تونس 6 نوفمبر 2010 //وات/تحرير سارة بلال// - استقرار سياسي واجتماعي.. ونماء اقتصادي.. ورفاه اجتماعي.. مكاسب ثمينة وميزات تفاضلية لتونس اليوم تمثل قطعا النتاج الطبيعي لمسيرة 23 سنة من الاصلاح والانجاز والفعل عمل الرئيس زين العابدين بن علي طوالها بعزم وثبات على ترسيخ مقومات حكم رشيد مستند إلى مبدأ جوهري مداره الولاء للوطن وخدمة المواطن. وقد استندت المكاسب التي أثمرتها تلك المسيرة والتي تحوز تباعا تقدير البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء وتثمين الهياكل والأجهزة الاممية والمؤسسات الدولية المتخصصة، الى روءية إصلاحية تحديثية أسست لتجربة تنموية رائدة على درب ترسيخ البناء الديمقراطي التعددي وتحقيق الوفاق الاجتماعي وتعزيز مقومات التنمية البشرية والاقتصادية في كنف قيم التضامن والتسامح والحوار والوسطية والانفتاح على الاخر. ويدرك المتمعن في خصوصيات نمط الحكم ومنهجية الإدارة اللذين أرساهما الرئيس زين العابدين بن علي حرص سيادته على تنزيل خياراته السياسية منذ التحول ضمن المنهج التاسيسي للحكم الرشيد حتى قبل ان تقره المؤسسات والمنظمات المالية الدولية وتعتمده كمنهج ومعيار لتقييم اداء الحكومات. وبالفعل فقد جسدت السياسات الإصلاحية المتوخاة منذ التغيير وبرامج رئيس الدولة الانتخابية والمخططات التنموية التي تم وضعها خلال العقدين الماضيين، إرادة صريحة والتزاما طوعيا بتكريس مفهوم "الحكم الرشيد" الذي يرتكز وفقا للمعايير والتعريفات المعتمدة دوليا على تسعة مبادىء اساسية هي "المشاركة" و"الاستجابة" و"الاجماع" و"سيادة القانون" و"العدالة والمساواة" و"الشفافية" و"المساءلة" و"الكفاءة والفاعلية" و"الاستشراف" فضمن مسار مقصده الاساسي الاثراء المتصل لمرتكزات المشروع التحديثي الوطني، منجزا ماديا، وإضافات تشريعية وفكرية، شهدت البلاد على مدار 23 سنة سلسلة من المبادرات الاصلاحية والإضافات التشريعية التي أسهمت في إرساء أرضية متينة لتجسيد "الحكم الرشيد" بما هو ترسيخ لعلوية القانون وتعزيز لاستقلالية القضاء وتوطيد لمنظومة الحقوق والحريات وتكريس لآليات التصرف العقلاني الرشيد في مقدرات البلاد. وقد تم الحرص ضمن المسار نفسه على دعم مبدأ مشاركة المواطن في الشأن العام انطلاقا من ايمان الرئيس زين العابدين بن علي بان تحقيق تنمية شاملة ومستديمة وعادلة ومتوازنة يستوجب بالأساس تضافر جهود كافة الفئات ومشاركة كل القوى الوطنية الحية واستثمار طاقات كل مكونات المجتمع المدني من أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات وطنية حتى تضطلع بدورها كاملا في تنشيط فضاءات ومؤسسات العمل العام السياسية منها والتنموية وتسهم في صياغة القرار الوطني ترسيخا لمبدأين متلازمين هما "تنمية الديمقراطية" و"دمقرطة التنمية". وتندرج في هذا الاطار الاستشارات الوطنية التي تم تنظيمها في عديد القطاعات، باعتبارها احدى انجع اليات المشاركة الوطنية وعنصرا هاما في منظومة الحكم الرشيد. وبالفعل فقد اتاحت هذه الاستشارات الوقوف على مشاغل مختلف الفئات في كل المجالات والاعداد للمراحل المقبلة. وحرص رئيس الدولة على بعث المؤسسات الدستورية الضامنة للشفافية والمساءلة على غرار المجلس الدستوري والهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية ودائرة المحاسبات الى جانب احداث مجلس المستشارين سنة 2005 ضمانا لمزيد من المساءلة والشفافية قبل المصادقة على مشاريع القوانين. كما اذن بتطوير التشريعات الضامنة لحرية الاعلام والرأي والتعبير وتعديل النصوص القانونية المنظمة للعملية الانتخابية في عدة مناسبات وتوسيع صلاحيات