تونس 9 أفريل 2010 (وات - تحرير سارة بلال)- حرص الرئيس زين العابدين بن علي منذ أكثر من عقدين على ترسيخ مقومات إدارة عصرية تتجاوز مظاهر البيروقراطية وتقوم على النجاعة والسرعة والشفافية وعلى المصداقية والجودة والمرونة بما يدعم مناخ الثقة ويعزز قنوات الاتصال بين الادارة والمتعاملين معها. ويعكس هذا الحرص قناعة سيادته الراسخة بأهمية الدور الموكول لهذا المرفق العمومي الحيوي في معاضدة جهود التنمية والارتقاء بالقدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. وقد ترجم الحرص الرئاسي على النهوض بدور الادارة عبر مد اصلاحي شمل الجوانب التشريعية والهيكلية والتنظيمية للعمل الإداري في اتجاه تبسيط الاجراءات وتيسير المسالك الادارية وتعميم نظام الجودة صلب المرافق والمؤسسات العمومية. وتعد القرارات التي اتخذها رئيس الدولة لدى إشرافه يوم الاربعاء 7 افريل الجاري على مجلس وزاري خصص للنظر في موضوع تبسيط الإجراءات الإدارية وتسريعها لدفع الاستثمار خير تكريس لهذا التمشي الاصلاحي اذ نصت جلها على تقليص الاجراءات بالتخفيف من البعض وحذف البعض الآخر وأبرزها الإذن بإحداث الشركات ذات المسؤولية المحدودة في الشبابيك الموحدة لوكالة النهوض بالصناعة بكل من تونس وسوسة وصفاقس في ساعة واحدة وفي 24 ساعة في كل الولايات بداية من 15 أفريل الجاري وذلك بالنسبة للأنشطة الخاضعة لمجلة الاستثمار. كما تندرج "دار الخدمات الادارية" التي تم احداثها بحي النصر بتونس في اطار هذا التمشي الهادف الى مزيد تبسيط الاجراءات الادارية وتقريب الادارة من المتعاملين معها وتيسير قضاء شؤون المواطنين وتقليص الآجال فهذه الدار تمثل نقطة اتصال متعددة الخدمات تمكن المواطنين من الحصول على بعض الخدمات الادارية ذات الاقبال المكثف والتي لها نفس الخصوصيات في فضاء موحد. وتساهم هذه المؤسسة في ترشيد النفقات من خلال الحد من كلفة إحداث مقرات إدارية مستقلة والاقتصاد في الطاقة فضلا عن دعم علاقات شراكة بين مختلف المصالح الادارية، إذ يضم هذا الفضاء خدمات مكاتب خاصة بالشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه والديوان الوطني للتطهير واتصالات تونس /الهاتف القار والانترنات/ الى جانب الخدمات البلدية /الادارة السريعة/ وثلاث قباضات ومكتب خاص بالمنسق العام للفضاء. وتسدي هذه المكاتب كل اصناف الخدمات المطلوبة في حين يتولى المنسق السهر على سير الفضاء والتنسيق بين كل المتدخلين وارشاد المواطنين وتوجيههم للحصول على مختلف الخدمات المؤمنة بالفضاء. كما يحرص على توفير المعلومات الصحيحة حول الوثائق المطلوبة والتراتيب المعمول بها واجال الحصول على الخدمة وتبسيط الاجراءات في تداول الوثائق ودراسة الملفات. ويعد احداث /دار الخدمات الادارية/ احد اهداف برنامج التحديث الاداري المدرج ضمن المخطط 11 للتنمية والرامي الى الاقتراب من المؤشرات المسجلة ببلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في افق سنة 2030 وتطبيق مبادىء الحكم الرشيد بالمصالح الادارية العمومية بما يجعل الادارة التونسية مواكبة للعصر. وجاء هذا البرنامج ليدعم الاصلاحات التي تم انجازها والمتمثلة بالخصوص في ارساء مخطط مركزي وقطاعي لتاهيل الادارة بهدف اختصار الاجال وتقليص الكلفة وحذف التراخيص الادارية وتعويضها بكراسات شروط وتحسين خدمات الاصغاء للمواطن من خلال بعث مكاتب العلاقات مع المواطن واحداث خطة المواطن الرقيب ومؤسسة الموفق الاداري. كما شملت الاصلاحات تحديث آليات التصرف الاداري والنهوض بالتكوين المستمر للموارد البشرية بالوظيفة العمومية والارتقاء بجودة الخدمات المسداة من خلال دعم الادارة الالكترونية واللامركزية الادارية وتعميم تركيز الادارة السريعة بهدف تقريب هذا المرفق من المواطن وترسيخ ثقافة التجديد والابتكار في مجال الادارة ودعم تكوين اعوان الشبابيك والاستقبال. ومثل تعميم نظام الجودة ليشمل كل المرافق والمؤسسات العمومية مع موفى السنة المنقضية احد ابرز اهداف برنامج التحديث الاداري وذلك لما للتأهيل الاداري من انعكاس كبير على التأهيل الاقتصادي ولدور الادارة في تعزيز مقومات التنمية الشاملة والمستديمة وتحسين مناخ الاستثمار والاعمال وبعث المؤسسات وتنشيط الحركة الاقتصادية. وقد مكنت هذه الجهود تونس من الحصول على تصنيف مشرف في مجال التصرف الاداري الرشيد اذ احتلت وفق تقرير المنتدى العالمي لدافوس سنة 2008 المرتبة الثانية عربيا بعد البحرين على مستوى شمال افريقيا والشرق الاوسط في مجال "تطور نظام الجودة". كما احرزت المرتبة 14 فى مجال "حياد الادارة فى مستوى اتخاذ القرارات" من اصل 134 دولة متقدمة في ذلك على كل من اليابان وفرنسا وبلجيكا وايطاليا. وحازت تونس ايضا حسب نفس التقرير المرتبة 16 فى مجال "الحد من تشعب الاجراءات والتراتيب" متقدمة بذلك على كل من الدانمارك وكندا وفرنسا واسبانيا. وصنف التقرير العالمي التاسع حول تكنولوجيات الاتصال والمعلومات لسنتي 2009 -2010 الذي اعده منتدى دافوس الاقتصادي العالمي تونس في المرتبة الاولى مغاربيا وافريقيا و39 عالميا من بين 133 دولة شملها التقرير. كما احتلت تونس في هذا التقرير المرتبة السادسة دوليا على مستوى نجاح الحكومة في النهوض بالتكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصال. وبالتأكيد فان هذا المسار الاصلاحي سيتعزز في الخماسية القادمة من خلال ما تضمنه برنامج الرئيس زين العابدين بن على "معا لرفع التحديات" في محوره الثالث والعشرين تحت عنوان "ادارة حديثة في خدمة المواطن والتنمية" من توجهات واهداف رائدة ستخول للادارة الدخول في مرحلة جديدة تعدها للانخراط الكامل في الاقتصاد العالمي الجديد وفي الثورة التكنولوجية الحديثة وتضمن مواكبتها للانجازات الاقتصادية والمكاسب الاجتماعية التي حققتها البلاد.