الجهود على استكمال انجاز الاقطاب التكنولوجية وربط مختلف المناطق الصناعية والجامعية بشبكة من الالياف البصرية لتمكينها من النفاذ الى شبكة الانترنات ذات السعة العالية جدا للرفع من المحتوى التكنولوجي للصادرات التونسية. ولاحظ الوزير الاول ان تحقيق الاهداف المرسومة يتطلب تعزيز اندماج تونس في محيطها الدولي والاقليمي من خلال مواصلة التفاوض مع الاتحاد الاوروبي لتحرير قطاع الخدمات الذي من المتوقع ان يوفر 63 بالمائة من احداثات الشغل الجديدة للخماسية القادمة. واضاف ان الجهود ستتوجه خلال الخماسية القادمة الى تعزيز القدرة التنافسية للمنتوج التونسي من خلال اقرار البرنامج الثالث لتنمية الصادرات لتمكين المنتوجات الوطنية من التاقلم مع خصوصيات الاسواق الخارجية. وابرز من جهة اخرى الحرص على الارتقاء اكثر بالخدمات البنكية والنقل واللوجستية فضلا عن العمل على مراجعة مجلة الاستثمارات من اجل توجيه الاستثمار نحو مناطق التنمية الجهوية ونحو القطاعات الواعدة ومراجعة المجلة الجبائية لتخفيف الاعباء على المؤسسات. واضاف الوزير الاول انه من بين الشروط الاخرى لتحقيق الاهداف المرسومة ضبط استراتيجيات قطاعية /فلاحة وصناعة وسياحة وصحة..../ يكون قوامها تعزيز المحتوى التكونولوجي لهذه القطاعات مشيرا الى ان دراسات عديدة تم الشروع في انجازها لتعزيز قدرات البلاد في عديد القطاعات على غرار الخدمات خارج بلد المنشا والصحة ولجعل تونس قاعدة تكنولوجية في محيطها. واشار الى ان تحقيق الاهداف المرسومة يرتكز كذلك على دفع التنمية الجهوية قصد اقحام كل الجهات في التنمية الشاملة مشيرا الى الاستثمارات العمومية الهامة التي حظيت بها الجهات خاصة الغربية ما بين سنوات 2007/2009 والتي فاقت التقديرات اذ بلغت 2400 مليون دينار فضلا عن رصد موارد اضافية بقيمة 2434 مليون دينار خلال المجالس الجهوية الممتازة وما مكنته ايام الشراكة والاستثمار من المصادقة على مشاريع جديدة وانتصاب 95 موءسسة اجنبية مكنت من احداث 17 الف موطن شغل . وشدد السيد محمد الغنوشي على ان رفع التحديات وتحقيق الاهداف المرسومة بالنسبة للخماسية القادمة يتطلب الالتزام بجملة من الظوابط تتعلق بالمحافظة على الموارد الطبيعية وتثمينها والاقتصاد في الطاقة والنهوض بالطاقات المتجددة والمحافظة على التوازنات المالية للبلاد وتلازم البعدين الاقتصادي والاجتماعي. واشار في هذا الصدد الى ما تضمنه المخطط الخماسي الجديد من مشاريع ترمي الى ارساء مقومات التنمية المستديمة من خلال المحافظة على الموارد الطبيعية للبلاد من ذلك حماية 400 الف هكتار من الانجراف والترفيع من نسبة الغطاء الغابي والرعوي من 13 بالمائة حاليا الى 3ر14 بالمائة من المساحة الجملية للبلاد سنة 2014 كما ابرز تطلع تونس خلال المرحلة القادمة الى الرفع من نسبة تعبئة الموارد المائية وتعزيز استعمال المياه المستعملة المعالجة بالمناطق السقوية لتشمل 16 الف و500 هكتار بما يعادل استعمال 85 مليون متر مكعب من هذه المياه فضلا عن تعميم تقنيات الاقتصاد في مياه الري في مختلف المناطق السقوية في البلاد. وسيرتكز العمل على ترشيد استعمال الطاقة غير المتجددة من خلال التخفيض في الكثافة الطاقية من 305 كغ للالف دينار من الناتج المحلي حاليا الى 275 كغ في سنة 2014 وتعزيز استعمال الطاقات المتجددة من 55 ميغاواط حاليا الى 180 ميغاواط سنة 2011 ويتمثل الهدف في توفير 500 ميغاواط أي ما يعادل 10 بالمائة من استهلاك البلاد من الطاقة الكهربائية عن طريق طاقة الرياح