المجلس الدستوري ليشمل مراقبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية الى جانب احداث خطتي المواطن الرقيب والموفق الاداري سنة 1992 ومثل الاستفتاء العام حول تعديل الدستور الذي شهدته تونس لاول مرة في تاريخها يوم 26 ماي 2002 محطة بارزة على درب تكريس سيادة الشعب وارادته الحرة. وقد برهن توفق تونس في احتواء انعكاسات الازمة المالية والاقتصادية العالمية الأخيرة على مدى ما يتميز به تمشي رئيس الدولة من واقعية واستباق للاحداث واستعداد مدروس للمتغيرات وهو ما جلب لتونس تقدير الاوساط المالية والاقتصادية العالمية الذي تجلى بالخصوص من خلال تصنيف تونس في التقرير العالمي "بيسبوك" حول "قدرة البلدان على التصدي لتأثير الأزمة المالية الدولية" في المرتبة السادسة عالميا من مجموع 82 دولة. ويتميز المشروع الاصلاحي الوطني ببعديه السياسي والتنموي في سياق المسعى الثابت لتكريس الحكم الرشيد باربع خصائص اساسية هي "شمولية المقاربة الاصلاحية" في اطار التلازم المتين بين الابعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتنمية و"مراعاة الخصوصيات الوطنية" في عملية الاصلاح من خلال رفض استيراد النماذج الجاهزة مع الحرص على الاستفادة من التجارب الناجحة الى جانب انتهاج "مبدا التدرج" في الاصلاح ودعم "التكامل والشراكة بين القطاعين العام والخاص ومكونات المجتمع المدني" وهو ما يمثل سر نجاح النموذج التنموي والاصلاحي في تونس. وقد كان من ثمار مثابرة قيادة التغيير على ترسيخ معايير الحكم الرشيد أن حازت تونس مقومات صلابة ثمينة في عالم متغير متقلب لعل أبرزها النجاح في بناء أسس متينة للاستقرار السياسي والاقتصادي وتعزيز قدرة الساحة التونسية على استقطاب الاستثمار العربي والأجنبي فضلا عن دعم مصداقية البلاد لدى الأوساط المالية العالمية ذلك أن تونس لم تتخلف البتة رغم ما طرأ من ضغوط ظرفية داخلية وخارجية مناخية واقتصادية عن الايفاء بالتزاماتها المالية الدولية. وفي هذا الاطار يبرز تصنيف التقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس 2009-2010 تونس في المرتبة الخامسة عالميا في مجال احكام التصرف في النفقات العمومية من جملة 133 دولة شملها التصنيف وفى المرتبة 16 فى مستوى الثقة فى القرارات السياسية والمرتبة 18 فى مجال تجنب المحاباة عند اتخاذ القرارات الحكومية. ومما يعزز خصوصية التجربة التنموية الوطنية هو أن تونس تتميز بارساء نموذج ناجح للتنمية الاجتماعية يبرز من خلال التوفق إلى بناء مجتمع متوازن تتكافأ فيه الفرص بين الفئات والجهات وتتعزز مقومات المساواة والشراكة بين المرأة والرجل والتوسع المطرد لنسبة الطبقة الوسطى من مجموع السكان وتقلص نسبة الفقر والرسوخ المتنامي لقيمة التضامن التي اكتسبت منذ 2002 مرتبة دستورية فضلا الصورة المشعة التي اكتسبتها تونس كبلد للتسامح والتفتح ينتصر دوما لمنطق الحوار والتواصل بينت الشعوب والثقافات والأديان. واذا ما اعتبرنا ان تطور الشعوب اصبح يقاس اليوم بمدى نجاحها في النهوض بمؤشراتها في مجال الحكم الرشيد بابعاده الثلاثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية باعتبار ذلك الشرط والضمانة لاقرار سياسات ناجعة تكفل تحقيق تنمية شاملة عادلة مستديمة، فان الانصاف كما الموضوعية يحتمان القول بأن الرئيس زين العابدين بن علي، رجل الدولة ورجل الإصلاح، نجح في ظرف زمني وجيز في أن يضع تونس على سكة الدول الصاعدة وتوفق بالخصوص إلى أن يرسخ لدى التونسيين ثقافة الوفاق والوئام والتضامن التي تعد صمام الأمان والسند المتين لمقارعة تحديات العصر وكسب رهانات المستقبل.