والطاقة الشمسية. واوضح الوزير الاول ان الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد يبقى ركيزة اساسية في تحقيق استدامة التنمية وتمكين البلاد من استقطاب الاستثمارات الاجنبية والاقتراض بشروط ميسرة مبرزا ان المحافظة على التوازنات يبقى رهين التحكم في المديونية الخارجية التي تقلصت في تونس من 43 بالمائة سنة 2006 الى 38 بالمائة سنة 2009 على ان تصل الى اقل من 30 بالمائة سنة 2014 وستعتمد تونس في ذلك على استقطاب 2ر17 مليار دينار من الاستثمارات الاجنبية والرفع من مساهمة الصادرات في النمو الى حدود 40 بالمائة مقابل 20 بالمائة خلال الفترة 2007/2009 فضلا عن استغلال ما يوفره الترفيع في الانتاجية من امكانيات للارتقاء بنسبة النمو. وابرز السيد محمد الغنوشي مسوءولية مختلف الاطراف /الدولة والبنوك والموءسسات الاقتصادية/ في المحافظة على هذه التوازنات. فالدولة مطالبة بحصر عجز الميزانية في حدود 7ر2 بالمائة مع المحافظة على قيمة الدعم في حدود 1500 مليون دينار واقرار ما يتطلبه ذلك من تعديلات تاخذ في الاعتبار المقدرة الشرائية للمواطن وخاصة من ذوي الدخل المحدود. واشار الى ان المرحلة القادمة تقتضي اقرار اصلاحات هامة على مستوى نظام التقاعد للاخذ بعين الاعتبار الهيكلة الديمغرافية للسكان في تونس اذ سينخفض عدد الناشطين بالنسبة للمتقاعدين من 4 ناشطين للمتقاعد الواحد حاليا الى ناشطين اثنين فقط سنة 2030 وبين ان العمل سيرتكز كذلك على تعزيز القدرة المالية للبنوك من خلال التقليص من نسبة القروض المصنفة من 24 بالمائة سنة 2004 الى 2ر13 بالمائة سنة 2009 على ان تنخفض هذه النسبة الى حدود 7 بالمائة في موفى 2014 وشدد على دور الموءسسة الاقتصادية في تحقيق الاهداف الوطنية ورفع التحديات المطروحة من خلال اعتماد الشفافية في المعاملات حتى تكون قادرة على تعبئة الموارد المالية بشروط ميسرة والترويح لمنتوجاتها في الداخل والخارج. واشار السيد محمد الغنوشي الى انه من ضوابط السياسة التنموية تلازم البعدين الاقتصادي والاجتماعي الذي تحرص تونس على تعزيزه من خلال مواصلة تحسين الدخل وتوسيع الطبقة الوسطى فضلا عن تمكين كل عائلة من موطن شغل او مورد رزق على الاقل، وعلى ان لا تتجاوز مدة البطالة سنتين. واوضح الوزير الاول ان التنمية الاقتصادية والاجتماعية تقترن في تونس بالتنمية السياسية التي تتجسم من خلال حرص الرئيس زين العابدين بن علي المتواصل على ترسيخ المسار الديمقراطي التعددي وتعزيز فضاءات الحوار والتشاور وفتحها امام الكفاءات التونسية من مختلف الحساسيات السياسية مبرزا دور مختلف المبادرات الرئاسية في تجذير الثقافة الديمقراطية. وابرز ما تضمنه البرنامج الرئاسي من اجراءات تعزيز مقومات الحكم الرشيد على اساس الشفافية والتقييم والمساءلة وذلك الى جانب تعزيز الشراكة بين الدولة ومختلف مكونات المجتمع المدني. واشار الى الحرص الثابت على الارتقاء بالمشهد الاعلامي حتى يتناول مشاغل المجموعة الوطنية باكثر جرأة ويبرز ثراء الحياة السياسية في البلاد وتطور الحركة الاقتصادية والثقافية. واكد الوزير الاول فى ختام ردوده ان المخطط الثاني عشر عقد جديد للتنمية يحدد معالم الطريق لرفع التحديات المطروحة وتحقيق الاهداف المرسومة مبرزا ان كسب رهانات المرحلة يقتضي تعبئة الطاقات والانخراط الفاعل للاحزاب السياسية ومختلف القوى الحية في مجهود التطوير والتحديث. واكد ان الوفاق يعد منهجا ثابتا باعتباره خير ضامن لرفع تحديات المرحلة الجديدة باوفر حظوظ النجاح.